كان خنزيراً..
كان خنزيراً في قذارة جسده؛ وأقرب الناس إليه ما كان يستطيع دخول غرفته..
وخنزيراً في قذارة أفكاره أيضاً؛ رغم جمال بنائها النظري..
ولكنا كنا به معجبين؛ كارل ماركس..
أو بأفكاره هذه قبل أن يتبيّن لنا مدى ما فيها من قذارة..
وآخرون – منا – كانوا معجبين حتى بقذارة جسده هذه..
وتشبّهوا به شعثاً… ووسخاً… وقرفاً؛ وفوضى في الملبس… والمظهر… و(الغرف)..
ثم قُدر لي أن أهرول خارجاً من غرفة أفكاره… يوماً..
وذلك حين رأيت ما حل بأكثرنا تمثلاً به؛ فكراً… وجدلاً… وشكلاً… وقذارة غرفة..
فقد كان أقسم بشرفه على فعل شيءٍ ما… صباحاً..
وزاد على قسمه هذا عبارة (إن شاء الله أو لم يشأ سأفعل)… تباهياً بماديته الجدلية..
ولكنه لم يفعل الشيء الذي عد به..
بل لم يفعل أي شيء مذ ذاك الصباح… والصباحات التالية؛ إلى يوم القيامة..
والشيء الذي كان وعد به هو ثلجٌ للرحلة..
فقد دخل عليه بعض أهله غرفته القذرة لإيقاظه – صباحاً – فوجدوه جثة هامدة..
همد – فجأة – من كان حتى الأمس يهد حائطاً بيده..
وانهدت قناعات نفر منا بكارل ماركس… وفلسفة ماركس… ومادية ماركس..
أو ربما انهد أمامنا بناؤه الهرمي الفكري..
واستقام كما بناه هيجل لأول مرة؛ قبل أن يجعل ماركس قمته هي القاعدة..
وصار المطلق هو رأس الهرم؛ أي الروح..
والمادة هي قاعدته؛ ومن غير الروح هذه تصبح المادة أشبه بجسد صاحبنا ذاك..
وبقذارة غرفته – وغرفة ماركس – أيضاً..
وإلى هنا يبدو كلامنا هذا معضداً لرأي أهل الإنقاذ – من الإسلاميين – عن الشيوعيين..
بل وربما (وقع لهم في جرح)… سيما هذه الأيام..
فما من يوم يمر وإلا انهالوا على الشيوعيين ذماً… وقدحاً… وتخويفاً للناس منهم..
ونسوا أن الناس إنما باتوا يخشونهم هم… من بعد تجربة..
بل كانت تجربة طويلة – لنحو ثلاثين عاماً – ساموهم فيها العذاب؛ باسم الدين..
ومع العذاب هذا كذبٌ… وغش… ومكر… وخداع..
وكل الذي فعلوه تحت رايات الدين هذا لا يمكن أن يفعله الشيوعيون… باسم الأخلاق..
وهي الأخلاق ذاتها التي يدعو إليها صحيح الدين..
فما يهم الناس – إذن – هو أن يحكمهم من لا يخدعهم… ولا يغشهم… ولا يسرقهم..
ولا يهم – من بعد ذلك – إن كان الرادع سماوياً… أو وضعياً..
فصلة من يلي أمراً من أمورهم مع الله هو شأن يخصه؛ ولا دخل للناس به..
فإن أدخله الجنة فلن يُدخل معه الناس هؤلاء..
وهذا بافتراض أن الشيوعيين جميعاً هم من شاكلة صديقنا ذاك؛ الذي نام… فمات..
فالذي أعلمه أن غالبهم يصلي… ويصدق… ويستقيم..
ويندر أن يُضبط أحدهم في موضع يصعب عليه الدفاع عنه أمام حزبه… والناس..
والحاج وراق – الشيوعي سابقاً – لم أر أكمل خلقاً منه..
وأجزم أنْ لو كان ثلث أهل الإنقاذ بثلث أخلاقه هذه لما امتلأت تجربتهم (بالقذارة)..
ولما امتلأت خزائنهم بمال الشعب الحرام..
ولما كان أصدق توصيف – لكثيرين منهم – هو الذي أطلقناه على عدوهم الأكبر..
خنـــــزير !!.