أزمة الفشقة.. استهداف سلام واستقرار السودان..!
تقرير/ عبد الله عبد الرحيم
لا زالت الاتهامات المتبادلة والتحركات العسكرية على جانبي الحدود بين السودان وإثيوبيا، تجد الكثير من الاهتمام، بينما تطوّرات الأحداث هناك تمضي نحو جعل واقع المواجهة بين البلدين عسكرياً شبه حتمي.. وتطوّرات الأحداث هذه المرة يأخذ منحى آخر حينما كشفت مصادر موثوقة وفقاً “لسودان تربيون” عن حشود عسكرية إريترية جديدة بدأت في الانتشار على الحدود الإثيوبية قبالة الفشقة الصغرى السودانية. وأفادت أن القوات الاريترية شاركت الجيش الإثيوبي في حربه ضد جبهة تحرير التقراي تقدمت صوب “وادي الغراب” تجاه منطقة “بركة نورين” بمحلية القريشة الواقعة في الفشقة الصغرى. وقدرت المصادر (القوات الإرترية) بنحو ألفي مقاتل قالت إنهم مزودون بأسلحة ثقيلة دون أن تستبعد دخولها عبر منطقتي “الحمرة” و‘‘عبد الرافع” لإسناد معارك ترتبها قومية الأمهرا ضد الجيش السوداني.
وتعتبر هذه القوات الدفعة الثانية، حيث سبق من قبل تواجد قوات إرترية في منطقة عبد الرافع قادمة من منطقة حلاقيم. وترجّح المصادر أن تعمل هذه القوات على إسناد عمليات عسكرية إثيوبية جديدة ضد الجيش السوداني في ظل استزراع الأثيوبيين أكثر من 300 ألف فدان بعمق 22 كلم داخل الحدود السودانية من اتجاه بركة نورين.. فيما تنتشر المليشيات والقوات الأثيوبية في تلك المنطقة لوجود عدد من المستوطنات والكنابي الزراعية الأثيوبية منها مستوطنة “اللي” التي تستقر فيها قوات أثيوبية بعتادها العسكري عالي التجهيز كما تضم المستوطنة آليات زراعية وهندسية استخدمت في فلاحة المساحات الزراعية السودانية وتشييد وسفلتة الطريق الأثيوبي داخل الأراضي السودانية بطول 137 كيلو، وهو الطريق الرابط بين مناطق المتمة الإثيوبية وشهيدي وعبد الرافع… فما هي السيناريوهات المتوقعة من انضمام إريتريا للجانب الإثيوبي وأي دور تريد إريتريا أن تلعبه في هذا الملعب المتأزم والمثقل بالصراعات الحدودية بين البلدين “السودان وإثيوبيا”.
تداعيات الصراع
وظلت الخرطوم تطالب الجانب الأثيوبي بضرورة العمل على ترسيم الحدود عبر اللجنة الثنائية التي تكونت بين البلدين بيد أن الجانب الاثيوبي ظل يماطل بناء على تصريحات مسؤولين سودانيين قبل تصاعد عمليات التصعيد بين البلدين على الحدود.
وبحسب مراقبين أن اجتماعات اللجنة السياسية العليا المشتركة للحدود بين البلدين فشلت في التوصل إلى اتفاق على أجندة الاجتماع الذي عُقد بالخرطوم أواخر الشهر الماضي من العام المنصرم. ولم تعقد اجتماعات اللجنة التي كانت متوقعة في السادس والسابع من هذا الشهر بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا دون أن يقدم أي من الطرفين تفسيراً بينما تقوم إريتريا بحشد قواتها على الحدود مع إثيوبيا على امتداد الحدود الشرقية للسودان بالقرب من الفشقة الصغرى، يرى مراقبون أنها لدعم الجانب الأثيوبي في حربه مع عشيرة التقراي التي تعمل على استقلال إقليمها.
بيد أن هذا الأمر حسب مراقبين من شأنه أن يفرغ الجيش الاثيوبي للدخول في صراعات وحرب مع السودان على الحدود بينهما عقب تشدّد في المواقف شهدته المنطقة مؤخراً وربما أدى هذا إلى إطالة أمد الصراع وتدفق اللاجئين الإثيوبيين داخل الأراضي السودانية على نحو ما يجري يومياً.
استهداف سلام السودان
ويشير رئيس الأركان الأسبق للقوات المسلحة الفريق عثمان بلية لـ(الصيحة)، بأنه ليس وارداً دخول إريتريا كطرف في الصراعات بين السودان وإثيوبيا داعمة للجانب الإثيوبي، وقال إنها لا يمكن لها محاولة إشعال حرب ضد السودان تعرف نتيجتها، والتي قد تكون وبالاً على المنطقة كلها، فيما يمتاز السودان بأراضٍ زراعية واسعة ولا تعنيه إريتريا بشيء، أو الرغبة في أراضيها، ما يدفعها لدعم الجانب الأثيوبي في هذه التداعيات بين البلدين.
وأشار رئيس الأركان إلى أن ما يجري على الأرض من الجانب الإريتري قد يأتي للدفاع عن أراضيها وتأمين حدودها مع إثيوبيا لما يجري بينهما من عداء مبطن لسنوات طويلة، وغير وارد أنها تسعى للدخول في حرب مع السودان.
وأكد بلية أن إثيوبيا ثبت تورطها في إستغلال الأراضي السودانية زراعياً وسكنياً، بجانب أنها كانت كثيرة التعدي على المزارعين السودانيين ومحاولتها خلق عدم استقرار على الحدود بين البلدين. وأكد بلية أن إثيوبيا تقوم بهذه التعديات والمواجهات مع الجانب السوداني بدعم جهات ودول خارجية لم يسمها، بهدف إعاقة جهود الحكومة السودانية في السلام واستقرار البلاد، عقب توقيع اتفاق سلام جوبا وخلق مصالحات كبيرة مع جميع أطراف الأزمة السودانية.
ظهور دحلان
ولم تخف مصادر لـ(الصيحة) تخوفها من ظهور دحلان في مقاطع نشرت الأسبوع الماضي وهو يتجول داخل الحدود الإثيوبية المتاخمة للجانب السوداني بمعية مسؤولين إثيوبيين. وقال مراقبون إن هذا الوجود في هذه الفترة يشير إلى أن ثمة أيادٍ وبعداً آخر للأزمة التي استفحلت بصورة دراماتيكية بين الجانبين السوداني والاثيوبي. بيد أن إثيوبيا وهي تدافع عن قيام مشروعها سد الألفية (سد النهضة)، وجدت الكثير من المعارضة من الدول التي يؤثر فيها قيام السد وبصورة ما مصر والسودان، وأن كل هذه التداعيات ربما تصب في دعم قيام السد الذي أخذ السودان مؤخراً موقفاً لا تريد الحكومة الأثيوبية تجاوزه وهو فيما يتعلق بعملية ملء بحيرة السد والفترة الزمنية المقررة لذلك.
تعنّت إثيوبي
وكان المتحدث باسم مجلس السيادة السوداني محمد الفكي سليمان كشف عن تواجد الإثيوبيين في 17 موقعاً داخل الحدود السودانية، وأن الجيش السوداني يعمل على استردادها في وقت تصف فيه إثيوبيا الأمر بالاعتداء على أراضيها. وطالب سليمان إثيوبيا بالخروج عن الأراضي السودانية وأن بلاده لا تريد إشعال الحرب بين البلدين ولكن عدم خروج إثيوبيا من موقعين من الأراضي السودانية يفرض على الجيش العمل على استردادها، مؤكداً عدم رغبة السودان في الدخول في حرب مع الجارة إثيوبيا..
وتشهد العلاقات بين السودان وإثيوبيا توتراً لافتاً بعد أن أعاد الجيش السوداني في نوفمبر الماضي انتشاره وتمركزه في مناطق الفشقة على الحدود الشرقية لأول مرة منذ عام 1995 حيث ظلت تستغلها إثيوبيا عبر مليشياتها منذ ذلك التاريخ في الوقت الذي تصف فيه إثيوبيا هذا الوضع بمحاولة إشعال الحرب بين البلدين.