الفريق خالد الشامي: لن نقبل إساءة أو احتقارًا لأي سوداني
الجيش: قادرون على مقارعة ما يوازينا من جيش مُعتدٍ.
أصبحت أثيوبيا في مقدمة الدول المنتجة والمصدرة للسمسم من الأراضي السودانية
مزارعو الفشقة يناشدون منظومة الصناعات الدفاعية بتوفير حاصدات وآليات ثقيلة للزراعة
خبير أمني يروي مشاهد مؤلمة ومفجعة بفقدان قوة وقائدها وضباطها غدراً بالفشقة
القضارف: علي الصادق البصير
منطقة سودانية عزيزة بالشريط الحدودي المتاخمة لولاية القضارف، طرأت عليها تغييرات ديمغرافية خطيرة، كادت أن تُغيّر ملامحها السودانية، بدأت قبل أكثر من (25) عاماً في محاولة لطمس هويتها، بعد اغتصابها والتنعُّم بخيراتها وأرضها البكر، وهي أرض الفشقة التابعة لولاية القضارف، امتدت تلك الاعتداءات الأثيوبية في مساحة تُقدّر بأكثر من مليوني فدان، وهو تمدّد ارتوت فيه الكثير من دماء الأبرياء من المواطنين والمزارعين وقواتنا المسلحة التي تُسيطر الآن على الأوضاع…
(الصيحة)، ومن ولاية القضارف، جلست إلى أصحاب الأرض والعِرض من المُزارعين المُتضرِّرين بالفشقة والشريط الحدودي، واستمعت لحديثهم وأوجاعهم وظلمهم، وكانت رؤيتهم واضحة وأدلتهم دامغة، وحدّثونا حديث العارف الموجوع، وكان لممثلي المتضررين حديث مفصل حول المنطقة وتاريخها والاعتداء عليها… وهو حديث نواصله مع كلٍّ من معاوية عثمان الزين، أحمد عبد الرحيم العوض، وحمزة عبد القادر عبد المحسن، والنور عبد الله بخيت وهو من قدامى المزارعين بالفشقة، وخرجنا منهم بما تطالعونه عبر هذه المساحة، كما ننوّه إلى مساحات أخرى رصَدت خلالها “الصيحة” العديد من المشاهِد والشواهد حول هذا الملف.
*حقائق ومآسٍ
ويروي لـ(الصيحة) أحمد عبد الرحيم واحد من المزارعين الذين فقدوا ممتلكاتهم وأراضيهم بالفشقة من قبل الهجوم من قِبل مليشيات الشفتة الإثيوبية، وقال إن الشريط الحدودي لمنطقة الفشقة الكبرى يمتد من نهر الستت شمالاً وتمتد جنوبا إلى منطقة القلابات، وأشار إلى أن الأضرار التي وقعت على المزارعين كانت كبيرة بفقد كل ما يملكون في تلك المناطق بسبب الهجوم وتم احتلال الأرض واستولت تلك المليشيات على المحاصيل والآليات الزراعية، وقال عبد الرحيم: طيلة فترة ٢٥ عاماً من احتلال أراضيهم فقدوا السند والدعم من الحكومة الماضية بجانب توقف استثمارهم مما أدى إلى معاناتهم مادياً ومعنوياً، وقال: عقب استرداد مزارعنا من قبل القوات المسلحة السودانية تواجهنا عدد من العقبات لكي نفلح الأرض خاصة وأن الأثيوبيين مدعومون من قبل حكومتهم بتمويل طويل ودعم عسكري عبر مليشيات الشفتة لكي تحرس المزارعين، لذلك نحن كونا لجنة للتنسيق مع الحكومة لحلحلة الإشكاليات التي تواجهنا، لكن لم نجد من يستمع لنا.
المزارع معاوية قال: أرضنا خصبة وإثيوبيا استفادت منها في التصدير وإنعاش اقتصاد إسرائيل، بل أصبح من خيرات الأراضي السودانية، ودخلت أثيوبيا كدولة رائدة في مجال إنتاج وتصدير السمسم والقمح وزهرة الشمس.
*ظلم واستيطان
يقول رئيس لجنة مزارعي الفشقة، حمزة عبد القادر: في ٢٠٠٤ تم توقيع هدنة بين السودان وإثيوبيا على أن يقوم بفلاحة الأرض المزارعون السودانيون والأثيوبيون وسميت اتفاق الوضع الراهن، حيث منحت الأثيوبيين ٩٠٪ والسودانيين أصحاب الحق ١٠٪ لكن الإثيوبيين برغم الظلم الواقع على المزارعين السودانيين بدأوا يتغولون على الأراضي بمساعدة حكومتهم وتم طرد المزارعين من أراضيهم، واستولوا على جميع الأراضي وفقدنا عددا من الأرواح بل استمروا في التوسع حتى إنهم قاموا ببناء مستوطنات وقرى كاملة بدعم من الحكومة الإثيوبية، وشق طريق مسفلت، وقال عبد القادر: هذا الطريق يقع في مشروعي بجانب أن الإثيوبيين قاموا بإنشاء معابر كبيرة داخل نهر عطبرة مما يؤكد أن هناك تخطيطاً استراتيجياً من قبل الإثيوبيين، وزاد قائلاً: (عشان لو جاء تحكيم دولي يثبتوا أن الأرض لمن يسكنها)، مشيراً بأن الحكومة السابقة كانت في غفلة.
*مطالبات بتعويض
المزارع النور عبد الله بخيت (80) سنة، قال لـ(الصيحة) إنه بدأ زراعة مشاريعه بالفشقة عام 1966م بالقرب من أم باره، وهو صاحب مشروع تم انتزاعه عنوة بواسطة الأحباش تجاوز الألف فدان، وقال إنهم أي الاثيوبيين في تزايد مستمر، بينما تزداد معاناتهم كسودانيين سنوياً، وقال إنهم قابلوا الأزهري والصادق المهدي وعبد الخالق وحتى حكومة الإنقاذ إلا أن كل الحكومات السابقة ظلت مكتوفة الأيدي وبتغافلها تمدد الأثيوبيون في أراضينا. وتقدم بشكره للقوات المسلحة وهي تعيد هذه الأراضي البكر، وطالب بضرورة حمايتها بعد استعادتها ومطالبة المعتدين بدفع إيجارات الأرض عن كل هذه السنوات بأثر رجعي ورفع الضرر عن كل المزارعين.
*مطالبات واقعية
وطالب مزارعو الفشقة من الحكومة بأن تساعدهم بتسهيل منح تمويل يسدد في فترة طويلة وأن يتم حل جميع الإشكاليات من تنمية وقيام مشاريع وصناعات تحويلية، بالإضافة إلى أن تظل القوات المسلحة حارسة وحامية الحدود حتى لا يعود الأحباش مرة أخرى، وأوضحوا في حديثهم لـ(الصيحة) إنهم يأملون من منظومة الصناعات الدفاعية أن توفر لهم آليات وحاصدات بأي صيغة تراها مناسبة، وقالوا إن الحاصدة المتوسطة يتجاوز سعرها الـ(80) ملياراً، وهو مبلغ لا يتوفر للمزارعين، واقترحوا شراكة مع المنظومة الدفاعية لتقوم بهذا الواجب الوطني الاقتصادي والأمني في آن واحد.
*رؤية مختلفة
اللواء شرطة (حقوقي) د. الطيب عبد الجليل حسين محمود وبحكم عمله في دائرة جنايات شرطة ولاية القضارف ومعاصر للكثير من الأحداث، نبه لخطورة العمل الاستخباري الأثيوبي، وقال لـ(الصيحة): قلت في موقع آخر أن الوضع الآن مناسب ومهيأ للقوات المسلحة السودانية للتقدم نحو الشريط الحدودي شرق نهر العطبراوي في محليات القلابات والشفقة السودانية، لاسترداد الأراضي الزراعية المسيطرة عليها مليشيات الجيش الأثيوبي منذ عام 1995م، ولسابق عملي بولاية القضارف مدير دائرة الجنايات والأمن ومعي رفيق دربي الأخ اللواء/ سليمان ميرغني محمد مدير شرطة الولاية، من الأمور التي كانت لها أولوية الاهتمام والتصرف والأهمية، ترتيبات التنسيق الأمني الاستخباري مع الإخوة من قيادة الفرقة الرابعة مشاه – وبوجه خاص وقتها اللواء الركن وحالياً الأخ الفريق مرتضى وراق الوالي الأسبق لولاية الخرطوم – وقد كنا وقتئذ نهتم كثيراً بتبادل المعلومات والأخبار الواردة من محليات الشريط الحدودي، وتحليل مغازيها، لتقييم الأوضاع الأمنية على طول الشريط الحدودي مع إثيوبيا، وخاصة بعد أحداث جبل سكر(جبل حلاوة عند الإثيوبيين)، لاعتداءات الأثيوبيين على موقع ارتكازي قوته أفراد من شرطة قوات الاحتياطي المركزي، واستشهاد وفقدان ما لا يقل عن سرية من الصف والجنود وقائدها برتبة رائد وملازمين شرطة، واستيلاء الاثيوبيين على مرتب القوة من الأسلحة والذخائر والآليات، بعدها تمّ التنسيق والترتيب مع الجانب الأثيوبي وحكومة ولاية سنار ورصيفتها من الجانب الأثيوبي، ومصادقة حكومات البلدين في الخرطوم وأديس أبابا، وبمقتضاها تمّ تشكيل قوة الاحتياطي المركزي وانفتاحها في دائرة مسئوليتها حول جبل سكر وحظيرة الدندر في ولاية سنار وطول الشريط الحدودي داخل ولاية القضارف لبسط سلطة الحكومة في فضاءات سهول منطقة باسندة وما جاورها، فقد كان الاعتداء على قوة الاحتياطي المركزي مؤلم ومفجع للغاية، لفقدان معظم القوة وقائدها وضباطها، ولانتشال بعض من جثثهم الطاهرة من نهر الرهد، والاختفاء للآخرين الأحياء والجرحى المفقودين، وبحسب معلومات من داخل الأراضي الاثيوبية، أنه تمت تصفية بعض من أفراد قوة الاحتياطي المركزي، وترك المصابين دون تقديم علاجات لهم، ووفاتهم متأثرين بجراحات إصاباتهم المميتة، وبهذه المناسبة، ولذلك رسالتي لحكومة المجلسين، عدم نسيان مرارات هذه الواقعة المفجعة، وأنه يجب إحياء وقائعها، بمناقشتها بشكل جدي مع الجانب الأثيوبي، وأنه يجب على الشرطة، ومن وقت لآخر تخليد ذكرى حياة هؤلاء الأفراد، وأي من شهداء الواجب والمفقودين في مسارح العمليات القتالية.
والآن وكما نبهنا من قبل بحتمية تقدم القوات المسلحة السودانية لاسترداد أراضٍ محتلة منذ عام 1995م، فإننا الآن ننبه لخطر أساليب وقدرات الأثيوبيين في الاختراق الاستخباري والمعلوماتي لخطوط تماس القوات السودانية، باستخدام العنصر النسائي وزرع جميلات المنظر والقوام من بائعات الهوى والخمور المستوردة وسط جماعات وأفراد الخطوط المتقدمة، وتوظيفهن للتغلغل داخل البلاد بغرض الإغواء، لمعرفة والحصول على المعلومات الدقيقة لتقديرات الموقف العملياتي وأحوال حاله، وما إلى ذلك من معلومات استخبارية دقيقة قد تصيب الجهد العسكري في مقتل وضياع ما تمّ من تدابير، ولذلك ننبه من خطورة التعامل مع جميلات العنصر النسائي من الأثيوبيات.
*الفشقة .. شالوها حمرة عين
فرض الجيش سيادته على الأراضي السودانية التي استولى الأثيوبيون عليها وتقدر بأكثر من مليوني فدان، الأمر الذي أسعد الشعب السوداني قاطبة، وأهالي القضارف على وجه الخصوص والمزارعين أصحاب الأراضي بشكل أكثر خصوصية، فتدافع أهالي السودان من كل حدب، صوب القضارف يهنئون ويشيدون بهذه الخطوة التي تجاهلتها حكومات السودان السابقة، وكان من أشهر تلك المبادرات مبادرة (سياج الأمان) التي قادها الصحفيون والمبدعون والنجوم والشعراء والأدباء ونجوم مواقع التواصل وهي مبادرة كريمة رعتها منظومة الصناعات الدفاعية تحركت صوب القضارف لتتقدم بالشكر للقوات المسلحة بقيادة الشاعرة والصحفية داليا الياس والصحفية النشطة راشان أوشي، حيث خرجت القضارف في موكب عظيم لاستقبال ضيوفها من رموز المجتمع وكان لهم موعد في ساحة قيادة الفرقة العسكرية بالقضارف بقيادة الفريق ركن خالد الشامي نائب رئيس هيئة الأركان عمليات وقادة المنطقة العسكرية وأهالي القضارف ورموزهم ومكوناتهم المدنية وهم يهتفون “جيش واحد شعب واحد”.
وعندما وصلت المبادرة القيادة العامة للجيش بحاضرة الولاية القضارف، رحب رئيس هيئة الأركان عمليات الفريق ركن خالد عابدين الشامي بمبادرة (سياج الأمان) واعتبرها دعماً حقيقياً للقوات المسلحة التي ظلت وفية بعهدها الذي قطعته مع شعبها بعدم التفريط في أي جزء من تراب الوطن، مشيراً إلى أن المبادرة التي ترعاها منظومة الصناعات الدفاعية ليست جديدة، لأنها ظلت تمد القوات القوات المسلحة بكل احتياجاتها .
وأكد أن القوات المسلحة تملك قرارها ومعينات القتال لحماية وحفظ البلاد، وقال: لن نقبل إساءة أو احتقارا لأي سوداني أينما كان، وهذا وعد قطعناه مع الشعب الذي ظل يدعم القوات المسلحة مادياً ومعنوياً، يستحق المواطنون أن نقدم أرواحنا رخيصه لهم، وأن نحمل أكفاننا على ظهورنا لحمايتهم، وأضاف: من يعتبر أن لا قيمة للأرض فعليه أن يراجع وطنيته، مشيراً إلى أن القوات المسلحة مرابطة في شرق السودان، وقال “وصلنا إلى ما خططنا له بامتياز، والآن نسيطر على معظم الاراضي السودانية ونؤمن الأجزاء التي لا نوجد فيها بإمكانياتنا والفكر العسكري”، وأضاف “نحن قادرون على المحافظة على الأراضي التي تم استردادها سليمة وآمنة لمواطنيها للإستفادة من خيراتها”، وتوعد من يعتدي عليهم بالحسم، منوهاً إلى أنه تم استرداد الأراضي بكل سهولة للخبرة المتوفرة للقوات المسلحة، مشيراً إلى أنها قاتلت مع بعض دول الجوار لتحرير أوطانها، وجيوش المنطقة تعلم أن القوات المسلحة السودانية هي معلمة العسكرية بالمنطقة.
وقال إن القوات المسلحة لم ولن تعتدي على أرض غيرها، ولم تطمع في ضم أراضي دولة أخرى ولنا من الأراضي ما يكفينا، وشيمنا وقيمنا لا تجعلنا نعتدي على دول الجوار، بل نحترم ونقدر”، وأضاف: نحن قادرون أن نوقف أي معتدٍ عند حده، ومنعه من التغوّل على ممتلكات الشعب .
الشامي أكد أن الخط الحدودي بين السودان وأثيوبيا معروف وما ينقصه هو وضع العلامات التي تم انتزاعها، مشيرًا إلى مطالبات بضرورة إظهار العلامات على الأرض، وقال: حتى عام 1969م كنا في المناطق التي تم استردادها الآن، وأضاف: وجدنا كثيراً من الأشياء التي تخص القوات المسلحة في ذلك الوقت موجودة .
الشامي أشار خلال استقباله مبادرة “سياج الأمان” إلى أنه تم إطلاق أسماء أثيوبية على بعض الأراضي السودانية في الفشقة، وقال إن التسمية لا تُغير في جغرافية السودان، فالأراضي سودانية وسندافع عنها، مؤكداً أن حدود السودان الشرقية معروفة، لكن توجد بعض الأطماع للاستيلاء على الأراضي الزراعية للاستفادة من مواردها، وشدّد على أن الحدود معروفة .
وقال إن القوات المسلحة شُغِلت في كثير من المسارح وأدى ذلك إلى فقدان بعض المناطق، والآن تهيأت الظروف، وصممت على إعادة هذه الأراضي، التي شُرّد مواطنوها، وأضاف: عازمون على تحرير جميع أراضينا ونقتلع كل من يطأ هذه الأرض.
وقال أن الاسلحة التي استخدمت ضد القوات المسلحة بشرق السودان لا يمكن أن تكون لمليشيات او عصابات، لان العصابة لا تمتلك اسلحة ثقيلة، مشيرا إلى أن القوات المسلحة بتجربتها الكبيرة تستطيع أن تقارع ما يوازيها من جيش.