:: يتواصل الحديث عن استخدام الموانئ المصرية، وقد أصبح واقعاً.. ويوم السبت قبل الماضي، ببرج اتحاد أصحاب العمل، تم تنظيم ملتقى، شاركت فيه كل السلطات المسؤولة عن الموانئ والتجارة، وكان النقاش عن هذه القضية، وكلهم استنكروا ورفضوا استخدام موانئ غير وطنية، ثم وصفوا ما يحدث بمؤامرة دول أجنبية.. وفي الخاطر، قبل نيفاشا والانفصال، عندما سألوه عن التدخل الأجنبي في قضايا السودان، قال الراحل جون قرنق بالنص: (الزول لو ما ربط الناموسية كويس، والبعوض دخل، غلطان الزول واللا البعوض؟)..!!
:: وهكذا حالنا.. وعلى السادة المسؤولين أن يحسنوا تركيب الناموسيات، لحماية كل قضايا البلاد وشعبها، بدلاً من لوم الناموس على اللسع ونقل المرض.. وما لم نحسن إدارة وتشغيل موانئنا الوطنية بكفاءة عالية، فلا نتوقّع من رجال الأعمال غير استخدام الموانئ الأجنبية، كما يحدث حالياً رغم نفي السلطات.. والشاهد منذ أكتوبر العام الماضي، أعلنت شركات وطنية عن رغبتها في البحث عن موانئ أجنبية، وتحدثت الصحف عن لقاءات بالقاهرة وأسمرا لاستخدام موانئ مصر وإريتريا.. ولذلك، فإن إعلان مصر عن السماح لبلادنا باستخدام موانئها لم يكن مُفاجئاً..!!
:: وصف مدير هيئة الجمارك، الفريق بشير طه، الاستيراد عبر الموانئ المصرية بـ(الخطر القادم)، ثم انتقد سيادته البطء في تنفيذ نظام النافذة الواحدة، والذي استمر لأكثر من تسع سنوات، وهذا يعني بأن صُنّاع الخطر القادم هم من نُلقِّبهم بالمسؤولين في بلادنا، ومنهم العاجزون عن تنفيذ نظام النافذة الواحدة.. يُحاربون (النافذة الواحدة)، رغم أنها أحدث النظم المتبعة (عالمياً).. الهدف من النافذة الواحدة هو مُكافحة الفساد واختصار الوقت والجهد وتسهيل الإجراءات لرجال الأعمال.. أغلى ما لرجال المال والأعمال هي ليست فقط أموالهم، بل أوقاتهم أيضاً..!!
:: وبمثل هذا العجز الإداري – العاجز عن تنفيذ نظام النافذة الواحدة – نصنع المخاطر، ومنها هذا الخطر القادم.. وبالمناسبة، كتبت في ذات زاوية بأن إعلان مصر عن السماح لبلادنا باستخدام موانئها لم يكن مفاجئاً إلا لاتحاد أصحاب العمل، وذلك حين قال أمينه العام مجتبى خلف الله: (الاتحاد ليس طرفاً في الاتّفاق على استخدام الموانئ المصرية)، ولكن هذا غير صحيح.. كان لاتحاد أصحاب ممثلاً في اجتماع القاهرة مع مصلحة الجمارك المصرية، وهو الاجتماع الذي جمع السلطات المصرية مع شركات سودانية، لاتفاق استخدام الموانئ المصرية..!!
:: ولعلكم تذكرون، كنت قد تساءلت إن كانت السلطات المسؤولة عن الموانئ والتجارة الخارجية في بلادنا ليس طرفاً في اتفاق استخدام الموانئ المصرية، فمن الذي مثّل السودان في هذا الاتفاق المُدمِّر للموانئ السودانية؟.. ولكن الأمر لم يعد مخفياً، فالاجتماع جمع السلطات المصرية برجال أعمال سودانيين، ليتفقوا على استخدام الموانئ المصرية، وكان الطرف السوداني برئاسة بكري النعيم، الملحق التجاري السابق.. وعليه، فإن بكري النعيم أحد المهندسين التنفيذيين للخطر القادم، وهو تدمير الموانئ الوطنية..!!