القرار الأمريكي .. خطوة نحو التماهي الدولي
ترجمة ــ إنصاف العوض
دخل القرار الأمريكي بإنهاء تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب حيز التنفيذ يوم أمس الإثنين، ووفقاً لموقع “دينقرسي ناو”، فإن الإدراج الذي ظل قائماً لما يقرب من ثلاثة عقود قيّد الروابط الاقتصادية للخرطوم وقطعها عن المساعدات المالية التي هي في أمس الحاجة إليها كما ضرب عليها طوقاً من العزلة الدولية، معتبراً القرار الأمريكي خطوة عملاقة في طريق التماهي والاندغام السياسي والاقتصادي الدولي.
عداء وإقصاء
وقال الموقع: صنفت الولايات المتحدة السودان كدولة راعية للإرهاب في عام 1993م على أساس أن نظام الرئيس السابق عمر البشير كان يدعم الجماعات المسلحة بما في ذلك القاعدة وحماس وحزب الله. وفي التسعينيات، أصبح النظام منبوذًا، واستضاف أسامة بن لادن وكارلوس، ووضع نفسه كنقطة ارتكاز للحركات الإسلامية تحت قيادة الأيديولوجي حسن الترابي. وبدأ موقفه يتغير مع تهميش الترابي، وتعاون البشير مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب بعد 11 سبتمبر، في السنوات الأخيرة، اعتقد العديد من السودانيين أن إدراج السودان إلى جانب سوريا وإيران وكوريا الشمالية قد أصبح قديمًا وغير مستحق منذ فترة طويلة، خاصة بعد أن أطيح بالبشير في أبريل، ومن ثم أصبح السودان يمر بمرحلة انتقالية في ظل مجلس حكم عسكري مدني وحكومة تكنوقراط.
عزلة اقتصادية
ولفت الموقع إلى أن هذا التصنيف يعني أن الولايات المتحدة لا يمكنها تقديم مساعدة اقتصادية للسودان، كما أنها أعاقت التمويل أو تخفيف الديون من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. كما أعاق المعاملات بالدولار للشركات السودانية وعقّد واردات العديد من السلع اللازمة للبنية التحتية والرعاية الصحية والنقل. حتى عندما تم رفع العقوبات التجارية الأمريكية في العام 2017م، ظل الاستثمار الأجنبي هزيلًا وكانت البنوك الأجنبية مترددة في التعامل مع السودان لأنها حاولت ضمان الامتثال للعقوبات.
اشتراطات أمريكية
وأوضح الموقع أن واشنطن قدمت حزمة من الشروط للرفع عن القائمة شملت التعاون في مكافحة الإرهاب، وتحسين الحرية الدينية، وتوسيع وصول المساعدات الإنسانية، ودفع تعويضات عن الهجمات التي ربطتها الولايات المتحدة بالسودان. وكانت واشنطن قد أشارت العام الماضي إلى أنها تستعد لرفع اسم السودان من القائمة، وفي فبراير تم التوصل إلى اتفاق بشأن تعويض ضحايا هجوم على المدمرة الأمريكية كول في عام 2000م، لكن التعويض عن تفجيرات القاعدة لسفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998م أصبح نقطة خلاف، وافق السودان على دفع تسوية (335) مليون دولار لهجمات السفارة، وحول الأموال إلى حساب ضمان.
كروت ضاغطة
وفقًا للمصادر المطلعة على الملف من الجانب الأمريكي، حاولت الولايات المتحدة استخدام احتمال الرفع للضغط على السودان لاتباع دولة الإمارات والبحرين من خلال تطبيع العلاقات مع حليف الولايات المتحدة إسرائيل. وتم الإعلان عن الخطوتين في تتابع سريع. وأصر مسؤولو الحكومة السودانية، الذين يترددون أكثر من الجيش السوداني في إقامة علاقات مع إسرائيل، علنًا على أنه يجب معالجة القضايا بشكل منفصل.
بنود معلقة
ويشير الموقع إلى أنه وبالرغم من إخطار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الكونغرس في 23 أكتوبر بعزمه على إزالة التصنيف، والذي يدخل حيز التنفيذ بعد فترة مراجعة للكونغرس استمرت (45) يومًا، وأنه لن يتم الإفراج عن مبلغ (335) مليون دولار لتفجير السفارتين إلا عندما تمنح الولايات المتحدة السودان حصانة سيادية- حماية ضد المقاضاة في المحاكم الأمريكية.
عوائق تشريعية
ونوه الموقع إلى أن عضوين بمجلس الشيوخ الأمريكي وهما روبرت مينينديز من نيوجيرسي وتشاك شومر من نيويورك أعاقا التشريعات الخاصة بإعادة الحصانة، حيث قالا إنهما قلقان بشأن تقييد الدعاوى المستقبلية ضد السودان من قبل ضحايا 11 سبتمبر وأسرهم. يقول الخبراء إن مسؤولية السودان عن أحداث 11 سبتمبر مشكوك فيها، مع بقاء قضية الحصانة السيادية معلقة، لم تكن هناك زيارات رسمية أو حفل توقيع للاتفاق مع إسرائيل.
قطاف سوداني
وبشأن المكاسب التي سيحصل عليها السودان، يقول مسؤولون سودانيون إن شطب القائمة خطوة كبيرة يمكن أن تساعد في استقرار الاقتصاد وإنعاشه، مطالبين بأن يسمح للسودان بالعودة إلى الشبكات المالية الدولية، وتعزيز التحويلات، وتدفقات التجارة والاستثمار. ويقول مسؤول بوزارة المالية السودانية، إن الولايات المتحدة يمكن أن تدعم تسوية متأخرات ديون السودان وتخفيف الديون، مما يساعده في الحصول على أكثر من مليار دولار سنويًا من المقرضين الدوليين. ومع ذلك، حذر المسؤولون أيضًا من أن الاقتصاد لن يتغير بين عشية وضحاها. ويقول مصرفيون ومحللون إن التحركات لإعادة العلاقات مع البنوك الأجنبية ستكون بطيئة على الأرجح. وبدون الحصانة السيادية، قد يظل المستثمرون يرون أن أموالهم معرضة للخطر.