كانت تُقال في الزمن الجميل وتُردّد كثيراً: محمد ميرغني وشيخ إدريس كباشي.. تشابه الوتر والكفر!!
كتب: سراج الدين مصطفى
التجارب العظيمة:
التجارب العظيمة لا تنشأ من فراغ.. بل تنشأ من تجارب عظيمة أيضاً.. ولعل تجربة الفنان محمد ميرغني يمكن وصفها بالتجربة العظيمة لأنها استندت على تجربة الراحل الكبير أحمد المصطفى، وكانت لها تأثيراتها المباشرة في مساره الفني.. وهو لا يتورع أن يحكي عن ذلك ويقول بكل فخر بأنه خريج جامعة العميد أحمد المصطفى.. كما يحكي هو نفسه، ويقول:
في حي السيد مكي:
في حي السيد مكي بأم درمان تفتحت مشاعرنا وأحاسيسنا وحلقت أرواحنا في سماوات الإبداع الفني والأدبي والاجتماعي، حيث كان الكروان كرومة والأديب الشاعر دكتور كامل الباقر، والشاعر إسماعيل عبد الرحيم الذي كتب أغنية فؤادي لحمد المصطفى، وصاحب الإنشاد الشعري الفريد الأستاذ أحمد عمر الشيخ، والشاعر الخالد حسن عوض أبو العلا، وكانت أماسينا معطرة بأريج المتصوفة الفواح وبالإنشاد والذكر ترتقي الأرواح أعلى درجات السمو.
الشرارة الأولى:
أحببته منذ نعومة دواخلي وصدق إحساسي الطفولي سرى في وجداننا وسحرنا, أسرنا وجرى فنه فينا مجرى الدم.. لازلت إلى اليوم أذكر أول نغم من صوته وأنا طفل أتسلق أعمدة شباك منزل المرحوم حسن عوض أبو العلا الكائن بالقرب من منزلنا بحي السيد مكي، وكان يردد (أنسى الفؤاد يا قاسي وإذ هواي يا ناسي حياني حب ومآسي قاسيت كتير وبعاني)، كانت هذه هي الشرارة الأولى في دوران حركة الإبداع بيني وبين الأستاذ أحمد فكان أن تنسمته شربته حفظته فناً حقيقياً يملأ الجوانح ويسكن الوجدان.. علمنا الأستاذ فنون أدب الغناء, علمنا سلوكيات الفنان, علمنا كيف نغني ونختار الغناء، علمنا وعلمنا وعلمنا.. وعلمني أنا علمني.. لك الرحمة والمغفرة أستاذي ومعلمي الرائع .
الوجه الآخر:
العديد من مبدعينا تعرفنا عليهم عبر إبداعهم المطروح، ولكن الكثير منهم يحمل عدة أوجه للإبداع.. والوجه الآخر أو المخفي يظل دائماً هو الأجمل.. لأنه يحمل بعض التفاصيل الحقيقية.. وبما أننا شعب لا يتحمل من المبدع أي شكل إضافي آخر ذلك ساهم في تغييب بعض الجوانب الأخرى المبدعة..
الفنان الجميل محمد ميرغني، اشتهر بأنه كان لاعب كرة قدم مهاري بنادي الأمير البحراوي، وتميز بالسرعة وبمهاراته الفنية العالية، وكان يشغل خانة الجناح الأيمن وجمـع بين (الكفر والوتر)، ومن عاصرهم بنادي الأمير خلال تلك الفترة عمر أبوشمة وعبد الله بركية، وإبراهيم عمر، وسمير حسن بابكر، وعبد القادرأشولي وغيرهم وساهم مع زملائه في صعود الأمير في العام 1961م إلى دوري الدرجة الأولى . .
مع شيخ أدريس كباشي:
وهو من محبي نادي الهلال العاصمي ومن المداومين على حضور مبارياته من داخل الإستاد.. ولاعبه المفضل الراحل الرهيف الحريف شيخ إدريس كباشي (أفضل مدافع في تاريخ الكرة السودانية)، ويربط الكثيرون بينهما ويقولون من باب التشبيه: كورة شيخ إدريس تشبه غناء محمد ميرغني، أوبمعنى آخر من لم يشاهد شيخ إدريس كباشي يلعب فليستمع إلى غناء الفنان محمد ميرغني .