نيازي أبوعلي يكتب : عباس (سفر الروح).!
بشغف عالِ ورحلة ترقب وإنتظار، مكثت طيلة أيام الأسبوع بمنطقة السجانة ـــ بالخرطوم بالقرب من مكان حفل إطلاق كتاب(سفر الروح ـــ حكايات أفريقية) لكاتبه القيافة الدكتور عباس التجاني، حرصاً مني على حضور الأمسية المختلفة بوسامتها وجمالها، الذي يكمن في شخصية عريس الحفل الأخ والصديق عباس التجاني، والذي صادف عيد زواجه مع الشريكة، وصدق من قال: “إن وراء كل رجل عظيم أمراة” .
على غير العادة ولوقت طويل أصبحت كثير الترحال، فبين يوم وليلة أجد نفسي جائلاً تارة في منطقة الخرطوم، وأخرى متنقلاً بين بحري وأم درمان، بين ظروف العمل والسكن وحياة العاصمة المعروفة لدى الجميع، لذلك عملت على البقاء بالقرب من مكان الحفل بدار إتحاد الكتاب السودانيين بالعمارات.
لم تخني لحظات الترقب والإنتظار وتخمين مايمكن توقعه من فقرات الأمسية وتنوع شخصيات الحضور من كل ألوان الطيف الثقافي والإجتماعي.
فكانت الأمسية أكثر من رائعة، هي الغمام والمطر والسفر في الريدة كما قيل في إحدى الأغنيات والأمنيات إن شرطها الإستطاعة، والدكتور عباس التجاني يستطيع إدهاشنا في الكتابة عن (أدب الرحلات) وتلك الخاصية هي أكثر مايميزه عن غيره من الأدباء والكتاب وبما يمتلكه من أسلوب خاص ومحبة نقية نقاوة سكان غرب السودان (دارفور) وروحه الكريمة التي نبعت من أصل كريم ومتسامح؛ فهو أحد خريجي (مؤسسة الحبوبة) التي وصفوها بها أصدقائه بأن من يعيش بين تلك الأسرة هو إنسان جميل اللحظات سرعان ماينسى أهله وناسه، بل أقول إنها وحدها جينات مكتسبة من رحم البيئة والطبيعة والحبوبة، داعبنا بها سفير الإنسانية والترحال الأخ والصديق عباس التجاني وشخصي برفقة مجموعة من ألوان طيف الإبداع من روائيين و تشكيليين وفنانين شعراء، نشاركه الحفل بباكورة إنتاجه (كتاب سفر الروح) ــ حكايات أفريقية من مركز الفال الثقافي وإتحاد الكتاب السودانيين، بينما كانت أنامل الفنان الكبير أحمد شاويش تداعب العود وتغني، ويتحدث وعقله مفعماً بالمعرفة وحب السودان.
لم تكن الأمسية عادية بل كانت أشبه بليالي الخرطوم في السنين البعيدة، حيث كانت أحدث الأفلام العالمية تعرض بمختلف مدن السودان، في ذات يوم عرضها بدور العرض حول العالم، والحضور أنيقاً ضاحكاً يحوم حول الكاتب كالفراش.
منذ بداية إطلاق حفل الكتاب وأنا أقرأ عبارة: “كل هذه الأضواء لن تضيئك ــ مالم تسترق من أعماقك شمس”.. العبارة وجدتها بداخل ورقة قدمت مع حلوة الضيافة.. فكانت هي وحدها من تجيب على السؤال: من أين جاء ذلك الحضور الأنيق رفقاء الروح السمحة أناقة و إنسانية ورحابة صدر.
وحده المحتفى به صاحب سفر الروح الدكتور عباس التجاني هو من جعل كل هذا ممكنا،ً فمعرفته كنزاً ووسامته لن نخبر عنها أحداً، فالجميع يعرفه تماماً، فأين ما وجد تكون الإبتسامة والأناقة حاضرة، فضلاً عن الذاكرة المتقدة التي تمكنه من التحاور والسفر مع الآخرين والإضاءات المتنوعة حول كل قضايا وملمات الشأن الثقافي، يحلم بتشكيل السودان وفق كنوز المحبة وإتفاقيات السلام الموجودة بقلبه، وقال الفيلسوف الإغريقي هرقليطس الذي عاش قبل الميلاد: (الوجود في تغيير دائم وتدفق مستمر) وأضاف لا شيء ثابت سوى التغيير).
د.عباس التجاني من مواليد مدينة نيالا، خبير ومتخصص في بحوث ودراسات (الإعلام والسلام) أحد أصحاب تلك المجالات الذين عملوا من قبل في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) حيث تنقل في عدد من المحطات العملية في خدمة المنظمات الدولية والإقليمية بدول شرق وغرب أفريقيا.