صلاح الدين عووضة يكتب : أين رأسي ؟!
فالسنة عندها رأس..
ولكن الناس يذكرون رأس العام الجديد وينسون رجليَّ الذي تولى…وهو يجرجرهما..
فهم لم يبلغوا هذا الرأس إلا بعد أن أوصلتهم الرجلان هاتان إليها..
وبهذا الوصول يكون العام الفائت هذا قد بلغ هو نفسه منتهاه ؛ إنقاصاً من أعمار الناس..
إلا بعد أن انقضى عمره هو ذاته ؛ وخرجت روحه من رجليه..
وذلك عكس ما يُقال عن أرواح الناس ؛ حيث يبدأ خروجها من الرجلين انتهاءً بالرأس..
فلماذا الفرح بالرأس – إذن – وعدم الحزن على الرجلين؟..
وفي مثل يومنا هذا – قبل عام – كتبت أقول إنني أشتري رأسي دوماً عند رأس السنة..
فألقي به على الوسادة ؛ فلا تزعجه رؤوس المحتفلين..
لا تزعجه رؤوسٌ تقفز…وتصرخ…وتتمايل طرباً – وفرحاً – بالخارج ؛ لماذا؟…لا أدري..
ولكن في رأس عامنا الجديد هذا سوف تحذو رؤوس كثيرة حذوي..
سوف يبتاعها أصحابها كرهاً ؛ فترتاح رؤوس المدن – والفضاءات – بفضل الكورونا..
وسيشهد العام الجديد ظاهرةً في بلادنا لا مثيل لها..
وذلك إن لم يخبره بها العام الفائت لحظة تسليم رأسه شعلة المشوار برجليه المنهكتين..
فدولتنا لديها رؤوسٌ عديدة في قمة رأس هرم سلطتها..
ثم الرؤوس الأدنى تحت كلٍّ منها رؤوسٌ تحيط بها إحاطة رؤوس المشاكل برؤوس الناس..
حتى لم يعد الناس هؤلاء يعرفون رؤوسهم من أرجلهم..
وتحت رأس حمدوك رؤوس – بمسمى مستشارين – لا عمل لها سوى تسبيب صداع للرؤوس..
رأس الوطن…ورؤوس المواطنين…ورؤوس المايكروفونات..
وكلها – بما فيها رأس حمدوك – محسوبة على الحزب الشيوعي ؛ فيُقال الحكومة شيوعية..
والشيوعي يقول : هذا طرفي – ورأسي – منها..
والسيادي فيه رؤوس – هي الأكثر في تاريخه – لا يخرج منها ما يفيد العباد…و البلاد..
وكل ما تفكر فيه المخصصات…والفارهات…والنثريات..
وفي الطريق – إلى كلٍّ من الوزاري والسيادي – رؤوسٌ جديدة مع بداية رأس السنة..
فدُشدشت لها رؤوس وزارات إلى رؤوس صغيرة لتستوعبها..
كما تُدشدش رؤوس بعض الثوار – في عامنا هذا – بمطارق قوات نظامية ؛ غير منتظمة..
أو ينتسب إليها نظاميون غير منتظمين ؛ ومنضبطين..
وغابة الرؤوس في السيادي…والوزراي…والحاضنة السياسية…لا تزعجها هذه المصيبة..
تماماً كما لم تزعجها مصائبنا طيلة العام الذي يجرجر رجليه هذا..
فلا الغلاء يزعجها…ولا الصفوف…ولا الضنك…ولا الجنيه الذي بلغت روحه رأسه..
وكلًّ من الجنيه هذا…والمواطن…والوطن ؛ يصرخ الآن :
أين رأســـــي ؟!.