قال الشاعر سعدي الشيرازي الذي عاش في القرن الثاني عشر ومات في القرن الثالث عشر الميلادي، أي عاش أكثر من مائة عام، حيث قيل له كيف عُمِّرت كل هذا العمر؟ فقال (أحببت كثيراً ولا شئ كالحُب يطيل العمر.. وإنّ الكراهية تقصف العمر.. والحقد يدفنه.. أحبوا.. أحبوا.. تطل أعماركم)، عمدت للاستهلال لك بكلم عن الحب والإخوة، لأنها أقوى من عتب الكلام وحظ النفس في الانتصار، وانتخبت لك بعض كلمات من الشاعر (سعدي الشيرازي)، لعلمي أن لك قلباً مُولعاً بمحبة أولئك القوم في شيراز وتهرون كما ينطقها أهلها، فالحب والإخاء يبقى بيننا وتبقى أن الحقيقة مع مَن منا لا تضير فقط ما يضير أن نجحدها أو ندغمسها بلغة أهلنا الطيبين.
وأعود بك إلى موضوعونا، نحن المجموعة التي وقع عليها قرار الفصل من لجنة إزالة التمكين وتعاون كبير من لجنة إزالة التمكين بالهيئة ومدير الهيئة وعددهم (79) من منسوبي الإذاعة والتلفزيون، والذي رآه من وقع عليهم أنه قرارٌ مُجحفٌ بحقهم وانتصر لهم آخرون كثر قالوا بذلك، ولذلك سلكوا في مُناهضة ذلك القرار مشاوير مُتعدِّدة، منها الاستئناف الى لجنة وطنية مُعلنة برئاسة عضو مجلس السيادة الأستاذة نيكولا وهي لجنة معروفة، وأوصلوا استئنافهم لها باكراً، والآن مضى عليه شهر وهم منتظرون، وأتبعوا ذلك بالطعن الإداري لجهات الاختصات ولا يزالون ينتظرون، وتقول لجنة المفصولين إن ما اتّخذته من خطوات أعلاه هو ما يُمكن لك وغيرك أن يسميه تقاضياً أو شكوى أترى في ذلك غضاضة؟ ثم من بعد ذلك سلكوا دروباً أخرى لا يمكن لك أو غيرك أن يُسمِّيها قسراً شكوى ما دام أهلها لم يقولوا بذلك أو يقروه، فلماذا أخي مريود تُسَوِّد الصحف بغير الحقيقة؟ فعالم اليوم تقوم عليه طلائع العمل المدني وهي مُنَظّمات ومُؤسّسات العمل الطوعي الرسمية الدولية والإقليمية من لدن عصبة الأمم والأمم المتحدة وتفريعاتها والاتحاد الأفريقي والمنظمات الطوعية الحكومية وغير الحكومية، وهذه الآن استطاعت أن تأخذ لها شرعية وأصبحت تُعرف بـNew government s ، فالأمر ليس سرياً وليس خيانة أو ارتماء في أحضان الأجنبي، وإلا لما سمح الشعب السوداني الكريم لحملة الجنسيات والجوازات الأجنبية أن يتولوا كل كابينة القيادة العامّة والخاصّة في الدولة السودانية الآن، ومنها منصب مدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، والذي تقول إننا شكوناه لمديره السابق في الـBBC، وقلنا لك ولبعض من يلحِّنون القول إنها ليست شكوى، وتصر أنت أن تكون ذات الشوكة لك!!
والشئ بالشئ يُذكر كما يقولون، ونسألك مَن شكا مَن؟ واسأل صاحبك لقمان كيف وكم كانت حجم الحجج والأسانيد والدُّفوعات التي قدّمها شاكياً وطنه لينال الرضاء من قيادات تلك البلاد الغليظة، حتى منح اسمها ورسمها وجوازها، ولك أن تعلم الآن أبو (الريد)، إن السيد لقمان وهو في السودان لو أن حَجراً سُودانياً أعثره لعلمت به السفارة ذات الأسوار العالية، ونحن لم ننكر عليه ذلك، وأنت تنكر علينا أننا فقط أخطرنا رئيسه السابق في المجال الإعلامي الذي يجمعنا بهما مجال وطبيعة العمل والذي تدرّب هو وبعضنا على يد مدربين، منهم على بعض قيم قالوا لنا إنها نبراس العمل الإعلامي ولا يصح العمل إلا بها منها (الصدق والشفافية والمُحاسبية وعدم الظلم)، رميتنا بذلك أخي مريود وازددت عليه كيل أباعر كثيرة، ذلك أن ربطت أمرنا بخيانة وطن واحتملناك وأنت لم تحتمل أن ربطنا بينك والسيد (لقمان)، فبادرت الى نفي أي صلة لك به غير تلك التي جمعتك به في نيويورك، ولعلك من حيث تدري أو لا تدري أشرت فيها لحديث عن شكوى كاد أن يقدمها الى إدارته في الـBBC جرّاء ما تعرّض له من حكاية حكوتها وتدخّل السفير المرموق جداً عندي (عبد المحمود) وإعادة التسجيل، وأقول لك وهذه من خلال خبراتنا في الخدمة المدنية، ولو لا تدارك الأمر بالتسجيل لوقعت المُساءلة ويبقى الكلام بين السائل والمُجيب أحد أشهر برامج هيئة الإذاعة البريطانية.
وأقول لك أخي مريود صدقاً لا تعلم حجم الألم الذي بلغنا جرّاء ذلك القرار الكئيب بعد ثلاثة عُقُودٍ قضيناها أياماً وشهوراً وسنوات، خُطىً مشيناها، اجتهدنا فيها ما بلغ الجهد والوسع زادنا فيها حمل أمانة، لم نتلوّن أو نتكسّب بها أو نحني رؤوسنا لأحدٍ إلا لما نراه صواباً ما استطعنا وقد آلمنا بعد هذا كله يأتي أناس تولوا أمانة عمل عام، فحكموا علينا بما ليس فينا، وسكت من ظن البعض فيه أن تشرب قيما تحول بينه وبين الظلم.. وتأتي أخي مريود وتقول إن هذا فصل سياسي؟! وهل السياسة عندنا وفي بلاد الإسلام ميكافيلية غايتها تبرِّر وسيلتها ونظلم جرّاء.
أقول ختماً، إن زملائي عازمون على المُضِي بهذا الأمر مُنتهاه، ويعلمون تماماً ما يفعلون رغم أن كثيراً منهم أكدوا عدم الرغبة والعمل في أجواء انتقامية كما تفضّلت الست الوزيرة، ولكنهم يفعلون كل ذلك انتصاراً للحق وحمايةً لإخوة وأخوات، لهم حتى لا يتعرّضوا لمثل ما تعرّضوا من حيفٍ وظلمٍ.
ودُمتم،،،
مستور آدم إسماعيل
تلفزيون السودان (مفصول)
مستور آدم اسماعيل