سمية سيد يكتب : شعبية حمدوك (1 – 2)
رسمياً واعتباراً من الاثنين 14 ديسمبر الحالي أصبح السودان خارج قائمة الدول الراعية للإرهاب.
إنجازٌ كبيرٌ لا يجب التقليل منه بمثل ما ذهب البعض بحجة استمرار قانون جاستا. والذي زعم المبخسون أنه يُقيِّد قرار إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
بذل أبناء السودان مجهوداً جبّاراً للخروج من النفق المُظلم، الذي أدخله فيه تفكير بليد ومحدود، عندما فتحت الحكومة السابقة الأبواب أمام تنظيم القاعدة واستضافة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في الخرطوم، وفتحت المجال أمام تحركات حركة حماس، وجماعة حزب الله اللبناني وكل حركات الجهاد الموسومة بالإرهاب الدولي.
كان نتيجة التخبط في السياسات الخارجية مُعاناة شعب السودان، وخنق الاقتصاد، وإعاقة عمل الشركات والبنوك. والحرمان من تلقي الدعم والمُساعدات الدولية والقروض، وتمويلات المؤسسات الدولية. وأصبحت الديون الخارجية معوقاً للتنمية بصورة قادت إلى فشل الدولة.
مشوار رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بدأ خلال السنوات الماضية، بالموافقة على عدة شروط من قِبل الإدارة الأمريكية، بما عرف بالمسارات الخمسة. والتي بدأت بتعاون الحكومة في مكافحة الإرهاب، ومُراقبة أوضاع الحريات العامة وحقوق الإنسان والحريات الدينية. غير أن أي تقدُّم تحرزه الحكومة السودانية كان يصطدم بالأوضاع السياسية السائدة المرفوضة من المجتمع الدولي.
دفع السودان مبلغ 335 مليون دولار لأُسر ضحايا سفارتي واشنطن في نيروبي ودار السلام، والمدمرة كول. وأدى ذلك إلى رفع سعر الدولار مقابل الجنيه في تعاملات السوق السوداء بصورة كبيرة. ووجد هذا الاتجاه انتقادات واسعة بسبب تأثيره على معاش الناس. برغم ذلك وبرغم استمرار المُعاناة الاقتصادية، فإن ما تم يُعد إنجازاً يُحسب لحكومة حمدوك.
قد لا نحصد فوائد إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بالسرعة التي يتوقّعها البعض. لكن المؤكد أنّ بلادنا أمام أمل جديد في بناء علاقات سوية مع المُجتمع الدولي. تُتيح له التعامُل مع البنوك الخارجية والشركات الكبيرة، ومؤسسات التمويل الدولية، إذا لم يكن في القريب العاجل فإنّه سيكون في المستقبل بما يتيح حياة أفضل للشعب السوداني الذي عانى السنوات الماضية.
انتهت العزلة الخارجية. لكن على الحكومة أن تشرع في اتخاذ خطوات جادة وقوية لإنهاء العزلة الداخلية.
الاستفادة من رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب يتطلب مجهوداً وعملاً كبيراً لترتيب البيت الداخلي. فكل مؤسسات الدولة غير مهيأة للانفتاح الخارجي، كما أن البنوك المحلية أصبحت أشبه بالكناتين، مكبلة بقوانين بنك السودان العقيمة، هذا بخلاف ما تعانيه من ضعف رأسمالها وتدهور في علاقاتها الخارجية.
الأمر يتطلب تغييراً في القوانين والتشريعات، وبناء مؤسسات وطنية قوية قادرة على التفاعل مع العالم الخارجي.
العديد من الصعوبات والتحديات الداخلية ستواجه استفادة السودان من القرار الأمريكي، لكن هذا لا يقلل من أهميته ولا من تأثيره في ارتفاع شعبية رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك.