هذا هو الأصح..
بدلاً من مسمى الفترة الانتقالية..
فهي قد انتقمت من شعب السودان كما لم يفعل نظام من قبل..
انتقمت منه معيشياً… واقتصادياً… وإنسانياً… وصحياً… ودوائياً؛ ثم روحياً هذه الأيام..
حتى الروح صارت تُزهق – الآن – كما لو كانت روح حشرة..
فماذا بقي من مساوئ أسوأ الأنظمة التي تَعاقبت على حكم السودان لم تجترحها الانتقامية؟..
صحيح أن القتل الرخيص هذا باتت تمارسه قوات نظامية..
ولكن أين الذين أتت بهم الثورة – وباسم دمائها وتضحياتها – ليكونوا حراس المدنية؟..
فما من قوة نظامية تمثل الثورة… وإنما يمثلها المدنيون..
يمثلها حمدوك… ومدني… وفيصل… والتعايشي… وعائشة نثريات… وبقية العقد البليد..
أو إن شئت قل العقد المتبلد..
فهم متبلدو الإحساس إزاء كلما ما يحدث لشعبهم – وثورتهم – من انتقام دفترداري مهين..
حتى مجرد النفاق اللفظي – والمشاعري – استعصى عليهم..
وصباح أمس كتبت – على صفحتي بالفيس – أقول فيها إنني رجعت بعد رحلة بحث مضنية..
رحلة بحث عن الخبز… فرجعت بخفي حنين..
وهو أمر لم يحدث لي – ولا لكثيرين مثلي بالطبع – حتى خلال أسوأ أيام الإنقاذ السيئة..
فعلق بعضهم: قل رجعت بخفي مدني..
ثم يتسوّل مدني هذا – كما علمت – حصة إضافية حتى بعد انقضاء زمنه بدل الضائع..
وأشباهه كثرٌ؛ من الذين حاكوا أهل الإنقاذ كنكشةً في الكراسي..
ثم فاقوهم فشلاً… وبروداً… وتناحة… وانفصاماً عن الواقع؛ رغم محمدة أنهم غير فاسدين..
وربما لو بقوا قليلاً – فيما يلي الفساد هذا – لشابتهم شوائب..
ويكفي مؤشراً على ذلك قصة فارهات الرئاسة الفخيمة بطرق أهل الإنقاذ المَشبوهة ذاتها..
وذلك بعد أن خدعوا الناس – مثلهم – بحكاية حافلة أداء القسم..
ثم صيانات المنازل المليارية… وتكاليف الأسفار المليارية… ونثريات جماعة عائشة المليارية..
وسؤال للحاضنة السياسية التي جاءت بهذه البلاوي:
لماذا الثورة أصلاً؟… وما هي دوافعها؟… ومن أجل أي شيء استرخص الثوار دماءهم؟..
سؤالٌ منطقيٌّ أرجو أن يُوجِّهه قادة هذه الحاضنة لضمائرهم..
ثم ليروا إن كان أيُّ هدف من أهداف هذه الثورة قد تَحَقّقَ… بعد مضي أكثر من عامٍ..
ولا شيء؛ حتى كرامة الإنسان باتت تُهدر حَدّ القتل..
والجنيه يحتضر الآن… وصوف الوقود تطاولت… والخبز يُراق على جوانب مخابزه الدمُ..
والدواء – فضلاً عن الشح – أصاب أسعاره الجنون..
وأثمان السلع الضرورية ما عادت تتضاعف – أو تزيد – كل يوم؛ بل كل ساعة..
ووزراء الانتقامية لا يخجلون من كونهم أفشل وزراء بلادنا..
وحمدوك ليس عنده ما يُقدِّمه للناس سوى مفردته التي أصابتهم بداء حساسية الحمدكة..
مفردته المائعة… الباردة… الجوفاء؛ سنعبر..
ربنا يعبر بكم بعيداً عنا..
وينتقم منكم!!.