أبناء الفنانين .. لَيس كُل ابن وِز (عَوّام)
الخرطوم- نيازي أبو علي
لم يفلح أبناء عدد من الفنّانين وليس جلهم، في مواصلة مشوار آبائهم من كبار نجوم الفن والإبداع من جيل الزمن الجميل، الذين ملأوا الساحات فنّاً راقياً وعطاءً ثراً، ظلّ راسخاً في ذاكرة المُستمع إلى يومنا هذا، وذلك لإيمانهم القاطع بـأنّ (ابن الوز عوّام)، وينطبق ذلك المثل خاصة على الذين يربطون المسيرة الإبداعية باقتران أسمائهم بأسماء آبائهم بالأوراق الثبوتية، ويمثل الأمر لديهم تأشيرة دخول لعالم الفن والغناء والتّواصُل مع الجمهور بالساحة الغنائية.
نماذج حاضرة وأسماء رنّانة عديدة، لا تسمح المساحة بذكرها جميعاً.. هي التي شنفت آذاننا بجميل الأغنيات من خلال عطائهم الثّر، وهم الذين شكّلوا وقتها بستاناً من الإبداع، وباقة من باقات الطرب الأصيل كلمةً ولحناً وأداءً.
من الأسماء التي لم يستطع أبناؤهم مواصلة دروب آبائهم الفنانين، عبد العزيز محمد داؤود، خضر بشير، محمد وردي، سيد خليفة، حمد الريح، شرحبيل أحمد، صلاح بن البادية والفنانة حنان بلوبلو.
من جهته، اعتبر أستاذ علم الأصوات ياسر عبد الكريم، مسألة الفن الغنائي واحدةً من أشكال وتنوُّع الإبداع المُرتبطة بعدة عوامل، أولها الخامة الصوتية (الموهبة)، وهذه من المنح الربانية التي يختص بها (الله) المُبدعين، وهذا ما نُطلق عليه أنّ فلاناً (فنان بالفطرة) وغيرهم.
من المخلوقات التي تجسّدت فيها هذه الفطرة، هناك شقشقة العصافير التي لم تُدرَّس في كلية موسيقى، أما المسألة الثانية فهي مسألة التدريب والتي ترتبط بتوظيف الخامات الصوتية حسب الطبقات المعروفة. بهذا المفهوم أستطيع القول إنّ الفن لا يُورَث ولا يُكتسَب ما لم تكُن هناك بذرة طبيعية في خامات الأصوات.
“أعيش في جلباب أبي”.. وزاد ياسر: هذا الفهوم يُفسِّر فشل كثير من أبناء المطربين الكبار للسير في طريق آبائهم الفني أحياءً كانوا أو أمواتاً، فضلاً عن أنّ هُنالك مُبدعين في مجالات غير الفن الموسيقي أنجبوا مُطربين وفنانين في مجالات أخرى، مما يُؤكِّد صحة مقولتي، والمطربة الشابة رؤى محمد نعيم سعد كريمة الفنان المسرحي محمد نعيم.
ويرى الأستاذ محمد عثمان الحلاج أنّ القيمة الفنية العالية التي قدّمها كبار الفنانين هي مَن لا تعطي الفُرصة لترديدها مرةً أخرى، وهي من تكشف الإمكانات، وزاد: ليس ذلك يعني عدم وجود الموهبة بداخل عددٍ من أبناء الفنانين، فهُنالك من نجحوا في تقديم فنٍّ راقٍ يُحسب لهم وأجادوا التجربة، ولكن تبقى الاستمرارية وتقديم الأعمال الجديدة هي سَيّدَة المَوقِفْ.