إنجاز السلام الشامل سيعالج مشكلة الحرب من جذورها
محاكمة قتلى اعتصام القيادة تمضي بسلحفائية
ثورة ديسمبر قادها شبابنا “الجيل الراكب راس”
رحيل الإمام الصادق المهدي ترك فراغاً كبيراً بالساحة السياسية بالبلاد
اعتبر الأمين العام للحزب الوطني الاتحادي الموحد الأستاذ محمد الهادي، أن الاحتفال بالاستقلال يجيء مختلفاً في كل تفاصيله، مؤكداً ان البلاد فقدت الكثير من العقول السياسية النيرة، وهي عقول أثرها باق فينا، ووصف الاحتفال هذا العام بأنه حزين بسبب ما افتقده المواطن السوداني من السياسيين وشهداء الثورة، مشيراً الى أن الاحتفالات هذا العام ستنحصر على “السوشيال ميديا” وإقامة الندوات الإسفيرية والفضائية، لافتاً إلى التعقيدات الصحية والاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد هذا العام، (الصيحة) جلست إلى محمد الهادي فأجاب بالآتي:
حاورته: عفراء الغالي
*كيف يستقبل الحزب احتفال الاستقلال هذا العام؟
في البدء، أحب أن نحيي الشعب السوداني بالذكرى الثانية لثورة ديسمبر المجيدة التي حقق فيها الشعب السوداني انتصاراً كبيراً على النظام الديكتاتوري الغاشم الذي جثم على صدر البلاد ثلاثين عاماً عجافاً قضى فيها على الأخضر واليابس وضاع الكثير من أبناء الوطن الأبرياء بسببه، كما فقدت أمهات الوطن أبناءهن في الثورة المجيدة، نترحم على أرواح شهدائنا الأبرار الذين هم أكرم منا جميعاً نسأل الله أن يتقبلهم شهداء عنده ويربط على قلوب أسرهم المكلومة ويلزمهم الصبر الجميل، وتجيء الذكرى (65) على البلاد ونحن نعيش ظروفاً بالغة التعقيد في شتى الجوانب الاقتصادية والصحية والسياسية خاصة التوترات والتعقيدات التي يعيشها المشهد السياسي وكل تلك الظروف والأسباب جعلت هذا العام حزيناً والاحتفال العام عاماً مليئاً بالكوارث.
ــ عفواً معروف عن الحزب اهتمامه بالاستقلال كيف يكون هذا العام؟
فعلاً، إننا من الأحزاب التى تحرص دوماً على الاحتفال بعيد الاستقلال لكن هذا العام جاء مختلفاً لأسباب، لذلك سينحصر في إقامة الندوات الإسفيرية والفضائية التي تدعو إلى التوافق بين القوى السياسية والمدنية لإيجاد الحلول الناجعة والعمل بها لإخراج بلادنا إلى بر الأمان بإذن الله، إيجاد حلول وأرضية صلبة يقف عليها الجميع دون إقصاء لأحد .
ــ خلال الفترة الأخيرة فقدت البلاد زعيم حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي، ألا تعتقد أنه ترك فراغاً في الساحة السياسية؟
كما ذكرنا سالفاً كان عام (2020)م هو عام من الحزن بحق وحقيقة، فقدت البلاد كثيراً من الأعزاء والقيادات على رأسهم الإمام السيد الصادق المهدي الذي رحل والوطن أحوج ما يكون لمثله من القيادات التاريخية التي تمتاز بالحكمة والصبر والجلد ومواجهة الصعاب، لذلك تجدنا أكثر حزناً على هذا الرحيل الفاجع للإمام السيد الصادق المهدي، الذي سيخلف وراءه كثيراً من الفراغ ونحن نترحم عليه. تلك الأسباب جعلت الذكرى السنوية حزينة, لكننا نتمسك بالأمل والرجاء تيمناً بذكرى كل من رحلوا وقدموا لبلادنا من الرعيل الأول على رأسهم الزعيم الخالد إسماعيل الأزهري الذي أعطى البلاد الكثير والكثير.
ــ بعد مرور عامين من الثورة كيف تنظر لها اليوم وهل مطالبكم اكتملت؟
نحن بالحزب الوطني الاتحادي الموحد، منذ اليوم الأول لانقلاب الإنقاذ المشؤوم أعلنا معارضتنا له، وذلك لموقفنا المبدئي والتاريخي لقياداتنا في الحزب ضد الدكتاتورية والشمولية، فكانت الثورة ضد هذا النظام، نحن وكل القوى الحية السياسية والمدنية من الشرفاء من أبناء وبنات الشعب السوداني، و هي ثورة تراكمية إلى أن توجت بثورة ديسمبر المجيدة بقيادة شبابنا من الثائرات والثوار “الجيل الراكب راس” الذي حقق لنا ولبلادنا هذا الانتصار العظيم، وأنا أقول بكل الوضوح والصراحة، إنه من أهداف الثورة.
ــ ولكن هل تحققت أهدافها؟
بكل الوضوح والصراحة من أهداف هذه الثورة العظيمة والتي عبر عنها شعارها “حرية سلام وعدالة” والمدنية خيار الشعب، فقد حققنا الحرية التي هي الحق المشروع للإنسان من حيث هو إنسان، وحق الشعوب الكريمة التي لا تقبل إلا أن تعيش بحرية وكرامة وإنسانية، ولكن للأسف الشديد بقية المطالب لم تتحقق ونسير فيها ببطء.
ــ عفواً ما السبب في ذلك؟
إن تحقيق مطالب الثورة يسير ببطء قاتل، وذلك يعود إلى أسباب كثيرة نجملها في الآتي: التركة المثقلة بالهموم والصعاب والحطام الكبير الذي أورثنا له ذلك النظام المباد ودولته العميقة إضافة إلى الخلافات التي أصابت الحاضنة السياسية، وهي إعلان الحرية والتغيير ذلك الجسم الكبير من التحالفات في تاريخ السودان الذي استطاع بتوحده إسقاط النظام، ولكن بعد السقوط تعثرت بعض الخطى نحو تحقيق أهداف الثورة من تحقيق العدالة والقصاص للشهداء وتحقيق العيش الكريم للشعب السوداني الصامد الصابر وعدم اكتمال مشوار السلام مع كل الحركات المسلحة الذي بتحقيقه نحقق الاستقرار والأمن لبلادنا، ولذلك نتمنى أن تتوحد قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية التي عادت بعد تحقيق اتفاقية السلام في جوبا إلى برنامج الحد الأدنى لعبور مرحلة الانتقال الرابع الذي تعيشه بلادنا بعد الثورة بسلاسة وتوافق على الحد الأدنى حتى تستطيع حكومة الثورة تحقيق أهدافها كاملة، والوصول لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة وقيام المؤتمر الدستوري الذي نأمل أن يحقق لنا المشروع الوطني في دولة التراضي والمواطنة المتساوية حتى يكون السودان كبقية رصفائه في دول العالم التي حسمت أمرها في إقامة مشاريعها الوطنية وسارت في ركب النماء والتطور، ولذلك كل المنى للسودان أن يحتل مكانه بين الدول بعد الثورة التي نالت إعجاب العالم. وشعبنا السوداني قادر على ذلك وأكثر فقد حقق الإجماع الفريد في نيل الاستقلال، لذا ثقتنا كاملة في شعبنا بهمته العالية بأن يوحد إرادته ويصنع المعجزات.
ــ رغم ما قلت إلا أن الفترة الانتقالية عليها كثير من الملاحظات؟
الفترة الانتقالية عليها مهام محددة على الحكومة إدارة البلاد من ناحية اقتصادية وأمنية وتحقيق العدالة وإنجاز السلام الشامل الذي يعالج مشكلة الحرب من جذورها وشركاء في ذلك الحرية والتغيير والحكومة التي كونتها برئاسة رئيس الوزراء والمكون العسكري في مجلس السيادة والجبهة الثورية بعد توقيع اتفاقية السلام في جوبا, ولكن الفترة الانتقالية الآن تمر بظروف كثيرة أثرت على أداء الحكومة الانتقالية بالقيام بالدور المنوط بها، ولعل واحدة من الأسباب عدم الانسجام بين الحاضنة السياسية وحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك التي كانت لها دور الكبير في الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعاني منها البلاد. حيث بلغ التضخم مدى غير مسبوق وغلاء وصل مرحلة المبالغة، وثالثة الأسافي لأول مرة في تاريخ السودان تكون ميزانية الدولة مجزأة كل ثلاثة أشهر واتباع سياسات رفع الدعم عن الوقود والكهرباء دون تقديم بدائل لمستحقي الدعم لأبناء الشعب السوداني جعله يعاني معاناة فاقت طاقته، ولولا صبره وتحمله لانفجر الوضع بالبلاد.
ــ إذاً ما هي المعالجات التي تراها مناسبة؟
لابد أن تسير العملية العدلية لمحاسبة أرباب النظام من الفاسدين والمتلاعبين بثروات البلاد والبطء في قضايا محاكمة جرائم القتل بالسلحفائي وأطالب بالقصاص لمرتكبي جرائم قتل الشهداء الأبرار، وقال: كل تلك الاتجاهات ادارت الفترة الانتقالية عن السير في الطريق الصحيح، الفترة الانتقالية لا تسير في الاتجاه الصحيح وحتى الآن لم تكتمل أهداف الثورة بعد، وبالتالي الحكومة الانتقالية تنتظرها مهام كبيرة للإعداد للانتخابات المقبلة والإعداد للمؤتمر الدستوري الشامل، ولن يتم إنجازها ما لم يحدث التراضي السياسي بين مكونات إدارة العملية السياسية للبلاد بكل أطرافها الحرية والتغيير والجبهة الثورة والمكون العسكري.
ــ هناك تجاذبات بين المكونات المدنية كيف سيتم التعامل معها؟
صحيح، كما أسلفنا القول، المكونات السياسية التي تخوض غمار العمل السياسي في هذه الفترة من تحالف إعلان الحرية والتغيير وكل كتله ومكوناته حدثت بينها خلافات وتجاذبات كبيرة فمنها من جمد نشاطه في المجلس المركزي مثل حزب الأمة وحزب البعث السوداني وبعض القوى السياسية الأخرى وآخرها خروج الحزب الشيوعي من تحالف الإجماع الوطني والحرية و التغيير إضافة إلى إعلان معارضته صراحة لحكومة الفترة الانتقالية، ولحل تلك التجاذبات لابد من الجلوس للحوار الذي يفضي لانعقاد مؤتمر يعود بنا إلى منصة التأسيس حتى نحدث التوافق على برنامج الحد الأدني ليمكن حكومة الفترة الانتقالية من أداء دورها في توافق وطني حتى لا ينفرط عقد العملية السياسية .
ــ نفس تلك الخلافات كانت بين قحت والمكون العسكري؟
ما بين الحاضنة السياسية مجتمعة والمكون العسكري والذي كان ممثلاً في المجلس العسكري ولكن بعد مجزرة فض الاعتصام في القيادة العامة، رضخ العسكر لأمر الشعب للحوار مع الحرية والتغيير وتم الاتفاق السياسي وتوقيع الوثيقة الدستورية وصارت هذه الوثيقة الحاكمة للسودان خلال الفترة الانتقالية. ولكن للاسف الشديد تم الخروج على الوثيقة الدستورية في كثير من المواضع وكذلك فقد الثقة بين المدنيين في معظمهما في المكون العسكري مما جعل الأمور تثير المخاوف من المكون العسكري بأنه يريد الاحتفاظ بالأوضاع كما كانت عليه وبين المكون المدني الذي يريد أن يحدث التغير الذي طالبت به قوى الثورة الحية. وما بين هذا وذاك نعيش تجاذبات مما جعل هذا الاختلال الذي نعيشه ولم تستطع حكومة الثورة تحقيق المهام المطلوبة والواجب تحقيقها.
ـ ألا تعتقد أن تأخير قيام المجلس التشريعي أثر على مرحلة الانتقال؟
كان من الخطأ الفادح عدم قيام المجلس التشريعي والذي كان يجب أن يكون هو السلطة الشرعية الثورية المراقبة والحامية لتحقيق أهداف هذه الثورة العظيمة، ولكن تم تأخيره ابتداء لمدة ثلاثة أشهر باتفاق مع المجلس العسكري وكان هذا خطأ قاتل، ومرة ثانية تم تأجيله بالاتفاق في مفاوضات السلام مع الجبهة الثورية وحتى هذه اللحظة، مما شكل فراغاً دستورياً في التشريع والمراقبة والمحاسبة لأداء السلطة التنفيذية التي هي من صميم واجبات المجلس التشريعي الذي نتمنى الإسراع في تكوينه اليوم قبل الغد حتى يؤدي الدور المنوط به وتمر الفترة الانتقالية بسلاسة وسلام.
ـ كيف تنظر إلى مجلس شركاء الحكم؟
في رأينا هو جسم تم إدخاله بمخالفة الوثيقة الدستورية حيث تم اقتراحه بعد توقيع اتفاق السلام مع الجبهة الثورية ثم تم تعديل الوثيقة الدستورية بإدخال المادة (80) التي تنص على إنشاء هذا الجسم مجلس شركاء الحكم بين المكون العسكري في مجلس السيادة وممثلين للحرية والتغيير وممثلين للجبهة الثورية، وبعد أن أعلن رئيس مجلس السيادة لائحته التنظيمية اختلف عليها صانعو هذا الجسم من رئيس مجلس الوزراء وقيادات الحرية والتغيير مستنكرين هذه الصلاحيات التي أعلنوا أنهم غير متفقين عليها مما أكسب هذا الجسم أعداء كثر من القوى السياسية والمدنية وجاهرت برفضها له خصوصاً في مظاهرات ١٩ ديسمبر الذكرى الثانية للثورة.
ـ هل تتوقع إقامة انتخابات مبكرة كما يتمنى البعض؟
لا أتوقع انتخابات مبكرة.
ـ نفذت اعتقالات واسعة لقيادات النظام البائد دون تقديمهم لمحاكمات ما تعليقكم؟
نعم، لقد تم ذلك، ولكن أقول هذا أمر غير صحيح, ولا يتفق مع مبادئ العدالة التي نادت بها الثورة، ولذلك يجب تقديمهم للقضاء العاجل ليقول كلمته فيهم.
ـ ما رأيكم فيما تقوم به لجنة إزالة التمكين؟
لجنة التمكين هي لجنة دستورية تم إنشاؤها بموجب نص الوثيقة الدستورية، ونحن مع تفكيك دولة الحزب التي كانت سائدة في عهد النظام المباد إلى صالح الدولة السودانية والشعب السوداني ولكن يجب إتاحة الفرصة كافية لكل من وقع عليه حكم من لجنة التمكين أن يستأنف قراره بكل الحرية والحياد، فإذا كان صاحب حق يرد له حقه.