زيارة “منوشن”.. انفراج اقتصادي عبر بوابة التطبيع..!
الخرطوم: إنصاف العوض
لم تفلح الجهود السودانية لما يزيد عن ربع قرن في إقناع إدارات واشنطن المتعاقبة في إظهار الجزرة التي طالما توارت خلف العصا الأمريكية الغليظة حتى بعد نجاح الثورة السودانية في انتزاع نظام الإنقاذ، وباتت الوعود الأمريكية تراوح مكانها تسويفاً ومماطلة حتى أطلت تل أبيب على المشهد وأعملت لوبياتها الضاغطة داخل مصانع القرار الأمريكي لتنتزع نصراً لا وعداً حقق برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب فكان وعد أن يتم التطبيع.
رد الجميل
ولما لم تضع واشنطن ورقة توت على ربطها التطبيع بالرفع عن القائمة، وجد القادة السودانيون مدنيين وعسكريين أنفسهم مجبرين على الاعتراف علناً بالموافقة على التطبيع من أجل الرفع عن القائمة، وجاءت زيارة وزير الخزانة الأمريكي استيفن منوشن لتضع نقاط الانفراج الاقتصادي فوق حروف التطبيع، إذ وقع على “اتفاقية إبراهيم” مع وزير العدل السوداني نيابة عن الحكومات المعنية بالتطبيع.
ويقول المحلل السياسي الدكتور أزهرى بشير، إن التوقيع جاء لسببين، الأول أن واشنطن تريد أن يتم للتوقيع أولاً قبل المساعدات الاقتصادية بناء على الاتفاقية التي تم التوصل إليها مع الحكومة السودانية على مبدأ (هذه بتلك)، وثانياً، رغبة في إزالة الحرج عن القادة غداة ذهابهم إلى واشنطن لحضور الحفل الذي تعد له ادارة ترامب تتويجاً لإنجازاتها في السياسة الخارجية، حيث يعد اتفاق إبراهيم أبرزها.
جزرة أمريكية
ومقابل التوقع مهر السودان والولايات المتحدة اتفاقاً آخر يوفر للخرطوم تسهيلات تمويلية من البنك الدولي تزيد عن مليار دولار سنوياً، على ما أفادت وزارة المالية السودانية. وقالت الوزارة في بيان إنها “وقعت مذكرة تفاهم مع وزارة الخزانة الأمريكية لتوفير تسهيلات تمويلية لسداد متأخرات السودان للبنك الدولي، والتي ستمكن السودان من الحصول على ما يزيد عن مليار دولار سنوياً من البنك الدولي لأول مرة منذ 27 عاما”.
بيان لمجلس الوزراء أكد أن “الولايات المتحدة الأمريكية ستقوم بسداد متأخرات السودان لمجموعة البنك الدولي، مما يُمكن البلاد أخيراً من الوصول لمصادر تمويل تصل قيمتها لمليار ونصف المليار دولار سنوياً، وهي موارد تدفع باقتصاد البلاد وتعين الحكومة على تنفيذ مشروعات البُنى التحتية والتنمية المختلفة، في وقت تدخل فيه البلاد فسحات السلام”. وبالرغم من أهمية القرض التجسيري الذي تم التوقيع عليه يرى أزرهري أن السودان حصل على مكاسب متواضعة مقارنة بالضائقة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وقال للصيحة إن القروض عادة ما تكون مشروطة مما يضعف تأثيرها على الاقتصاد الكلي بل تأثيرها المباشر على حياة المواطن. وأضاف: كان الأجدى أن تقدم واشنطن مساعدات عينية لتوفير السلع الضرورية بدلاً من برنامج دعم الأسر الفقيرة كون الدعم لن يوجه للإصلاح الاقتصادي الكلي كما سيكون أثره محدوداً ولحظياً.
صفقات إقليمية
وكشف موقع “الموند” الإخباري، عن صفقة تقدم بها وزير الخزانة الأمريكي استيفن منوشن للقاهرة أثناء زياته لها أول من أمس بشأن التوصل إلى حل بخصوص سد النهضة، وأضاف أن منوشن ناقش الصفقة مع الخرطوم لوضع اللمسات النهائية لها في وقت كشفت فيه القاهرة عن محادثات مكثفة جرت بين وزير الري المصري الدكتور محمد عبد العاطي ومنوشن بهدف دفع المفاوضات المتعثرة بين كل من إثيوبيا والسودان ومصر .
ولفت الموقع إلى أن منوشن كان ممسكاً بملف المفاوضات حول سد النهضة كونه مثّل الخزانة الأمريكية التي وافق كل من السيسي ورئيس الوزراء الأثيوبى أبي أحمد على توسطها في حل الأزمة، فضلاً عن المصالح الأمريكية في بلدان السد والقرن الأفريقي ككل.
فيما كشفت الخزانة الأمريكية دعمها لتوصل مصر والسودان وإثيوبيا لاتفاق عادل بخصوص سد النهضة. وقالت وزارة الخزانة الأمريكية، إن الولايات المتحدة ستساعد السودان في تنفيذ بنود اتفاق جوبا للسلام. مضيفة أن واشنطن حريصة على إلحاق الحركات السودانية المسلحة غير الموقعة على اتفاق جوبا بعملية السلام.
ترحيب إسرائيلي
ورحّب وزير الخارجية الإسرائيلية، غابي أشكنازي بتوقيع السودان اتفاق التطبيع خلال زيارة وزير الخزانة (المالية) الأمريكي ستيفن منوشين، إلى الخرطوم والتي وصفت بالتاريخية.
وقال أشكنازي في تغريدة بحسابه على “تويتر”: “توقيع السودان على اتفاقات أبراهام خطوة مهمة ومرحب بها في دفع اتفاقيات التطبيع الإقليمية في الشرق الأوسط”. وأضاف: “أود أن أشكر الإدارة الأمريكية على جهودها الحثيثة لتعزيز الاستقرار والسلام في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وآمل أن يؤدي هذا الاتفاق إلى تقدم في الحوار والتطبيع بين إسرائيل والسودان ودفع وتعزيز العلاقات بين البلدين.