تأخير إعلان الميزانية.. السياسة تقصم ظهر الاقتصاد..!
تقرير/ نجدة بشارة
لأول مرة يُصادف أن يهل عام جديد.. وتمضي أيامه.. والدولة تمضي بلا ميزانية.. ولم يخرج مسئول ليكشف أسباب تأخير إعلان الموجهات الجديدة لموازنة العام 2021م.. أو حتى دواعي التأخير، وبين السر والجهر تناقلت وسائط منصات التواصل الاجتماعي.. تسريبات تفيد بخلافات بين وزارة المالية من جهة، والمسارات الموقعة على اتفاق السلام من جهة أخرى.. والشاهد أن رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي كان قد انتقد في تصريحات سابقة عدم إدراج مصفوفة السلام بالميزانية في مرحلة السمات الأولى، وقال: اكتشفنا بواسطة مسئولين داخل المالية.. تجاوز الميزانية لأي بند لوثيقة السلام، فيما يتساءل مهتمون وخبراء عن أسباب تأخير إعلان ميزانية 2021-2022م على الرغم من انقضاء أسبوع من بداية العام الجاري؟ هل لأسباب سياسية كما ورد في صدر التقرير؟ أم لدواعٍ اقتصادية..؟
بوادر خلافات
وكشف مصدر داخل وزارة المالية ــ فضل حجب اسمه لـ(الصيحة) ــ وجود خلافات حادة بين وزارة المالية من جهة، والمسارات الموقعة على اتفاقية السلام في جوبا.. وأوضح أن الخلاف لسببين، الأول يعتبر اقتصادياً، حيث أرجع مجلس الوزراء الميزانية من طاولته بسبب ضعف الإيرادات، وطالب بإيجاد الحلول لضخ مزيد من الإيرادات قبل عرضها للمرة الثانية بمنضدته.. وأوضح المصدر أن السبب الثاني يعتبر سياسياً، وهو تحدّث مسارات السلام عن ضرورة إدراج وتضمين بنود الاتفاقية بالميزانية.. وقال إن المالية أدرجت الوثيقة في شكل بنود تذهب للتنمية.. وأردف: لكن قيادات الحركات رفضت هذا المقترح، وطالبت بوضع بنود حقيقية وشفافة للصرف على مصفوفة السلام.
اتفاقية السلام على الخط
ومؤخراً اتفقت الحكومة وفصائل الاتفاق على آلية عليا للمتابعة وتقييم الاتفاق تضم الحكومة والأطراف الموقعة..
وقال حسن التعايشي في تصريح صحفي، إنه تم الاتفاق على تشكيل لجنة وطنية عليا لمتابعة تنفيذ الاتفاق وحسم الخلافات وتسويتها حتى فيما يتعلق بتوفير ميزانية للصرف على المصفوفة، وهذا يتطلب الاعتماد على غيراد مخصص في الميزانية تخصصها الدولة, في ذات الوقت نجد أن موازنة العام 2021 تأتي في ظل التدهور المستمر في قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، الذي بدوره أدى إلى ارتفاع كبير في معدلات التضخم، وزيادة أسعار السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن في معاشه اليومي.
فيما انتقد خبراء الميزانية واعتبروها وهمية لا وجود لها على أرض الواقع، حيث حددت إيرادات حقيقية لا تتجاوز 25% فقط .. وقالوا إن هذه الميزانية تعتمد حسابات في علم الغيب ولا تقديرات حقيقية لها.
نصوص وبنود
وكانت “اتفاقية جوبا للسلام” بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية، قد نصت على توفير مبلغ 1.3 مليار دولار لتمويل عمليات السلام ودفع التعويضات وإعادة اللاجئين والنازحين، وتنمية المناطق المتضررة بالحرب لمدة 10 سنوات، تدفع الحكومة السودانية منها 750 مليون دولار، لكن لم توضح الاتفاقية طرق دفع هذه الاستحقاقات هل عبر ميزانية الدولة أم مصادر حكومية أخرى.
ويُخشى على نطاق واسع أن تعجز الحكومة الانتقالية عن الوفاء بالتزامها تجاه اتفاقية السلام، بسبب الأوضاع الاقتصادية القاسية التي يعانيها السودان، وألا يفي المجتمع الدولي والشركاء والضامنون بتعهداتهم تجاه اتفاقية سلام جوبا.
صراعات ولكن
ويرى المحلل السياسي والمراقب للعملية السلمية في دارفور عبد الله آدم خاطر لـ(الصيحة)، أن تكلفة السلام لا تدفع من ميزانية الدولة، وإنما تأتي من المال السباسي (الدعومات الدولية والمنح)، وأردف: هذه هي أوجه الإيراد الذي يصرف على تنفيذ الاتفاقية، واستبعد حدوث خلافات عطلت إعلان الموازنة بحسب ما راج من أنباء عن خلافات بين مسارات السلام ووزارة المالية.. فيما لم بستبعد وجود خلاف على مستوى نظريات الاقتصاد وتوصيات البنك الدولي على وجه الخصوص .. وأشار إلى أن هذا عمل فني بحت.. كما أن الحكومة تحدثت عن أن ميزانية ما بعد العهد البائد ربما تحتاج إلى مزيد من النقاشات والتمحيص.