مجلس شركاء الانتقالية.. خطوات تنفيذ
تقرير- صلاح مختار
حدّد رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك، النقطة الجوهرية للمشكلة التي أدت إلى تأجيل إعلان مجلس شركاء الفترة الانتقالية وقادت إلى إعلان عدم رغبته في تولي أي من المناصب التي اقترحتها قوى الحرية والتغيير منها استحداث منصب رئيس مناوب أو نائب للرئيس، وهما اللذان يرفضهما المكون العسكري وحركات الكفاح المسلح، ويبدو من خلال حديث حمدوك أنه لا يرغب في ذلك ويريد بيان نقطة الخلاف حول اختصاصات المجلس.
ولعل خلو تشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية من منصب الرئيس المناوب أدى إلى تحفظ كبير وخلافات بين مكونات المجلس المتمثلة في تحالف الحرية والتغيير، العسكريين بمجلس السيادة، وحركات الكفاح المسلح، وفي الوقت الذي أعلن فيه الأول تمسكه باستحداث المنصب لصالح رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، رفض المكونان الآخران الخطوة، وعزيا رفضهما إلى عدم وجود جدوى من المنصب وهو ما تعتبره قوى الحرية والتغيير نوعًا من محاولة الهيمنة على المجلس.
صراع الحاضنة
ويرى مصدر ــ فضل عدم ذكر اسمه لـ(الصيحة)، أن القضية كانت أكبر من منصب نائب للرئيس أو رئيس مناوب لجهة أن الخلاف كان حول اختصاصات المجلس وأن حمدوك يخشى من تمدد صلاحياته على الجهاز التنفيذي، ولذلك سارع برفض الفكرة، لكن المصدر قال إن الواضح عدم رغبته في تولي المنصب، غير أنه أكد في مؤتمر صحفي أن مجلس شركاء الانتقالية تنسيقي استشاري فقط، بالتالي يريد حمدوك الاطمئنان على أن مجلس الشركاء لا يتدخل في عمله وإنما فقط في الجانب الاستشاري أو التنسيقي.
بيد أن المصدر أوضح أن الحركات تريد أن تكون حاضنة بديلة لقوى الحرية والتغيير والتي تفرقت بها السبل، ولا يوجد بها ما يجمعها، وبالتالي ترى الحركات أنها الوريث الشرعي والحاضنة الجديدة، وبالتالي سيشعل المكون الجديد الصراع بين قوى الثورة التي تقف مع المجلس وبين القوى الأخرى.
قرار التشكيل
وكان رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قد أصدر قراراً مطلع ديسمبر الحالي، قضى بتشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية بصلاحيات وسلطات، بجانب عدم إدراج منصب نائب لرئيس المجلس، وهو ما رفضه تحالف الحرية والتغيير. وبحسب القرار يشغل البرهان منصب رئيس المجلس، إضافة إلى (28) عضوًا آخرين، دون تسمية حمدوك رئيسًا مناوبًا للمجلس الذي يتمسك التحالف باستحداث المنصب وأيلولته له. وتحصل الحرية والتغيير على (14) مقعدًا بما فيه مقعد رئيس الوزراء، والعسكريون ستة مقاعد، وتسعة مقاعد لصالح حركات الكفاح المسلح. وبحسب قرار البرهان، فإن المجلس يختص بتوجيه الفترة الانتقالية بما يخدم مصالح البلاد العليا، وحلحلة التباينات في وجهات النظر بين الأطراف المختلفة.
مثار للخلاف
وأوضح الناطق الرسمي لحركة العدل والمساواة الموقعة (سد) أحمد عبد المجيد لـ(الصيحة)، أن مجلس الشركاء إزالة للتباين بين شركاء الفترة الانتقالية غير أنه قال: من المؤسف أصبح المجلس في حد ذاته مثارًا للخلاف وبالتالي حدث خدش للفكرة.
ويرى أن الفهم للمجلس قيادة المرحلة بسلاسة تزيل حاجز الخلاف خلال الفترة الانتقالية، ولكن هناك تصريحات الجبهة الثورية وبعض القوى المشكلة للمجلس تعطي انطباعاً بأن الفترة الانتقالية لن تكون سلسة، ونوه إلى تصريحات حمدوك رغم أنه قال إنه مستمسك بروح وصلاحيات المجلس غير أنه عاب عليه أنه أغفل النظرة الكلية للفترة وما يتطلبه ذلك، وقال: كنت أتوقع من رئيس مجلس الوزراء أن يأخذ في مهامه كل القوى خلال الفترة بما فيها التي وقعت على اتفاق جوبا للسلام والتي من قبلها، وأن يقف على مسافة واحدة، وأضاف بأن حمدوك بدأ موقفه صاعدًا من جوبا وليس متنازلًا ولذلك لابد لقوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية أن يتوافقا ولو على الحد الأدنى.
زوبعة فنجان
وفي سياق متصل، قال المرشح لعضوية مجلس شركاء الفترة الانتقالية، نائب رئيس حزب الأمة القومي اللواء فضل الله برمة ناصر، إن ما يثار حول المجلس هو مجرد “زوبعة في فنجان” تمت إثارتها إعلامياً بعيداً عن الواقع.
وأوضح فضل الله برمة ناصر بحسب ما نشرته (سبوتنيك)، أن إعلان الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بتشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية، جاء بتوافق كل الأطراف، وأن المجلس منصوص عليه في المادة (80) الموقعة وفقا لاتفاق السلام في جوبا والملحقة بالوثيقة الدستورية، ورأى أنه كان الأفضل بدلًا من إثارة تلك الأمور إعلامياً أن تعود الأطراف التي لديها اعتراضات إلى رئيس مجلس السيادة ومناقشة الأمر.
وأشار برمة إلى أن البرهان لم يكن ليعلن هذا التشكيل بدون موافقة الأطراف المشاركة، وهم مجلس السيادة ومجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية، وحتى تنتهي تلك الزوبعة وتوضيح الأمور بكل شفافية تم تشكيل لجنة رباعية من الأطراف المشاركة لمناقشة النقاط الخلافية وإعلان النتيجة، وأوضح أنه من المقرر أن تعقد تلك اللجنة اجتماعاً اليوم الأربعاء، ستعلن نتائجه إذا ما تم التوافق على حلول لتلك الخلافات، وحول ما أثير عن أن مجلس الشركاء يمثل انقلاباً على الثورة والوثيقة الدستورية قال ناصر إن المكون العسكري أعلن مرارا أنه لا يريد البقاء في السلطة وهو حارس على الانتقال الديمقراطي للسلطة في البلاد.
طبيعة المجلس
وعلى ذات الصعيد، كشف مصدر مطلع بالحرية والتغيير، عن التئام اجتماع محدود بين الأطراف المكونة لمجلس الشركاء استمر التداول فيه لأكثر من ست ساعات، اتفقت فيه الأطراف على طبيعة المجلس التي ستكون سياسية وفقًا للاختصاصات الموجودة في اللائحة، كما أن سلطاته أيضًا ستكون سياسية، أي أن يكون معنيًا بالتشاور والتوافق في القضايا السياسية فقط، وليس لديه أي صلاحيات أخرى. وأوضح المصدر طبقاً لـ(الترا سودان)، أن الاجتماع أمن على تمثيل الكتل في المجلس بحسب الاتفاق السابق، والتي وردت في القرار الذي أصدره البرهان، وإحالة قضية الرئيس المناوب لاجتماع الأطراف الموسع بعد تعذر حسمه في الاجتماع. ولفت إلى أن الحرية والتغيير في الاجتماع اقترحت مجددًا عبد الله حمدوك رئيسًا مناوبًا للمجلس، بينما العسكريون بمجلس السيادة، وحركات الكفاح المسلح رفضا استحداث المنصب بحجة عدم أهميته، وأفاد المصدر بأن التعديلات التي اتفقت عليها الأطراف في اجتماع أمس الأول، تمت إحالتها إلى لجنة الصياغة القانونية لصياغتها.