الخرطوم / الصيحة
أعلنت إثيوبيا، وضع حجر الأساس لسد جديد في إقليم أمهرا، تصل طاقته التخزينية إلى 55 مليون متر مكعب من المياه، لري وتطوير (7) آلاف هكتار “نحو 17.298 فداناً”. وأعلن وزير المياه والري والطاقة الأثيوبي، سلشي بقلي، ورئيس إقليم أمهرا، أغانجه تشاغر، وفقاً لهيئة الإذاعة الأثيوبية وضع حجر الأساس لسد “أجما شاشا” الجديد.
وبدأ الكثير من المراقبين ينظرون للخطوة على أنها خطوة تصعيدية لجهة أن السودان بدأ مؤخراً يتخذ خطوات في سبيل الحفاظ على حقوقه تم ربما تم تفسيرها من قبل الجانب الأثيوبي بالتصعيد في طريق إنهاء مكملات سد النهضة (الألفية) بحسب ما أسمته إدارة أبي أحمد لضخامته. وقد فضل السودان عدم تجزئة الاتفاقيات في مجال سد النهضة والعمل على بحث الحلول لمسألة ملء بحيرة السد برضا كافة الأطراف دون أن تنفرد إثيوبيا بحيثيات القرار والتنفيذ وبعيداً عن رؤية الخبراء في مجال المياه والسدود.
فيما يرى آخرون أن الخطوة تمهد لمحاولة عزل إثيوبيا كافة الأفرع والأنهار التي تنحدر من هضبتها تجاه السودان عقب إشتداد الخلافات على ترسيم الحدود بينهما عقب اشتداد الصراع في منطقة الفشقة السودانية والتي ظل الإثيوبيون يستغلونها في الزراعة لفترة طويلة.
وأثارت مطالبة السودان باسترجاعها حفيظة المستفيدين من استغلالها من المزارعين الإثيوبيين وحكومات إقاليمهم المتاخمة للأراضي السودانية، ساعد هذا على زعزعة الأمن والاستقرار بالمنطقة التي شهدت موجة هجرة وعنفاً إثيوبياً أدى إلى تهجير قبيلة التغراي إلى الأراضي السودانية ودخول أكثر من 56 ألف لاجئ إثيوبي إلى الأراضي السودانية ومدنه.
تطوير وتخزين
ولا تزال الخلافات تشوب المفاوضات الجارية بين أديس أبابا من جهة، والخرطوم والقاهرة من جهة أخرى، بسبب سد النهضة، الذي يرى السودان أن استمرار ملء بحيرته سيؤثر بشدة على سد الروصيريص وعلى القاطنين على ضفاف نهر النيل. ويقع سد “أجما شاشا” في منطقة شمال شوا بإقليم أمهرا، ويصل ارتفاعه إلى 45.5 متر، بطول 371 متراً، ومن المقرر استكمال بنائه في ثلاث سنوات، بتكلفة تقدر بـ125 مليون دولار وتقوم بتشييده شركة الهندسة المدنية الصينية بالتعاون مع مؤسسة أعمال المياه والبناء التابعة لإقليم أمهرا.
وقال وزير الرى إن سد “أجما شاشا”، سيمكن أثيوبيا من تطوير 7 آلاف هكتار من الأراضي، تستفيد منها أكثر من 28 ألف أسرة.
سيناريوهات متعددة
ويرى د. كمال الدين بشار خبير المياه والسدود لـ(الصيحة)، أن لإثيوبيا دراسات قديمة لأكثر من خمسة خزانات وسدود على مجرى الأنهار والأرجل التي تمد نهر النيل بالمياه، وفي كافة المجاري أيضاً التي تؤدي للنيل. وزاد كمال إن الدراسات جاهزة وهي عبار ة عن مجموعة من الخزانات سوف تنشئها على مجرى الأنهار التي تصب في حوض نهر النيل.
وحول ما إذا كان استخدام هذا السد والخزان لغرض سياسي نكاية في السودان الذي قام باستعادة أراضيه (الفشقة) ونزعها من المزارعين الإثيوبيين الذين ظلوا يستغلونها لعقود طويلة بجانب رفضه الاتفاقيات حول ملء بحيرة سد الألفية، أكد بشار أن هذا الأمر وارد، ويمكن أن تريد إثيوبيا من ذلك الكيد السياسي للسودان واستخدام هذا السد ككرت ضغط لإجبار السودان ومحاولة عدوله عن قراراته السابقة بالشأن الأثيوبي، لكن بشار أفاد بأن هذا الاستخدام يمكن أن يكون أثره محدوداً لجهة أن طبيعة الأراضي الزراعية التي تقع على الحدود بين البلدين لا تحتاج لمياه كثيرة بصورة تدفع البلد الجارة للسودان من إقامة سد على تخومها للحيلولة دون انسياب المياه للأراضي الزراعية في السودان.
وقال: إذا نفذت إثيوبيا هذا الأمر، فإن أثره سيكون محدوداً. بيد أن بشار يرى أنه ربما تريد إثيوبيا استخدامه لأجل الكسب السياسي ليس إلا، لأنه ليس بالحجم المؤثر.
سياسي تعبوي
ولكن الخبير في مجال المياه د. عثمان التوم فيرى أن الهدف الكلي من إنشاء هذا السد هو سياسي وموجه لجماهير الداخل الأثيوبي، مؤكداً أن سعة السد الذي يراد إنشاؤه على رافد من الروافد التي تصب في النيل الأزرق تبلغ جملتها الكلية (55) مليون متر مكعب من المياه وهي نسبة بحسب التوم أقل من احتياج مشروع الجزيرة للمياه لمدة يومين فقط، والذي يحتاج في اليوم الواحد لـ(37) مليون متر مكعب من المياه، وقال إن القناتين (المناقل والجزيرة) اللتين تغذيان المشروع بالمياه من سد سنار حمولتهما القصوى (30) متر مكعب، ولكن إدارة الري تشغلهما اليوم بأكثر من (37) مليون متر مكعب في اليوم وهو بمثابة الخطر الذي يهدد مشروع الجزيرة، وقال: إذا ما انكسرت ترعة واحدة فإنها تعرض المشروع كله للفشل وتضع حداً لنهايته. وأكد عثمان لـ(الصيحة)، أن السد الاثيوبي وسعته أقل من احتياج الجزيرة، ولذلك لا خوف على المشاريع الزراعية السودانية من مثل هذه السدود، ولا يؤثر عليها بشيء في وقت يرى فيه أن إثيوبيا ليست لديها أفضلية في الزراعة المروية حتى تكيد للسودان بمثل هذه الإنشاءات، مُرجحاً أن يكون الهدف من إقامته توجيه الرأي الداخلي الجماهيري على نسق (السد السد الرد) التي قال بيها أنصار الحزب المحلول إبان الانتخابات الأخيرة في العام 2010 التي شهدها السودان. وقال إن الحكومة الأثيوبية تريد أن تقول لشعبها إن الذي يجري من سياسات خارجية لا يؤثر فيها وهي الآن في كامل أريحيتها وتبني سدودها على بقية الأنهار التي تصب في مجرى النيل ومتحكمة تماماً في مياه الأنهار كغيرها من الدول. لذلك يرى الخبير عثمان التوم، أن الغرض سياسي تعبوي بعيد كل البعد عن الكيد الدولي، ولا استهداف للسودان من إقامة هذا السد الذي لا تؤثر طاقته على مشاريعه الإنتاجية.