خبير: آن الأوان للخروج من نمط التفكير التقليدي الخاطئ
الرمادي: ستزيد من ارتفاع الأسعار وتدنّي القوة الشرائية
مزارع: الزيادة ستُفاقم من المشكلات الموجودة
د. هيثم: رفع الأسعار يخلق حالة من الضغط النفسي والقهر
الخرطوم ــ سارة إبراهيم عباس
ظل الوضع الاقتصادي يزداد قتامة يوماً بعد يوم، ويعيش المواطن ضائقة معيشية أقل ما توصف بالصعبة، وصل فيها التضخم إلى حد الجنوح على حسب الخبراء الاقتصاديين بعد أن استبشر المواطن خيراً بأن يتحسن الوضع، بعد أن عم السلام ورفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، لكن يتفاجأ المواطن يوميًا يزيادات جديدة وزيادة أعباء.
ومؤخراً أعلنت وزارة المالية والاقتصاد الوطني، تعديلاً في فئات تعرفة الكهرباء في السودان، بزيادة بلغت نسبة 600%، للكيلوواط ساعة اعتبارًا من مطلع يناير العام 2021 وحتى العام 2024 م، ووفقاً للقرار فقد تمت زيادة تعرفة كهرباء القطاع السكني ــ الفئة الأول (من 1 إلى 200 كيلوواط ساعة) والتي كانت تباع سابقاً بمبلغ 15 قرشاً ليتم تقسيمها إلى فئتين ولتباع وفق التالي:
ــ من 1 إلى 100 كيلوواط ساعة بمبلغ 80 قرشاً.
ــ من 101 إلى 200 كيلوواط ساعة بمبلغ 100 قرش. (1جنيه).
والتعرفة الجديدة للكهرباء كالآتي :
ــ القطاع السكني:
100 – 0.80 جنيه للكيلو واط.
101 200 – 1.00 جنيه للكيلو واط.
201 300 – 1.20 جنيه للكيلو واط.
301 400 – 1.40 جنيه للكيلو واط.
401 500 – 1.60 جنيه للكيلو واط.
501 600 – 1.80 جنيه للكيلو واط.
601 – 6.35 جنيه للكيلو واط.
ــ دور العبادة: 0.80 جنيه للكيلو واط.
ــ القطاع الزراعي:
200 – 0.80 جنيه للكيلو واط.
200 500 – 1.00 جنيه للكيلو واط.
500 – 1.6 جنيه للكيلو واط.
ـت استثمار زراعي أجنبي:
مبلغ 6.35 جنيه للكيلو واط.
ــ مياه مدن – مدارس – داخليات صندوق دعم طلاب: مبلغ 6.35 جنيه للكيلو واط.
ــ تجاري ــ قطاع حكومي ــ فنادق ــ مستشفيات خاصة ــ جامعات خاصة ــ اتصالات ــ سفارات ــ منظمات:
مبلغ 10.2 جنيه للكيلو واط.
هذه الخطوة وصفها الكثيرون بأنها إضافة أعباء جديدة على المواطن خاصة في ظل الظروف التي يمر بها الاقتصاد.
مقارنة بين الأسعار
مهتمون وخبراء أجروا مقارنة بين الأسعار القديمة والجديدة وخرجوا بالآتي: إذا كنت تشتري كهرباء في
* الشهر 200 ك.ط
القيمة الحالية: 30 ج.
القيمة الجديدة: 180 ج.
* وإذا كانت 400 ك.ط
القيمة الحالية: 82 ج.
القيمة الجديدة: 440 ج.
*و600 ك.ط
القيمة الحالية: 146 ج.
القيمة الجديدة: 780 ج.
* أما 800 ك.ط
القيمة الحالية: 250 ج.
القيمة الجديدة: 2,050 ج.
**أما 1500 ك.ط
القيمة الحالية: 845 ج.
القيمة الجديدة: 6,495 ج.
*أما 2000 ك.ط
القيمة الحالية: 1,645 ج.
القيمة الجديدة: 9,670 ج
** استياء أصحاب المصانع
عبّر عدد من أصحاب المصانع عن استيائهم عن القرارات التي تتخذها الدولة بحجة الاصلاح الاقتصادي في كافة القطاعات، مؤكدين أن هذه الخطوة ستفاقم من الأوضاع الحالية، وتؤدي إلى مزيد من هروب رؤوس الأموال من البلاد، فضلاً عن خروج المزيد من المصانع من دائرة الإنتاج.
وقال مصدر مطلع ــ فضل حجب اسمه بمصنع الباقير للحبوب الزيتية ــ إن رفع الأسعار سيؤدي إلى تراجع الإنتاج وزيادة الأسعار في ظل أزمة الوقود التي تشهدها البلاد حالياً.
**زيادة المعاناة
من جانبه قال محمد عبد اللطيف ـ مزارع ـ لـ(الصيحة)، إن الموسم الزراعي الحالى يواجه عدداً من التحديات وزيادة تعرفة الكهرباء ستزيد من المعاناة، لأن الكهرباء ستدخل في كل المجالات، وأي زيادات ستنعكس على الوضع الزراعي المأزوم.
** مراعاة البعد الاجتماعي
وفي ذات السياق، قال الخبير الاقتصادي هيثم فتحي، إن ارتفاع أسعار شرائح الكهرباء قرابة 500% لأقل شريحة فاتورة يمثل عبئاً على محدودي الدخل، كما يظهر الأثر الفعلي لزيادة أسعار الكهرباء على دخل الأسر من خلال نسب الزيادة،
إضافة للأثر الأكبر الناتج عن ارتفاع أسعار الطاقة بوجه عام، وكان على الحكومة بعد تداعيات أزمة “كورونا” على الاقتصاد السوداني أن تتبنى توجّهًا محدّداً هو تحفيز النشاط الاقتصادي ودعم الصناعة من أجل استمرار عملية الإنتاج، والحفاظ على القوة العاملة وعدم تسريحها، لذلك كان على الحكومة الإبقاء على أسعار الكهرباء للصناعة، وكان من الأفضل تأجيل قرار رفع الأسعار مراعاة للبعد الاجتماعي، وعدم تحميل المواطن مزيدًا من الأعباء في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية حتى لو كان هناك مبرر اقتصادي من نقص موارد الدولة وزيادة نفقاتها، مثلما فعلت العديد من الدول، التي أرجأت تحصيل فواتير الكهرباء والإيجارات إلى أن تخف حدة الأثر التي تسببت فيها الجائحة.
**زيادة معدل التضخم
وواصل فتحي حديثه (الصيحة) قائلاً: إن رفع أسعار الكهرباء سيؤدي إلى زيادة معدل التضخم، لأن الزيادة غير محدودة، ولأن هذه الزيادة ناتجة عن أثر مباشر وهو رفع أسعار الكهرباء للاستهلاك المنزلي والشريحة التجارية، وهنالك أثر آخر غير مباشر ناتج عن ارتفاع بعض أسعار السلع والخدمات التي تنتجها تلك الشريحة التجارية، وكان يجب إرجاء القرار الأخير برفع أسعار شرائح الكهرباء، نظراً لما ألحقته أزمة «كورونا» من ضرر بالاقتصاد السوداني، وفى القلب منه الدخل المتاح للمواطن، الذي أثر على توقف العديد من الأنشطة والأعمال والمشاريع عن العمل وتسريح الموظفين والعمال، وكذلك تخفيض المرتبات والأجور في عدد من الأنشطة والمشاريع، وبالتالي، فإن رفع أسعار الكهرباء يضغط على الدخل المتاح، وهو ما يؤثر نسبياً على الإنفاق الاستهلاكي للأسر القطاع العائلي.
واضاف: كان على الحكومة الانتقالية أن تختار بين طريقتين لزيادة أسعار الكهرباء، أولاً: يمكن أن تتم زيادة أسعار الكهرباء على جميع شرائح الاستهلاك للقطاع المنزلي والتجاري بنسب مختلفة، بحيث تكون زيادة طفيفة وترتفع مع زيادة الاستهلاك مع استمرار الدعم التبادلي من كثيفي الاستهلاك، وتثبيت الأسعار على المصانع وعدم زيادتها وذلك لتحملها أعباء كثيرة طوال الفترة الماضية.
ثانياً: زيادة الأسعار على جميع شرائح الاستهلاك لجميع القطاعات بنسب تتراوح بين 50% إلى 70%، وزيادة الدعم التبادلي من كثيفي الاستهلاك لمحدودي الدخل والأكثر احتياجاً، وزيادة الأسعار على القطاع الصناعي بنسب طفيفة جداً.
** ضغط نفسي
ويرى محمد أن عدم شعور المؤسسات الرسمية مع النتائج العكسية لقرارات رفع الأسعار مع أصحاب الدخل المتدني تخلق حالة غير مستقرة في المجتمع، خصوصاً في ظل عدم القدرة على تأمين الحاجات الأساسية للأسرة. وأن رفع الأسعار يخلق حالة من الضغط النفسي وحالة من اليأس والقهر على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كافة، ويتسبب بزيادة نسبة الجريمة، الانتحار، وتعاطي المخدرات.
وأن تغيير أسعار الكهرباء سيغير وبشكل كبير فاتورة الكهرباء ويقلص الدخل المحدود وقيمته.
لافتاً إلى تداعيات هذا الارتفاع على المواطن الذي سيعيد ترتيب أولوياته وتنظيم إنفاقه، ويؤثر كذلك على بعض الالتزامات التي يلتزم بها كمواطن مستهلك. مشدداً على ضرورة اتباع الحكومة النهج التدريجي في رفع أسعار الكهرباء، وذلك حتى يتمكن المواطن التكيّف مع القرار، خصوصاً في ظل الظروف التي يعيشها الشعب السوداني، فضلاً عن التفكير بالبدائل التي يمكن تقديمها للمواطنين حتى يتمكنوا من مواجهة النفقات المتواصلة وارتفاع الأسعار المتواصلة مع ارتفاع نسبة التضخم مع انخفاض مستمر لقيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية.
** ضائقة معيشية
من جهته، أشار الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي، إلى أثر زيادة أسعار الكهرباء على كافة القطاعات الإنتاجية، وقال إن آثارها مباشرة على المواطن لأنها الزيادات تشمل القطاع السكني، ووصف الزيادة بالكبيرة من ١٥ قرشاً للكيلو واط إلى ٨٠ قرشاً للمائة الأولى ثم ١٠٠ للدفعة الثانية، في وقت يعاني فيه المواطن من ضائقة معيشية دون أن تكون هناك زيادات في الرواتب، لافتًا للتفسير الاقتصادي إلى هذه الزيادات بأنه تضخّمي بامتياز لدخول الكهرباء في أي شيء، وسوف تحدث أثراً بالغاً جداً تزيد بموجبه الأسعار، وتزيد الأعباء وتتدنى القوة الشرائية للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية جراء التضخم.
هذه الإجراءات عندما تتزامن مع إجراءات تضخّمية أخرى كرفع الدعم عن المحروقات والأدوية وخلافه تفرض على المواطن المزيد من المعاناة والمشقة في الحياة، لا سيما أنها تحدث دون زيادة رواتب الموظفين في الدولة، ولابد للقطاع الخاص أن يحذو حذوهم، أما أصحاب الأعمال الحرة فهم يتصرفون برفع الخدمات التي يقدمونها.
وتوقع الرمادي في حديثه لـ”الصيحة” المزيد من ارتفاع معدلات التضخم والتي وصلت حدوداً مخلة جداً تجاوزت الـ ٢٥% أو ٣٠% شهرياً، وهذا يعني أنها قاربت الـ ٣٠٠% في العام، وهذا أمر مُزعِج جداً والدولة لم تتخذ أي إجراءات تساعد على الحد من الارتفاع المخل، والسودان من بين ٥ دول ترتفع فيها معدلات التضخم إلى حدود خطيرة للاقتصاد، وحذّرنا منه طيلة السنوات الماضية، ولا أحد يهتم، الكل مشغول بالمشاكل السياسية، وترك الجانب الاقتصادي، وهو العمود الفقري لحسن إدارة البلاد، ونرى الإخفاق في المجال الاقتصادي وقد انتشر إلى مجالات أخرى، ونبه إلى أن الزيادة جانب منها سوف يذهب إلى الخزينة العام، والجانب الآخر تعويض فاقد القيمة (الجنيه السوداني)، التي تتآكل قيمته يوميًا جراء ارتفاع معدلات التضخم التي فاقت حد الجنوح، وفشلت الحكومة فشلاً ذريعاً في أن تحد من غلوائها، وتوقف التصاعد، وقال: ما يحصل الآن نتيجة تراكمات السياسات الخاطئة، مشدداً على ضرورة أن يوضح البنك المركزي حجم الكتلة النقدية المتوفرة الآن لدى المجتمع، وكم النسبة المناسبة للاقتصاد السوداني وليس ١٠% التي تم اختيارها لأروبا لأن وضعنا لا يشابه وضعهم، نحن لدينا القطاعات المنتجة التقليدية (الزراعي والرعوي) لا يتعاملون مع القطاع المصرفي، وهذه كتلة نقدية مجمدة بعيداً عن البنك المركزي، وهذا يستوجب أن لا يكون حجم الكتلة النقدية ١٠% من الناتج المحلي الإجمالي، وإنما تكون ما بين الـ٢٠ إلى ٢٥% من حجم الكتلة النقدية حسب تقديري، وتُحسب حساباً صحيحاً قبل أن نعزو أسباب التضخم إلى زيادة الكتلة النقدية والطباعة، والتضخم الموجود الآن يستوجب مزيداً من الطباعة لأن التضخم الجامح يفقد الكتلة النقدية جزءاً من قوّتها الشرائية. ونادى بأهمية الخروج من نمط التفكير التقليدي الخاطئ، واللجوء إلى سياسات سليمة تؤدي إلى الإصلاح الاقتصادي.