2020 …عامٌ بلا تعليم
الخرطوم: إبتسام حسن
عام ٢٠٢٠، كان أكثر عام يمثل نكبة التعليم بالبلاد، ولا توجد أي دولة تأثرت بما أثير عن جائحة كورونا أو غيرها وجمدت عاماً كاملاً للتعليم، وأول ما تأثر بذلك هم الأطفال والطلاب تأثيراً كان له أثره التربوي الكبير حسب إفادات تربويين، إذ أن التأخير يمكن أن يعمل على زيادة الأمية بسبب التسرب من المدارس بل وظهر ذلك فعلياً في امتحانات شهادتي الأساس والثانوي، إذ قُدر عدد المتسربين من امتحانات الشهاده الثانوية العامة بآلاف الطلاب.
والنكبة هنا تتمثل في ذهاب أطفال للعمالة بمناطق التعدين فيما تسربت طالبات وتزوجن.. بل ويرى التربويون وجود مخاطر جمة بسبب تجميد العام الدراسي، إذ التحق الكثير من التلاميذ بمهن هامشية وتجارية منها مهن بترولية، وكل ذلك لوجود التلاميذ والطلاب خارج المدارس لفترات امتدت لمدة عام خارج أسوار المدارس، واتجه الكثير منهم إلى أندية المشاهدة وميادين الكرة، وبدأت نظرتهم للتعليم تتغيير، وهذا بدوره يؤدي الى ضعف التحصيل الدراسي فيما ينعكس ذات الأثر على المعلمين، ويؤدي إلى ضعف الحساسية تجاه المهنة.
التعليم والمناهج
أبدى عديد من التربويين آراء على مدير المركز القومي المناهج عمر القراي، وطالب من قبل داعية إسلامي بضرورة إقالة القراي، كما نشبت عدة خلافات بين وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وبين مجمع الفقه الإسلامي من جهة، وبين القراي من جهة أخرى، حول ملاحظات على منهج التربية الإسلامية الذي وُضِع حديثاً، وكان قد أصدر مجمع الفقه أكثر من ١٩ ملاحظة على المنهج وأبدت جهات ملاحظات على بعض العقليات التي تدير التعليم، وأكدت أن الأعوام المقبلة لن تكون بأحسن من سابقتها، إذا لم تتحسن تلك العقليات، ما أثار غباراً من بعض على عدم جاهزية وزارة التربية والتعليم العام لاستئناف الدراسة وعدم إعداد المنهج.
وكان وزير التربية بروفسير محمد الأمين التوم، قد أعلن في مؤتمر صحفي عدم جاهزية المنهج، غير أن وزارة التربية أكدت مؤخراً أن التعديل في المناهج يطال منهجي الصف الأول والسادس أساس، وأن الوزارة فرغت تماماً من إعداده .
وعود لم تتحقق
أشار تربويون إلى أن عام ٢٠٢٠ كان من المتوقع أن يكون عام نقلة في التعليم لجهة وعود استبشر بها خيراً، غير أنها لمدة عام كامل لم تتحقق، إذ أن العام ٢٠٢٠ كان ينظر إليه بأنه عام المناهج.
واستهجن الأمين العام للمدارس الخاصة السابق الشعراني الحاج محمد أن يذهب التلاميذ والطلاب إلى المدارس بذات الأسباب التي تم رفضها في عهد الاستعمار، مؤكداً أن المنهج الجديد يعظم الاستعمار، وقال الشعراني في تصريح لـ (الصيحة)، إن ما وضع في منهج التاريخ للصف السادس يستحي حتى المستشرقون من وضعه، مستنكراً أن يُبجَّل المنهج الاستعمار ويجرم الثورة المهدية، ويتم سحبها من المنهج وكأن من وضع المنهج يريد أن ينتصر للاستعمار، ووصف عام ٢٠ ٢٠ بعام السخف في التعليم، وعام الوعود الجوفاء، مؤكدا أن المنهج يكرس لمجزرة في التعليم، كأنه وضع من المستعمرين في سياق يدعي فيه البعض الوطنية، وقال الشعراني إن منهج التاريخ للصف السادس أساس يقف ضد القصيدة التي يقول أحد أبياتها (ما بهاب الأسد المكشر ما بدخل مدرسة المبشر)، وقال إن الوعود لم تتحقق من توفير وجبة مدرسية ووضع مناهج منوهًا الى أن السودان يصنف أسوأ بلد في تعطيل التعليم، وقال إن البعض غير مؤهل لاعتلاء مناصب في التعليم، مؤكداً أن التعليم يحتاج إلى عقدين من الزمان للتعافي.
تلاميذ في مهب الريح
اعتبر البعض أن بقاء التلاميذ والطلاب خارج سور المدارس لمدة عام كامل ألقى بظلال سالبة على نفسيات التلاميذ واكتساب عادات قبيحة ومزعجة، وقال الشعراني: إذا أخذ الأمر بمبدأ العقلانية فلا يفترض أن تفتح المدارس قبل توزيع مرشدين نفسيين، مؤكداً أن الفراغ الذي تركه عدم استئناف الدراسة جعل الطلاب خاصة المراهقين يمارسون كل الجرائم، وقال: لا يمكن أن يعيش الطلاب لمدة عام كامل في فراغ، مشيراً إلى أن التسرب الذى أظهرته امتحانات الشهادة السودانية لم يحصل من قبل، والذي وصل إلى الآلاف من الطلاب المتسربين وأرخته نتيجة الشهادة الثانوية العامة في شكل غياب من الامتحان، ووصف ذلك بغير العادي، وأنه مأساة كبرى، واعتبر تصريحات المسؤولين عن أسباب تأجيل الدراسة ومنها كورونا أضحوكة، سيما أن الحياة ممارسة في جميع الأوساط، وأن المواصلات تسير بوضع طبيعي، وأن الأسواق ممتلئة، وأن الحياة مُباشَرة حتى وسط الأعمار المتأثرة.
المدارس وكورونا
أكثر من مرة، أكدت وزارة التربية والتعليم العام، أن قرار فتح المدارس يرجع إلى وزارة الصحة الاتحادية واللجنة العليا للطوارئ الصحية، سيما أن الوضع يتعلق بسلامة التلاميذ والطلاب، وظلت وزارة الصحة توصي بإغلاق المدارس في ظل الأعداد المتصاعدة للإصابة بالمرض، كما ظلت الصحة متمسكة بأن تضع وزارة التربية خططاً لكل الولايات لمجابهة “كورونا”.
وحذرت وزارة التربية والتعليم العام من استمرار تأجيل فتح المدارس، مؤكدة أن استمرار التأجيل يُربك تحديد امتحانات الشهادة الثانوية العامة.
وكشف ممثل وزارة التربية في اللجنة العليا للطوارئ الصحية المعز فيصل الشيخ في تصريح لـ (الصيحة) عن مساعٍ لوزارته لإنزال الصف الثالث ثانوي في حال تم التأجيل مرة أخرى, واعتبر بقاء طلاب الصف الثالث في ولاية الخرطوم خارج المدرسة خللاً وتبايناً في المواقف مع بقية الولايات، وقال إن وزارته طرحت خيار البداية التدريجية لعودة الصف الثالث في حال تعثر عودة بقية الفصول، ولكنه أكد أن لجنة الطوارئ لم تبت في الأمر، وقال إن التأجيل المستمر اقتضى التعديل في التقويم الدراسي لجهة أن الفترة الزمنية للتقويم السابق لا تكفي. وأقر المعز بأن نسبة التغطية بالكمامات لا تتعدى نسبة5% لجميع طلاب الولايات، لكنه عاد وقال إنه بالنسبة لولاية الخرطوم لن تكون عقبة كبيرة لجهة أن هناك جهات داعمة قد تخصص كمامات للولاية مثل اليونسيف، وأكد أن وزارته لا تستطيع أن تملي على أي جهة تخصيص ولاية بعينها، منوهاً أنه في حال عدم توفرها توجد خيارات بديلة، وقال الشيخ إنه بعد الاجتماع الأخير للجنة الطوارئ الصحية والتي أعلنت فيه تأجيل الدراسة بولاية الخرطوم على أن تلتزم بقية الولايات بالاشتراطات الصحية في حال فتح المدارس لجهة أن ولاية الخرطوم أكثر ولاية متأثرة بالمرض.
أكد الشيخ أنه بعد الاجتماع الأخير تكونت لجنة لوضع خطة شاملة لإعادة فتح المدارس، مشيراً إلى أن الخطة تمت إجازتها بواسطة لجنة تضم أصحاب المصلحة، وقال إنه بالنسبة للولايات تم السماح بإعادة استئناف المدارس حسب رؤية الولاية وطبيعة الوضع الصحي في الولاية مع التشديد على تطبيق الخطة مع اشتراطاتها، وشدد على أنه في الوقت الراهن لا يوجد ما يمنع الولايات من استئناف الدراسة، وقال إن ولاية الخرطوم ترى أن الوضع الصحي لا يحتمل فتح المدارس حالياً، وقال: نحن في الوزارة ماضون في تجهيز الاحتياجات مع الجهات التي قررت أنها تساعد في توفير الكمامات وكل ما يساعد في تطبيق الاشتراطات الصحية، منوهاً إلى أنه بعد نهاية مدة التأجيل يتم تقييم الوضع، لكنه أكد أنه يتوقف على تقرير وزارة الصحة وإدارة الحكومة في ولاية الخرطوم.
وشدد الشيخ على أنه لا يوجد جانب تربوي يمنع استئناف الدراسة، منوهاً إلى أن القرار متروك لوزارة الصحة، مشيراً إلى أنه من ناحية المناهج فإنها اكتملت للفصلين الأول والسادس أساس، كما أنه لا توجد عقبة من ناحية الإجلاس، منوهاً إلى أن وزارته وضعت خطة محكمة تحقق شرط التباعد خاصة وأن البلاد مفتوحة .
تسييرية النقابة العامة للمعلمين تُعلن إضراب معلمي الكنترول
من أهم ما شهده العام 2020 إضراب أعلنت عنه اللجنة التسىييرية لنقابة المعلمين
وأعلن رئيس اللجنة التأسيسية للنقابة العامة لعمال التعليم الأستاذ يسن عبد الكريم بدء تنفيذ الإضراب عن العمل للمعلمين في جميع المستويات الاتحادية والولائية والمحلية لمدة يوم واحد تمهيدًا للإضراب لمدة أسبوع والإضراب المفتوح المعلن الشهر الماضي.. وكشف يسن أن إضراب الغد سيشمل معلمي كنترول الشهادة الثانوية، معلنا استثناءهم في الإضرابين الثاني والثالث اللذين لم يتم تنفيذهما.
وشدد خلال مخاطبته المعلمين بقاعة كنترول امتحانات السودان بالوزارة، أن هذه الخطوة تجيء كوسيلة ضغط من أجل نيل حقوق المعلمين المالية المتمثلة في الفروقات والبديل النقدي وبدل اللبس وضرورة احتساب الحقوق وفق الهيكل الراتبي الجديد المتضمن زيادة المرتبات.
وقال إن النقابة والمعلمين يستشعرون عظم المسئولية تجاه طلابهم الممتحنين وأسرهم، إلا أنهم سيقومون بهذا الإضراب من أجل الحصول على حقوق المعلمين الذين يبذلون الغالي والنفيس في العملية التعليمية.
حمدوك يُوجّه بمعالجة تشوُّهات الهيكل الراتبي للعاملين بقطاع التعليم العام
بعد يوم واحد من الإضراب المعلن سابقًا وجّه رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك بتكوين فريق عمل مشترك بين وزارة المالية ولجنة تسيير نقابة العاملين بوزارة التربية والتعليم لدراسة ومعالجة تشوهات الهيكل الراتبي.
بعد استقبال رئيس مجلس الوزراء بمكتبه مُمثّلِي اللجنة التسييريّة لنقابة العاملين بوزارة التربية والتعليم برئاسة الأستاذ يس حسن عبد الكريم، وناقش الاجتماع حينها مطالب المذكرة المرفوعة من قبل اللجنة التسييرية لنقابة العاملين.
وأكّد الاجتماع كذلك على أهمية الدور التاريخي الذي يقوم به المعلمون، فهم رُسُل العلم والوعي والمعرفة لمجتمعاتنا، والأمل الكبير المُرتجى منهم في قطاع التعليم عبر مسيرة البناء الأكاديمي والتربوي بالبلاد.
الجدير بالذكر أن هذا الاجتماع أعقبه اجتماع آخر مع وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، وذلك لمتابعة تنفيذ الخطوات العملية لتنفيذ توجيهات رئيس الوزراء في اجتماعه مع لجنة التسيير. وعلى ضوء ذلك تم رفع إضراب المعلمين.
أزمة بين التربية والمدارس الخاصة
نشبت في بداية أكتوبر الماضي، أزمة بين وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم وبين المدارس الخاصة على خلفية النزاع حول الرسوم الدراسية.
وكانت الشرارة الأولى لهذه الأزمة عقب إصدار لجنة تسيير المدارس الأجنبية تعميماً وجهت فيه المدارس الأجنبية بفتح باب التسجيل للعام الجديد ،وزيادة الرسوم الدراسية 200% كحد أدنى.
وأكدت الوزارة حينها أنها لم تكن طرفاً في هذه الأزمة، إلا عقب رفع أولياء الأمور شكاوى مكتوبة في حق بعض المدارس الخاصة والتي اتخذت الوزارة لاحقاً قرارات بحقها، حيث عبر أولياء الأمور عن رفضهم لتلك الزيادات الكبيرة في الرسوم الدراسية والتي بلغت في بعض تلك المدارس حوالي نصف مليون جنيه تزيد في بعضها، فضلاً عن اشتراط عدد من مؤسسي تلك المدارس سداد تلك الرسوم بالدولار.
وأكدت الوزارة أنها تدير نحو (4000) مدرسة خاصة كلها توافقت في تحديد رسومها للعام الجديد من خلال الجلوس مع أولياء الأمور، وأن المدارس التى رفضت التوافق كان ذلك نتاجاً لرفضها مقترح الجلوس مع أولياء الأمور هي مدارس محدودة لا تتجاوز أصابع اليد.
قرارات الوزارة
قرارات الوزارة الخاصة بسحب تصاديق مدارس (جنرال سينس، لتل هاندز، اي بي سي، سودان قرامر سكول، كبيدة، كمبردج) قالت إنها جاءت بعد جملة من التدابير والإجراءات الإدارية في إطار حرص الوزارة على مستقبل أبنائنا الطلاب بدأتها باستدعاء إدارات هذه المدارس وتوضيح الموقف القانوني لزيادة الرسوم وفقاً لقانون التعليم الخاص لسنة 2015م، ولائحة التعليم الخاص 2012م والتي تنص على أن زيادة الرسوم تكون مرة واحدة كل ثلاث سنوات بالمدرسة، ولكن المدارس المذكورة آنفاً ضربت عرض الحائط بخطابات الوزارة ورفضت التواصل معها، وتمسكت بزيادة الرسوم من طرف واحد، ما دفع الوزارة لسحب تصاديقها، وأكدت الحق لهذه المدارس في استئناف قرارات الإدارة العامة للتعليم الخاص، وقد مارست كل هذه المدارس حقها في الاستئناف بتقديم طعن بمحكمة الاستئناف، وهنالك ثلاث مدارس لم تكمل التوافق بشكل كامل حول الرسوم ولكنها تسعى في حوار جاد لتكملة التوافق وهي (مدرسة الخرطوم الدبلوماسية – مدرسة التعليم البريطاني – مدرسة بروقرس الخرطوم). أصدرت المدارس الخاصة آنفة الذكر بصورة فردية أو جماعية جملة من التصريحات والبيانات الصحفية.
وقامت وزارة التربية بمخاطبة محكمة الاستئناف الإدارية بالخرطوم حينها التي أصدرت أمر توقيف تنفيذ قرار سحب التصاديق وإغلاق المدارس بضرورة إعادة فتح المدارس عبر الإدارة القانونية للوزارة، وقد قبلت المحكمة حينها الطلب، ويشمل فتح المدارس لجميع الطلاب الذين وفقوا أوضاعهم مع الرسوم التي فرضتها تلك المدارس والذين لم يتوافقوا .
زيادة رواتب المعلمين
شهد العام 2020 رغم كل مشاكل التعليم زيادة في رواتب المعلمين بنسبة عالية مما اعتبره البعض إنجازا كبيراً بحكومة الفترة الانتقالية، غير أن لجنة المعلمين أعلنت عن إضراب لإزالة التشوهات في المرتب واستجاب رئيس مجلس الوزراء لكل مطالب المعلمين بعد الاجتماع باللجنة المكونة في هذا الصدد.