الخرطوم- الصيحة
في الوقت الذي أصدر فيه مجمع الفقه الإسلامي أمس، فتوى بتحريم تدريس كتاب التاريخ للصف السادس، كان مدير المركز القومي للمناهج بوزارة التربية والتعليم د. عمر القراي يعقد مؤتمراً صحفياً في منبر وكالة السودان للأنباء (سونا)، دافع فيه عن المركز وعن شخصه، وانتقد الحملات التي انطلقت ضده على الوسائط المختلفة مؤخراً، وكشف عن قرارات وتفاصيل مهمة بشأن المناهج الجديدة، وما أثير من جدل حول بعض المواد.
حملة جائرة
ووصف القراي، الحملة التي شنت ضده في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المساجد ودور العبادة، بسبب رسم في كتاب التاريخ للصف السادس الابتدائي، بأنها جائرة وغير نزيهة وغير شريفة الخصومة، وقال إن الصورة الموجودة تم قصّها لئلا يظهر النصف العاري من جسد الشخص الموجود بالصورة، وأضاف بأن الصورة الواردة في المقرر مقصوصة وليس بها شيء خليع.
وأكد القراي أن الحملة على المنهج كان يمكن أن تكون شريفة إذا لم يتم إيراد تعليق ملفق معها يقول “أيها الطالب النجيب ما تراه في الصورة هو الله ومعه آدم”، وأضاف “لكن هذا غير موجود، وإنما الصورة موجودة كنموذج لأعمال فنية في عصر محدد”، وقال إن الصورة المذكورة للفنان مايكل أنجلو لم تكن معرفة وغير مشروحة، وإنما جاءت لنماذج للوحات فنية عديدة، وذكر أن هذه الصورة لم تظهر لأول مرة في السودان، وإنما كانت تدرس حتى في منهج الفنون بالجامعة الإسلامية، ولم ينتقدها أحد.
وهاجم القراي مجمع الفقه الإسلامي التابع لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الذي أصدر بياناً أفتى فيه بحرمة تدريس كتاب التاريخ للصف السادس، وقال إن الكتاب المذكور يشتمل على مضامين خاطئة في العقيدة، وذكر القراي أن مجمع الفقه ادعى أنه خاطب وزارة التربية والتعليم بملاحظات حول كتاب التربية الإسلامية للصف الأول، ولكن الوزارة لم تصحح إلا (30%) من تلك الملاحظات، ورفض القراي أن يكون مجمع الفقه هو الجهة التي تجيز المناهج، وقال إن الجهة الوحيدة التي تجيز المناهج هي المركز القومي للمناهج وليس مجمع الفقه.
تحقيق
وكشف القراي أنه سيُخضع رئيس لجنة مادة التاريخ في المركز محمد صالح أحمد للتحقيق لأنه لم يتأكد من صورة (خلق آدم) التي طبعت في كتاب التاريخ، وقال إنه اتصل بالمسؤول الذي وضع الكتاب للتحقق من الصورة واستفسر عن وضع صورة خليعة تهين الذات الالهية وآدم، وأضاف “أبلغني اثنان من موظفي إدارة المناهج أنهما تسلما الصورة كما هي من رئيس لجنة التاريخ وبناءً على إفادتهما سأقوم بالتحقيق مع رئيس لجنة التاريخ بمركز المناهج محمد صالح حول الصورة”.
اعتراضات
واتهم القراي من وصفهم بفلول النظام البائد، بشن حملة على المنهج الجديد خوفًا من تغيير المنهج السابق وفقدان جزء من مشروعهم السياسي الذي تم تأسيسه خلال ثلاثين عاماً من حكمهم الفاشل والكاذب، وقال إن الحملات انتظمت بواسطة أئمة مساجد في العاصمة، وأن أئمة المساجد شنوا هجومًا على المنهج الجديد دون دراية.
وأضاف القراي “جئت لأغير المنهج السابق وإذا استمر المنهج القديم سأغادر موقعي فوراً حتى الحكومة إذا استجابت لحملات فلول النظام سأتقدم باستقالتي لأنه لا يمكن الانحناء أمام هذه الحملات المغرضة والتي تخشى من فقدان امتيازات هائلة فُقدت بعد الثورة”.
وأشار إلى أن مجمع الفقه اعترض على حديث لطلاب الصف الأول مرحلة الأساس وهو حديث الجنة تحت أقدام الأمهات بحجة أنه حديث ضعيف، وقال “لكننا لا نرى أنه ضعيف طالما هناك حديث آخر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم عن رجل سأله للذهاب إلى الجهاد فسأله النبي هل لك أم فأجاب الرجل نعم ورد عليه النبي كن جوارها فالجنة تحت أقدام الأمهات”، وزاد “هذا الحديث يساند الحديث الأول ونحن رجعنا لمجمع الأزهر في مصر”، وأردف “تواصلت اعتراضات مجمع الفقه الإسلامي حول كتاب التربية الإسلامية للصف الأول مرحلة الأساس في حديث النظافة من الإيمان وبعض اعتراضاتهم أخذت بها وبعضها لم نأخذها لأن مجمع الفقه ليس بالكفاءة التي تجعله مناسباً للأخذ برؤيته حول المناهج هذه من مهام المركز القومي للمناهج”.
تكفير وتطرف
وحذر القراي من موجات التكفير التي انطلقت بناء على كتاب التاريخ في المنهج الجديد، ودعا المواطنين إلى عدم الانسياق وراء حملات مواقع التواصل الاجتماعي، وقال “في عهد الثورة نوجه صوت لوم لوزارة الشؤون الدينية والهوس الديني لن يخيفنا وإذا استجابت الحكومة للحملات سأغادر فورًا”.
وأشار القراي إلى واقعة نقل معلم اللغة الإنجليزية بالمركز القومي للمناهج حمدان أبو عنجة من المركز إلى مدارس ولاية الخرطوم ووصفه بأنه شخص متطرف كاد أن يلغي منحة بقيمة خمسة ملايين دولار من المجلس البريطاني بسبب تطرفه ورفضه إدراج حوار بين سوداني وبريطاني تبادلا الأسئلة حول ديانتهما ففيما أجاب السوداني أنه مسلم أجاب البريطاني أنه مسيحي وأضاف القراي “حمدان أبو عنجة مسؤول اللغة ال‘نجليزية بالمركز القومي طلب من المجلس البريطاني استبدال عبارة مسيحي بكافر وعندما علمت مسؤولة التمويل قررت إلغاء المنحة، ولذلك تداركنا الأزمة وإضافة لأسباب أخرى أخلاقية ومهنية تم نقله إلى المدارس لأنه غير مؤهل للعمل في المناهج”.
حملة منظمة
ونوه القراي إلى وجود حملة منظمة بين الإسلاميين من بعض أنصار المؤتمرين الشعبي والوطني لعرقلة المنهج الجديد، وذكر أن مركز المناهج رصد موظفاً بمطبعة العملة يدعو العاملين إلى التوقف عن طباعة المنهج حتى لا يحاربوا العقيدة الإسلامية، وقال “علمنا أنه كان موظفًا في مكتب الراحل الزعيم الإسلامي حسن الترابي”، وتابع “سيحصل أي تلميذ وطالب على الكتاب المدرسي من المنهج الجديد مجانًا وعلى الآباء والأمهات أن يقارنوا بين القديم والجديد سيحمل التلاميذ كتبهم في حقائب أخف وزناً، لن نكترث للحملات التي يتم فيها استغلال بعض موظفي مركز المناهج وفلول النظام البائد”.