لا شك أن نجاح التحول في السودان بات مشروطاً بتحقيق الإصلاحات اللازمة لتطوير المجتمع المدني وتهيئته ليكون منسجماً مع الديمقراطية التعددية المنشودة، ويجب أن يتشكل المجتمع المدني من التنظيمات السياسية والقوى الاجتماعية والمهنية الفاعلة مثل (الأحزاب السياسية والاتحادات المهنية والنقابات والمنظمات ولجان المقاومة والقوى الثورية الحية). وبذلك يكون المجتمع المدني مستعداً لإنجاح شروط الديمقراطية ومطلوبات التداول السلمي للسلطة لاحتوائه على تنظيمات سياسية ومجموعات ضغط يمكن أن تدفع بالدولة إلى الأمام وإحداث التطوّر والتغيير.
وتكمن أهمية الأحزاب السياسية في أنها مواعين العمل الديموقراطي والوسائل الأجدى لممارسة الحكم الرشيد، ونلاحظ أن الأحزاب السياسية السودانية عانت من الانقسامات والتشرذم بسبب ممارسات النظام البائد وتضييقه على العمل السياسي وملاحقته لقادة الأحزاب والفاعلين من كوادرها.
ولو نظرنا في قانون التنظيمات السياسية والأحزاب لعام 2001م (لم يتم تغييره حتى الآن) نجد أنه وضع خصيصًا للإجهاز على الأحزاب السودانية والحد من انتشارها وتقليص أدوارها وبمراجعة الفصل الثالث ــ الأهلية والتأسيس ــ الفقرة (5) والتي يتلخص نصها في:
“يجوز لأى عدد لا يقل عن مائة من المواطنين المؤهلين لحق الانتخاب وفق القانون ولقيادة تنظيم أو حزب سياسي وفق أحكام المادة 15 تأسيس تنظيم أو حزب سياسي واحد وتقديم طلب لتسجيله وفق أحكام هذا القانون”.
بهذه الماده تم إغراق الساحة السياسية السودانية بأحزاب كرتونية وصل عددها إلى اكثر من (126) حزباً سياسياً، وفي بعض الأحيان لا تتجاوز عضوية هذه الأحزاب الـ100 شخص الذين تم تسجيل الحزب بهم.
ما نتطلع إليه حقيقة بعد ثورة ديسمبر المدهشة التي نقلت البلاد للمدنية أن تواكب الأحزاب السياسية هذه التغيرات وتسعى لإحداث التطوير بهياكلها بعقد مؤتمراتها وتفعيل الديمقراطية بداخلها ولتتحرك نحو الجماهير وتعمل على تقديم أطروحاتها السياسية وبرامجها لهم بدون المزايدات الرخيصة التي تسعى للتقليل من الآخر المختلف والمتنافس سياسياً، وعلى الجماهير أن تعي أنه لا ديمقراطية بدون الأحزاب السياسية، ويجب عليهم الدخول في الأحزاب وتطويرها وضخ الدماء فيها أو تكوين أحزاب جديدة تستوعبهم وتتبنى أفكارهم، فالأحزاب هي القضية والأحزاب هي الحل.
وبكرة أحلى