وزير تعدين سابق: التضارُب في أرقام الإنتاج لغياب الإحصاءات عن المُنتَج من الذهب
مدير عام جيلوجيا: القيمة الدولارية للذهب في عام 2016 كانت 3.6 مليار دولار.
خبير اقتصادي: نصيب الحكومة يُباع ويُودَع بالجنيه السوداني في السوق المحلي
تحقيق: محيي الدين شجر
كم يبلغ إنتاج السودان من الذهب لا أحد يستطيع أن يجيبنا إجابة دقيقة ..
لقد ظلّت تصريحات المسؤولين عن كمية الذهب المُنتج متضاربة، ولكن الراجح أن إنتاج الذهب في العام الواحد لا يقل عن 90 طناً وفق آخر التقارير الواردة من وزارة المعادن، كما لا يخفى على أحد التصريحات السابقة والتي تشير إلى أن السودان أصبح في المرتبة الثانية من حيث إنتاج الذهب بعد جنوب إفريقيا ..
إذن، لماذا الأزمة الاقتصادية.. وأين هي حصائل صادر الذهب ولماذا الجنيه السوداني يُعاني من الضعف والهزال أمام الدولار..
نقول ذلك، وآخر تقديرات لقيمة الذهب المُنتج تشير إلى أن القيمة الدولارية في عام 2016 كانت 3.6 مليار دولار ..
آخر تقرير
بحسب آخر تقرير صادِر عن وزارة المعادن السودانية، بلغ إنتاج الذهب خلال النصف الأول من العام (2020) 30 طناً مِترياً، في وقت يُقدَّر أن يزيد فيه الإنتاج من الذهب إلى 60 طناً بنهاية العام. ويقول التقرير، إن الإنتاج المتوقّع للنصف الأول من العام في حدود 59.898 طن، ليبلغ الإنتاج المتوقع ضعف هذه الكمية بنهاية العام زهاء 120 طناً.
تضارُب
عادل علي إبراهيم وزير الطاقة والتعدين، قدّر في تصريح له في مارس 2020 أن إنتاج السودان من الذهب بنحو 120 طناً في العام، وأرجع التضارب في أرقام الإنتاج لغياب الإحصاءات عن المنتج من الذهب، وتعهّد بتكوين آلية لضبط الإنتاج، ووضع سياسات تسعير جديدة، وِفقاً للبورصات العالمية للتقليل من التهريب.
كمية الذهب
لمعرفة كمية الذهب المُنتج في السودان، استنطقت “الصيحة” مديراً عاماً سابقاً لهيئة الأبحاث الجيلوجية ببورتسودان عمار سيد أحمد شليعة، حيث ذكر أن إنتاج الذهب المؤكّد يبلغ 98 طناً سنوياً، مبيناً أنها معلومة قضائية، وأصبحنا في المرتبة الثانية بعد جنوب إفريقيا. وكشف أن كمية المنتج من الذهب عام 2014 بلغ إنتاج الشركات 9,7 والتعدين التقليدي 63.7 طن، والإنتاج الكُلّي وصل إلى 73.4 طن، وقال: في العام 2015 كان إنتاج الشركات 14,8 طن والتقليدي 67.3 طن بجملة 82.3 طن، وأوضح أن العام 2016 شهد إنتاج 93 طن تقليدي 78.2 وشركات 14.8 وكشف أن العام 2017 شهد إنتاج 98 طناً.
في حين وصل الإنتاج في عامي 2018 -2019 نحو 235 طناً ..
وذكر أن القيمة الدولارية في عام 2016 كانت 3.6 مليار دولار، مبيناً أن شركات الامتياز حتى أبريل 2017 كانت 152 شركة و154 شركة تعدين، وتساءل قائلاً: هل الشركات التي أنتجت تلك الكميات موجودة أم تم طردها، وإذا كانت موجودة أين هو إنتاجها، وإذا كانت مُتوقفة فهل اتُّخذِت ضدها إجراءات بناءً على قانون الثروة المعدنية؟
رقابة حكومية ..
من جهته، أكد البروفسير عبد العظيم المهل الخبير الاقتصادي أستاذ الاقتصاد بالجامعات السودانية، على عدم وجود رقابة حكومية على شركات إنتاج الذهب، ولا على الإنتاج الأهلي، وقال في إفادة لـ(الصيحة): لا يمكن أن الإنتاج الأهلى أعلى بكثير من إنتاج الشركات، علماً بأن الإنتاج الأهلي
يستخلص 35% من الذهب، وإنتاج الشركات يستخلص 65% وعلى الرغم من ذلك ليس له وجود، واشترط المهل أساسيات من منظور اقتصادي لمكافحة التهريب لكي يبدأ من منطقة التعدين، وفي التعدين لابد من وجود أفراد مراقبين وذوي
كفاءة عالية وأمانة أعلى، ويتحمّلون المكوث في مناطق الشدة، على أن يتم إلزام أي شركة من الشركات بأن يكون لديها مراقب ويمتلك القدرة الفنية على بذل المجهود في العمل إلى جانب الأمانة، ليكون بذلك نواةٍ لمكافحة التهريب من مكان الإنتاج، وسخِر من ابتعاث موظف شركة ذهب إلى أماكن التعدين براتب ضعيف لا يتجاوز الـ(5) آلاف جنيه وتلزمه بالرقابة، في الوقت الذي يمنحه فيه المُعدّنون (100) جرام نظير تخلّيه عن مهمته الرئيسية المتمثلة في الرقابة على إنتاج الذهب، وأشار المهل إلى أن هنالك تهريباً غير قانوني يتم برضا الجهات المسؤولة عن الحد من التهريب والتي لم يُسمِّها لأن الكميات التي تعبر خارج البلاد تكون مستوفية للإجراءات وتم تصديقها أياً كانت الكميات بالكيلو أو الطن، واعتبر أن مثل هذه الكميات أخطر على الاقتصاد من الكميات البسيطة التي تخرج بصورة مستمرة على يد أفرادٍ وقيمتُها قليلة، التهريب الضخم الذي يتم عبر الموانئ والمطارات بطريقة شبه رسمية، كما أن منع التهريب يمكن أن يتم عبر السياسات
التحفيزية أو العقابية، إذا كان العقابُ قوياً ، وأعرب عن أسفه لأن العقوبات عند إنزالها لا تطال الضالعين الأساسيين في جرائم تهريب الذهب، في المطار لابد من وجود أجهزة عالية الحساسية حتى تتمكن السلطات بها من ضبط أي كمية مهربة، وقال: القصور في نافذين ومستفيدين ليس من مصلحتهم تفعيل منع التهريب.
وزاد المهل بأن العائد من الذهب لبنك السودان ضئيلٌ جداً
مقارنة بالإنتاج، وقالك التعدين الأهلي أفضل من الشركات، لأن نتائجه سريعة وملموسة على الأُسر ويمكن أن
يرفع (5) أفراد من الفقر.
نصيب الحكومة
بعد إقالته من منصبه كوزير للطاقة والتعدين، قال عادل علي إبراهيم متحدثاً عن التعدين: نتحدث عن أربع نقاط مهمة، حققنا فيها إنجازاً كبيراً أرجو وأتمنى الحفاظ والبناء عليها لأنها هي مسائل قومية وطنية تهم الأجيال القادمة:
أولاً تسليم الذهب خالصاً إلى وزارة المالية، كان يُسلّم مبالغ نقدية إلى بنك السودان بالعملة المحلية، المراجعة الدائمة للقطاع والطرق التي اتّبعناها إعادة المؤسسية وروح القانون إلى القطاع الذي كان يُعاني مشاكل كبيرة، وقد راجعتُ خط سير الذهب من الحقول حتى المصفاة وكيف يُستقطع نصيب الحكومة وأين يذهب فتفاجأتُ بأن نصيب الحكومة يُباع ويودَع بالجنيه السوداني فى السوق المحلي أو إلى (؟؟؟) يباع لمن هذا هو السؤال؟ وأضاف قائلاً: بنك السودان كان مشاركاً في هذه العملية والشركة السودانية للموارد المعدنية كانت مشاركة ووزارة المالية أظنّها لا تعلم هذه العملية كانت تقوم بها الشركة السودانية للموارد المعدنية تورّد مبالغ الذهب إلى حسابها وتخصم نسبتها ثم يُورّد الباقي إلى وزارة المالية، وهي مبالغ طائلة، وفعلاً عدلت هذه الطريقة لقفل الباب أمام الجهات التي كانت تشتري، وكانت تظلم الحكومة ظلماً كبيراً، ورأيت أن تسلم وزارة المالية نصيبها ذهباً مختوماً من المصفاة إلى خزينتهم ببنك السودان، ونصيب الحكومة يأتي من (العوائد الجليلة 7%، 2,5% زكاة، 14% ضرائب أعمال)، تابعت حصيلة نصف شهر فقط كانت الحصيلة (247) كيلو ما يقارب قيمته 14 مليون دولار، وهذه أول مرة تحدُث في تاريخ التعدين ووزارة المالية والاقتصاد الوطني، وهي من الإنجازات الكبيرة التي يجب المحافظة عليها أيضاً تزامن تحرير سعر الذهب أخرجنا بنك السودان من التحكّم في سوق الذهب وأصدرت منشور بنك السودان الجديد لتوحد السعر لجميع أنواع الذهب كانت في (تفرقة عنصرية) للتعدين الأهلي وتعدين الشركات كل ذلك شجّع المعدنين لأن يأتوا بذهبهم إلى المصفى في نفس الشهر. الذهب الوارد كان كبيراً جداً وجّهت الشركة السودانية للموارد المعدنية لكل المنتجين شهادة شكر، واختصار الإجراءات له وأن تتم في المصفاة، وأتوقع زيادة في الإنتاج في الفترة المقبلة، ونتمنى من الصحافة المتابعة في هذا الجانب، لأنها تُساعد في أن القناة تسير بصورة صحيحة.
وقال إن القرارات التي اتّخذها هي تصحيح سياسة، وليست إجراءات رقابة ومطاردة لتحسين السياسة، لأن تجعل منتج الذهب يبيع لك الذهب وهو سعيد، وأتوقع زيادة في الإنتاج بالإجراءات التي قمنا بها، وأرجو أن تستمر لتحسين الخدمات من المياه والكهرباء والصحة وأسواق الذهب، وقد بدأنا فيه وأرجو أن يواصلوا فيها، وأقول إن إنتاج الذهب يمكن أن يخرج السودان من أزمته الاقتصادية.
وأضاف قائلاً: عملنا على حل كل المشكلات، فمثلاً بنك السودان يحتكر بيع الذهب من التعدين الأهلي ويحدد أسعاره وكانت سبباً في زيادة التهريب لأن المعدنين يحسون بظلم كبير يقع عليهم، ولذلك جاءت قرارات تحرير السوق والسياسة التشجيعية والتسعيرية، وأقول إن التهريب لا يُكافح إلا بالسياسات المشجعة.
وكشف عن تعديله للاتفاقيات القديمة قائلاً :
عدّلنا الاتفاقيات القديمة للشركات لمعالجة المخالفات، وأدرنا حواراً مع هذه الشركات نفسها وكلهم وافقوا على التعديل. كانت نسبتنا (33.5%) ذهب عيناً، هذه الشركات التي يأتيها الخام جاهزاً فتقوم بمعالجته عبر السيانيد والزئبق لاستخراج الذهب.
وكشف وزير الطاقة والتعدين السابق عن وجود مربعات محجوزة بطريقة غير قانونية وسرية، وقال إنهم عملوا على فك حجز بعضها، وكان مرخصاً لعدد من أعوان النظام السابق غير المؤهلين لعمل شركات تعدين، مضيفاً: عملنا على فك كل هذه المربعات وعددها يفوق الـ(100) مربع، تم إلغاء كل هذه الاتفاقيات وسُمّيت بالمربعات المُحرّرة وخطة الوزارة في قطاع التعدين طرح هذه المربعات في عطاءات عالمية ومحلية ونشجع الشراكة السودانية الأجنبية، بدأنا في إعداد خرائط ملونة بإحداثياتها وبيان كل ملف مربع في كل ملف تمليك كل المعلومات عن المربع، وأقول: طرح هذه المربعات في مناقصة عالمية تعطينا الشفافية والمؤسسية في الدولة والاحترام الدولي والشفافية والقانونية، وأنا خلال (300) يوم لم أصدق أي مصنع ولا حتى (ملاحة) منعتُ نفسي من ذلك إلا عبر المؤسسية حتى لا تكون خاضعة للأهواء الشخصية، وفعلاً تم تكوين لجنة فنية مخصصة، وأقول إن إنتاج الذهب الحقيقي سيظهر على حقيقته خلال هذا العام ــ ويقصد عام 2020 والعام القادم ــ نسبة للسياسات المشجعة التي وضعناها والتي ستحُدّ كثيراً من التهريب.