2020 أرقام مُخيفة وزيادات قياسية .. تضاعُف معدل التضخّم 310% قابلة للزيادة، والجنيه يفقد 200% من قيمته
تضاعُف أسعار السكر واللحوم 300%
1000 % زيادة في تعرفة المواصلات
الخرطوم: جمعة عبد الله
بدأ العام الجديد وسط شكوك وضبابية حول قدرة الحكومة الانتقالية على السيطرة على السوق الموازي وضبط الصرف، مع مؤثرات سلبية تمثلت في الخلافات التي دارت حول الموازنة التي أعدها الوزير السابق د. إبراهيم البدوي ورفض قوى الحرية والتغيير لإجازتها، فبدأت البلاد لأول مرة عاماً جديداً بلا موازنة.
وخيّبت الحكومة الانتقالية آمالاً عراضاً للسودانيين في إصلاح الاقتصاد، حيث كان سقف التوقعات مرتفعاً لحد بعيد بأن يؤدي تشكيل أول حكومة مدنية عقب نجاح الثورة إلى إقرار سياسات اقتصادية مرنة وواقعية مع التشديد في الإصلاح الاقتصادي بما يسهم في السيطرة على سعر الصرف.
أسوأ عام للجنيه
تعتبر فترة الاثني عشر شهراً الماضية أسوأ فترة تمر بها العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، حيث بدأت وسعر الدولار في السوق الموازي يعادل 88 جنيهاًـ وانتهت عند حدود 260 جنيهاً، مع مؤشرات سالبة أدت لذلك الانفلات دخول البلاد العام الجديد لأول مرة في تاريخها وهي بلا موازنة متفق عليها، ولم تتم إجازتها حتى في الموعد المؤجل “مارس 2020” قبل أن تجيز الحكومة موازنة بديلة بعد مرور 8 أشهر.
أرقام الدولار 2020
بدخول يناير من العام الجديد 2020 كانت أسعار الدولار في حدود 88 جنيهاً، ثم قفزت في فبراير إلى 107 جنيهات، ثم واصل الارتفاع في مارس إلى 116 جنيهاً، وتراوح السعر في مطلع ونهاية أبريل بين 118 – 125 جنيهاً، واستقر في مايو عند حدود 122 جنيهاً، وفي يونيو 138 جنيهاً، ويوليو 144 جنيهاً، فيما شهد شهر أغسطس المنصرم أكبر قفزة للدولار فوصل إلى 200 جنيه، أول الشهر قبل أن يوالي الارتفاع إلى 220- 230 – 245 جنيهاً، حتى وصل في آخر أيام الشهر ومطلع سبتمبر لنحو 260 جنيهاً كأعلى سعر، وفي أكتوبر 230 – 234 جنيها، وفي نوفمبر بين 255 حتى 270 جنيهاً.
تحليل
وبتحليل هذه الأرقام، نجد أن الفرق بين أدنى سعر للدولار في يناير وديسمبر بلغ 172 جنيهاً، بنسبة زيادة تعادل 200%، فيما كانت فترة الربع الأول من العام “يناير – مارس” هي الأكثر استقراراً بين “88 – 116” جنيهاً، والفترة من “أبريل حتى يونيو” كانت أسعار الدولار بين “116- 138 جنيهاً”، وشهد الربع الثالث من العام أكبر نسبة زيادة في أسعار الدولار من 144 جنيهاً إلى 260 جنيهاً، بنسبة زيادة أقل بقليل من الضعف، وتحديدًا بلغت الزيادة 90%، فيما استقرت في الربع الأخير من العام عند ذات القيمة رغم الانخفاض الطفيف عقب صدور قرار إزالة السودان من قائمة الإرهاب لكن السوق الموازي سرعان ما عاود رجوعه للأسعار القديمة.
أما الفترة الثانية من فبراير 2020 وحتى الآن، فقد شهدت انفلاتاً قياسياً لأسعار الصرف وفي مقدمتها الدولار، حيث كان في بادئ الأمر فبراير “107”، وظل في تصاعد متواصل حتى بلغ 260 جنيهاً مطلع الشهر الجاري، فيما تناقصت قيمة الجنيه أمام الدولار بشكل حاد خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.
تصاعد مخيف للتضخم
ووصل معدل التضخم أرقاماً قياسية حتى بات السودان من أعلى دول العالم نسبة لمعدل التضخم، وما يتبعه من ارتفاع المستوى العام للأسعار، وما يؤكد حجم الأزمة، اتساع الفرق أدنى وأعلى معدل إلى 193% كفرق بين معدل بداية يناير ونهايته في ديسمبر.
وكان معدل التضخم في يناير 61% ارتفع في فبراير إلى 78% وفي مارس إلى 93% وفي أبريل 98%، وفي مايو بلغ معدل التضخم 114% بنسبة ارتفاع 15%، وفي يونيو 136% وفي يوليو بلغ 143% وفي أغسطس 166%، وفي سبتمبر بلغ 212% كأعلى نسبة زيادة، وفي أكتوبر بلغ 229% وفي نوفمبر بلغ 254%، ومن المتوقع أن يتواصل الارتفاع عند إعلان معدل شهر ديسمبر.
1000% زيادة في تعرفة المواصلات
وارتفعت تعرفة المواصلات بمعدلات هي الأعلى من حيث الزيادة، حيث بلغت الزيادات في تعرفة شركة المواصلات العامة 1000% بين يناير إلى ديسمبر، كما ارتفعت تعرفة خطوط المواصلات القصيرة بنسبة 1000%، وبين 400 – 200% للخطوط المتوسطة والطويلة، وفي يناير الماضي كانت أدنى تعرفة للخطوط القصيرة تبلغ “2” جنيه فقط، ارتفعت تدريجياً لثلاثة جنيهات، ثم خمسة ثم عشرة جنيهات، قبل أن تصل الآن إلى “30” جنيهاً كأقل تعرفة مواصلات بالخرطوم، وشمل الارتفاع بقية الخطوط من “30 – 100” جنيه، ومن “50 – 150” جنيهاً، كما ارتفعت تعرفة شركة المواصلات العامة وهي شركة حكومية بنسبة 1000%، وكانت أجرة الراكب لبص المواصلات العامة في يناير الماضي “50” جنيهاً ووصلت إلى “50” جنيهاً الآن.
الأسعار.. زيادة فلكية
وبالتوازي مع التزايد المستمر في معدل التضخم، تتغير أسعار السلع الاستهلاكية بشكل مستمر، خاصة السكر والزيوت والخضروات واللحوم وغيرها من المواد الاستهلاكية بلا استثناء.
بالنسبة للسكر، كان الجوال زنة 50 كيلو بسعر 2400 جنيه في يناير، بمعدل 48 جنيهاً للكيلو، وترتفع أسعاره شهرياً حتى وصلت إلى 7500 جنيه، بمعدل 150 جنيهاً للكيلو، الجوال 2400 جنيه بمعدل الكيلو 45 جنيهاً، وفي فبراير بلغ الجوال بين “3 آلاف إلى 2800” جنيه، وفي مارس 3500 جنيه، وفي أبريل 3700 جنيه.
اللحوم في يناير كيلو الضأن 450 جنيهاً وكيلو العجالي 240 جنيهاً وفي مارس بلغ الضأن 600 والعجالي 450 جنيهاً، وفي نهاية العام بلغ كيلو الضأن 900 إلى ألف جنيه والعجالي 800 إلى 700 جنيه، فيما كانت أسعار اللحوم البيضاء في يناير الماضي “180” للكيلو، وصلت إلى “550” جنيها الآن، بنسبة زيادة 320%، وكان طبق البيض “150” جنيهاً وسعره الآن “600” جنيه بنسبة زيادة بلغت 400%.
أما مواد البناء فكانت الزيادة فيها قريبة من هذه النسب، حيث كان طن الاسمنت في يناير الماضي بسعر “10” آلاف، ووصل إلى “30” ألف جنيه الآن، بنسبة زيادة بلغت 300% وطن السيخ كان “60 – 65” ألف جنيه، ووصل إلى “170 – 175” ألف جنيه الآن بنسبة زيادة 290%.
تقارير صادمة
وقياساً على الأرقام المتزايدة وتأثيرها الملحوظ على معيشة المواطنين، جاءت تقارير المنظمات العالمية محذرة من تبعات سلبية حال عدم تحسُّن الاقتصاد.
وكشف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالسودان (أوتشا) عن زيادة شديدة نفذت في أسعار جميع السلع الغذائية وغير الغذائية، وزادت أكثر من الضعف مقارنة بالعام السابق بنسبة 500% مقارنة بمتوسط السنوات الخمس الماضية، وأشار لزيادة شديدة في أسعار جميع السلع الغذائية وغير الغذائية، وزادت أكثر من الضعف مقارنة بالعام السابق بنسبة 500% مقارنة بمتوسط السنوات الخمس الماضية.
وأوضح (أوتشا)، في نشرة مشتركة مع وكالات الأمم المتحدة “الفاو” وبرنامج الغذاء العالمي و”برنامج الإنذار المبكر”، أن سعر الذرة زاد بنسبة 5%، وسعر الدخن بنسبة 10%، وسعر القمح 20%، في نوفمبر الماضي.
وعزا زيادات أسعار الغذاء في السودان، إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل، واستمرار انخفاض قيمة الجنيه السوداني
وأوضحت النشرة أن أسعار الحبوب ظلت أعلى بنسبة 250-300% من الأسعار في العام الماضي و550-680% أعلى من متوسط السنوات الخمس الماضية، وفقًا لآخر تحديث من شبكة الإنذار المبكر والتقييم.
وحذر من أن هذا العام لا يزال انعدام الأمن الغذائي فيه منتشراً في أنحاء مختلفة من البلاد بسبب ظروف الاقتصاد السيئة السائدة في البلاد.
تحذيرات
وقريباً من ذلك، كشف آخر تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة “فاو”، عن انخفاض إنتاج السودان من الذرة الرفيعة والدخن للعام 2019- 2020م، بنسبة (36%) من الإنتاج القياسي للعام السابق و(18%) أقل من متوسط السنوات الخمس الماضية، وقالت المنظمة “قد يكون لذلك تأثير خطير على الأمن الغذائي في البلاد، حيث يعاني ما يُقدّر بنحو 5.8 مليون شخص “14% من إجمالي السكان” من أزمات أو مستويات أسوأ من عدم استتباب الأمن الغذائي”.