صديق البادي يكتب : الجيش السوداني الباسل.. خط أحمر
صبر الشعب السوداني كثيراً على الأذى الذي ظل يحدثه الشفتة الأثيوبيون الذين يخترقون الحدود ويتوغلون في الفشقة وهي منطقة سودانية زراعية ممتدة المساحة شاسعة واسعة خصبة ودرحوا على هذه الاعتداءات منذ أعوام خلت، وكان يتم صدهم بعد مناوشات بين الطرفين، ولكنهم مؤخراً سعوا لاحتلالها تدريجياً بوضع اليد ومحاولة نزعها من السودان وضمها غصباً لأثيوبيا متجاوزين المواثيق الدولية ومستغلين الظروف الحرجة التي يمر بها السودان والمتمثلة في الصراعات الداخلية وضعف الحكومة والتحرشات والضغوط الخارجية والسهام المسمومة الموجهة ضده من عدة أطراف خارجية تسعى لاستفزازه وخلق فتنة بينه وبين أثيوبيا وجرهما لحرب استنزافية طويلة المدى.
وقد كثرت الاستفزازات والتعديات الأثيوبية على الأراضي السودانية، وبعد الكمين الذي نصبوه واستشهد فيه عدد من الشهداء البواسل من الجيش السوداني، قام الجيش السوداني الباسل بفرض سيطرته الكاملة على جبل أم الطبور داخل الحدود السودانية بعد خوضه معارك ضارية مع المليشيات الأثيوبية، وانتهت المعارك بانتصار الجيش السوداني واكتساحه وفرض سيطرته ولا زال يقود المواجهات لتطهير أرضه من دنس المعتدين الظالمين.
وأمضى السيد القائد العام للقوات المسلحة الباسلة ثلاثة أيام بالقيادة الشرقية في خط المواجهة الذي تقوده القوات المسلحة بمؤازرة الشعب السوداني دفاعاً عن الأرض والعرض. والجيش السوداني منذ القدم عرف بالبسالة ورفض (الحقارة) والشواهد على ذلك لا تحصى وصفحات التاريخ تحكي على سبيل المثال الانتصار الساحق الذي حققه السلطان بادي أبو شلوخ والأمين ود مسمار قائد الجيش وأبو الكيلك قائد الفرسان. وجيش السودان الباسل هو الذي دافع ببسالة عن أثيوبيا وصد عنها العدوان الغاشم في الحرب العالمية الثانية، وعند عودة الضباط وضباط الصف والجنود الأشاوس من أثيوبيا وأيضاً من شمال أفريقيا منتصرين بعد دفاعهم المستميت استقبلتهم الفنانة عائشة الفلاتية وهي تردد (يجو عايدين) وأن للسودان بغير امتنان افضالاً كثيرة على أثيوبيا بلا مقابل أو رد للجميل وقد آوى كثيراً من الأثيوبيين الذين استقروا فيه، وأصبح لهم موطناً، واحتضن أيضاً كثيراً من اللاجئين الإثيوبيين عندما تحدث بينهم حروب…. والحكومة الاثيوبية تزج في سجونها أي سوداني وتعاقبه وتعامله معاملة سيئة إذا خرج منها، وهو القبض في المطار وغيره من المعابر، وهو يحمل دولارات وعملات حرة لم يسجلها عند دخوله لبلادهم أو حصل عليها نتيجة عمله في أثيوبيا ويشترطون عليه أن يخرج بالعملة السودانية أو الأثيوبية، أما الإثيوبيون العاملون في السودان من الجنسين، فإن الحكومة السودانية لا تفرض عليهم الخروج بما حصلوا عليه بالعملة السودانية أو الأثيوبية، ولذلك فإنهم يحولون ما يحصلون عليه بالعملة السودانية لدولارات يحولونها لوطنهم أثيوبياً وتحويلاتهم الكثيرة هي ضمن أسباب رفع سعر الدولار وانخفاض قيمة الجنيه السوداني، وفوق ذلك فإن بعض أبناء السودان العاقين من الجشعين المهربين الذين ماتت ضمائرهم وخربت ذممهم ظلوا يهربون بلا وازع أخلاقي أو ديني مواد كثيرة مدعومة من الدولة لأثيوبيا وغيرها مثل الدقيق والقمح والذرة والأدوية والمواد البترولية .. الخ. وهؤلاء الذين ماتت ضمائرهم يجنون من تهريبهم أموالاً طائلة ولكنها أموال قذرة ويظنون أنهم يملكون تلالاً من المال، ولكنهم في الحقيقة يجلسون على تلال من القمامة والقذارة… ونأمل أن يرعوي الشفتة الإثيوبيون ومن يقف خلفهم. وجميع المخلصين يطمحون في سلام ووئام وجوار آمن بين البلدين.
وأن أي دولة إذا أرادت أن تكون راسخة مستقرة تحتاج لوجود جهاز أمن واستخبارات قومي قوي، وفي العهد السابق تمدد الأمن تمدداً أخطبوطياً وتمددت سلطاته السياسية والاقتصادية وبجانب الجهاز الرسمي كان يوجد أمن شعبي وبينهما تكامل وانسجام وينطلقان من مشكاة واحدة ومن بين أهم مهامهما المشتركة مناهضة المعارضين وحماية السلطة الحاكمة وتثبيت كراسي الحاكمين ولتحقيق ذلك أهدرت موارد مالية كثيرة وأقيمت استثمارات وشركات أمنية لا تحصى لها تجاوزات ومنحت إعفاءات وتسهيلات في إطار ميزانية التمكين المفتوحة التي لا تخضع لمراجعة ديوان المراجع العام، أي أن تلك الأجهزة الأمنية الرسمية والشعبية كانت ترضع من ثديين هما ثدي الميزانية وثدي ميزانية التمكين التي لا تخضع لوزارة المالية وخزانتها العامة، وتلك صفحة طويت ومن كانوا ينالون نوالها السخي وحرموا منه فإنهم يتألمون ويتحسرون (والعين تبكي النفاع)، والمطلوب وجود جهاز أمن واستخبارات قومي قوي يحفظ مصالح الوطن العليا وأمنه القومي دون أن يكرس جهده ويبدد موارد البلد المالية في تثبيت كراسي الحاكمين، ولابد من إيلاء الأمن الخارجي أقصى درجات الاهتمام لئلا يسرح ويمرح المنفلتون من الديبلوماسيين الأجانب وغيرهم من الجواسيس الأجانب وعملائهم وعيونهم في الداخل . وبجانب ذلك فإن الشرطة السودانية تقوم بواجباتها المهمة والواجب يقتضي توفير كل المعينات لها مع عدم التعدي على اختصاصاتها ومهامها .
وفي السودان جيش وطني باسل تاريخه ناصع البياض وصفحاته مشرقة ومشرفة على مدى عقود طويلة ممتدة من الزمان، وظل يحمي الأرض والعرض . وهو جيش واحد والوطن لا يتحمل أن يكون فيه أكثر من جيش نظامي واحد فقط لا غير، ولكن يمكن أن تكون له أذرع مساعدة تابعة وخاضعة له وتعمل بتفويض منه لأداء مهام محددة وعلى سبيل المثال فإن قوات الدعم السريع هي جزء من القوات المسلحة، وليس جيشاً موازياً لها أو منفصلاً عنها، وهي تعمل في ظروف استثنائية لأداء مهام محددة أملتها طبيعة المرحلة. وبعد توقسع الاتفاقيات في جوبا وعودة قادة الحركات المسلحة فإن هذا يعني تلقائياً أنهم وضعوا السلاح ويعني هذا بالضرورة أن كل المقاتلين في كافحة الحركات الموقعة قد وضعوا السلاح وتقع على قادة هذه الحركات مسئولية توفيق أوضاع هؤلاء المقاتلين بطريقة (الحساب ولد)، ومعرفة ما لهم وما عليهم وإن كانت لهذه الحركات أموال كانت مخزنة للصرف في كافة الأوجه ويضاف لذلك ما تملكه الحركات من أسلحة ثقيلة وخفيفة وعربات دفع رباعي وغيرها من العربات ووسائل النقل والترحيل . والملاحظ أن عدداً من هؤلاء القادة ولا أقول كلهم قد انصرفوا للمحاصاصات ونيل نصيبهم المرتقب في كيكة السلطة على المستويات السيادية والتنفيذية والتشريعية والولائية، ونرجو ألا تحدث بينهم صراعات وشد وجذب في توزيع حصتهم، ومن حقهم نيل ما تم الاتفاق عليه، ولكن عليهم أن لا ينسوا المقاتلين السابقين الذين كانوا معهم، ومن حق هؤلاء أن يستقروا بعد صدور العفو العام عنهم والواجب يقتضي توفير فرص العمل لهم في شتى المجالات التي تناسب قدراتهم مع إيجاد مشاريع إنتاجية جماعية تكفل لهم العيش الكريم مع استيعاب المؤهلين منهم للانضمام للقوات المسلحة الباسلة إذا توفرت فيهم الكفاءة والقدرة التي تمليها شروط القبول والاستيعاب، ولكن بعض قادة الحركات يتهربون من مسئولياتهم تجاه مقاتليهم ويريدون أن يقع العبء على الحكومة وعلى القوات المسلحة الباسلة بترديد القول الهلامي عن إعادة (هيكلة القوات المسلحة) وتغيير عقيدتها وتكوين جيش جديد من عدة مكونات وحتى إذا قيل لهم تعالوا لتنزيل هذه الفكرة على الأرض فإنهم يعجزون (والفي البر عوام ) . والجيش الوطني نسيجه واحد ولا يمكن أن يكون كجلباب درويش فيه قطع من مختلف الألوان والأحجام، ولا ينكر أحد أن من حق المقاتلين السابقين بعد أن وضعوا سلاح أن يستقروا آمنين وسط أهلهم …
والتحية والانحناءة والتقدير للقوات المسلحة الباسلة حامية الحمى والمدافعة ببسالة ووطنية صادقة عن الأرض والعرض.. والقوات المسلحة الباسلة خط أحمر .