وقفت على حجم المعاناة الكبرى التي تحيط بالمخابز الآلية والبلدية التي تعتمد على الغاز والوقود في كلفة تشغيلها، وقد أبرزت ذلك في شكل تقرير مصغر، وعلمت بعد ذلك أن هذه المعضلة ما زالت لا تبارح مكانها بل ازداد الأمر سوءًا مع الارتفاع المتواصل والمضطرد لأسعار مدخلات تشغيل هذه المخابز مما جعلها تعمل وفق ظروف صعبة ومعقدة للغاية.
ومن خلال استفساراتي لأصحاب بعض هذه المخابز عن وجود حصة شهرية أو دورية من الغاز والوقود لهذه المخابز ذكروا لي أن هذه الحصة موجودة ولكنها لا تردهم باستمرار، وقد تغيب عنهم الشهور العديدة، فقلت لهم هنا مربط الفرس، وينبغي عليهم متابعة هذا الأمر بكثافة وعن كثب (عن قرب)، لتعلموا وتعرفوا الحقيقة وتدركوا إن كانت هذه الحصة قد خرجت من منبعها الذي صدّقها أم لا؟، فإن كانت هذه الحصة لم تخرج أساساً من مكان التصديق لها لأي داعٍ من الدواعي فهذا يتطلب منكم عملًا متواصلاً وجهداً مكثفاً لتوصيل صوتكم بالطريقة التي ترونها، وإن خرجت هذه الحصة ولم تصل في المواعيد المحددة أو لم تصل نهائياً، فإن هذا الأمر يستدعي المتابعة الميدانية اللصيقة منكم ومن لجان المقاومة بالمنطقة لتوقفوا هذا العبث الذي أقعد ببلادنا سنين عديدة، هل سلك بعض لجان المقاومة نفس السلوك السابق، فأصبح حاميها حراميها، أم ماذا وراء الأمر؟
وقد سعدت بنوعية الخدمات الجليلة التي يقدمها مخبز الخليجية الآلي بمدينة الكاملين على طريق مدني الخرطوم، والحقيقة كل مجموعة الخليجية تقوم بأدوار خدمية مفيدة لمواطني مدينة الكاملين وما حولها من قرى، مثل بقالة الخليجية (السوبر ماركت)، والقشارة الحديثة، وجميعها أعمال يشكرون عليها كثيراً لأن أسعارها مناسبة وتختلف عن بقية المحلات التجارية الأخرى، فالمخبز يشتري الدقيق التجاري مثله مثل الآخرين، ولكنه يبيع الرغيفة الواحدة بمبلغ (٦) جنيهات عكس المخابز الأخرى التي تبيع الرغيفة بعشرة جنيهات وهم يضغطون على أرباحهم كثيراً رغم ما يعانون منه من انعدام وسائل التشغيل مثل الغاز والوقود ويتحملون مصاعب جمة في ذلك.
وقد أخبرني بأسى بالغ وتأثر شديد السيد أحمد قاسم كامل العمري المشرف على مخبز الخليجية عن معاناة كافة المخابز، وذكر لي أنهم في مخبز الخليجية يقومون بشراء برميل الجازولين من السوق الأسود بمبلغ (35) ألف جنيه، والجازولين التجاري الذي يحصلون عليه بشق الأنفس بمبلغ (27) ألف جنيه وبعد معاناة مع الطلمبات، وكان يصلهم بالسعر المدعوم بعشرة آلاف جنيه، والغاز معدوم تماماً ولا يوجد حتى في السوق الأسود وفنطاز الغاز يعادل عشرة براميل، وحينما يذهبون لولاية الجزيرة للحصول على الغاز يقولون لنا إنكم تتبعون لولاية الخرطوم التي لا يهمها أمرنا ولا تشتغل بنا ونحن نقع في ولاية الجزيرة، فكيف يستقيم هذا الأمر، كما أنهم يدفعون شهرياً لإدارة المياه مبلغ (٢٥٠٠) جنيه إضافة للارتفاع المستمر في أسعار الزيت والملح والارتفاع الجنوني للخميرة، وهذه أس الصعوبات العظمى المعيقة للعمل.
وهنالك ارتفاع أجور العاملين في المخبز فترة بعد أخرى أو حيناً بعد حين، ومن أنواع المعاناة أيضاً التي تكبدهم خسائر فادحة القطوعات المستمرة للتيار الكهربائي مما يضطرهم لتشغيل المولد الكهربائي (الجنرتير)، مما يزيد من أعباء التكلفة عليهم لأنه أيضاً يعمل بالجاز المعدوم والغالي، إضافة إلى بقية منصرفاته الأخرى المتمثلة في الزيت والإسبيرات وغيرها.
وقد تعاطف حفيد العمري كثيراً مع مواطني مدينة الكاملين التي عدّها مدينة غير تجارية وغير صناعية ولا توجد بها وسائل إنتاج البتة، ولذلك هي مدينة استهلاكية من طراز فريد، وهم يقدمون لهم هذه التسهيلات العديدة رأفة بهم لأن معظمهم موظفين من ذوي الدخول المحدودة وأرباب معاشات لا توجد لهم مصادر دخل إضافية غير رواتبهم وأجورهم إلا من رحم ربي.
لذلك هم يناشدون المسؤولين في الدولة ولايتي الخرطوم والجزيرة ومحلية الكاملين بتقدير خدماتهم وتسهيلاتهم وأن يضعوها في عين الاعتبار أن يقفوا بجانبهم ويسددوا رمي إعانتهم للمواطنين ويوفرون لهم الاحتياجات الأساسية والضرورية لتشغيل المخبز من الغاز والوقود لأن سعرهم معقول وفي متناول يد جميع المواطنين والقاطنين.
ومن هنا نبعث رسالة هؤلاء لكل المسؤولين المباشرين لهذا الأمر ونقول لهم إن الدولة التي لا تهتم بمثل رجال الأعمال الوطنيين المخلصين غير جديرة بالاستمرار والوجود، وعلى جميع مواطني مدينة الكاملين ومحلية الكاملين ممارسة الضغوط على لجان المقاومة لمعرفة أسباب هذا العنت والضنك الذي تعانيه المخابز في المنطقة، ومعرفة لماذا لا تصل حصة الغاز والوقود لها وأين تذهب هذه الحصة المقررة حتى وإن اقتضى الأمر تسيير المليونيات لإيصال الأصوات لأن ذلك ارتبط بأمر معاشهم.