جعفرباعو يكتب : اصطياد القطط
*قبل سنوات عديدة حيث كانت الإنقاذ في قمة سطوتها كتب أستاذنا الراحل محمد طه محمد أحمد سلسلة من المقالات التي كانت تتحدث عن القطط السمان التي كانت تمتص مال الشعب السوداني دون وجه حق، ومضت تلك المقالات دون الاكتراث كثيراً لها.
*وفي سنوات الإنقاذ الأخيرة كثيراً ما كان يصرح الرئيس السابق البشير بإعلان الحرب على القطط السمان والعمل على محاربة الفساد، ولكن حديثه مر مع الرياح دون أن تتم محاربة الفساد بالصورة المطلوبة وظل الوضع على ما هو عليه.
*في العام 2018م فتح جهاز الأمن والمخابرات بلاغاً في واحد من الأشخاص الذين وضعت تحت اسمه الكثير من الخطوط، وهو فضل محمد خير، وكان البلاغ بتهمة المرابحات الصورية، وجاء نفس الجهاز ليرتب تسوية مع الرجل في العام 2019 وإطلاق سراحه بعد أن دفع خمسين مليون دولار.
*الخميس المنصرم كان المؤتمر الصحفي للجنة إزالة التمكين حافلاً، حيث أعلنت من خلاله مصادرة كل ممتلكات فضل محمد خير، وقال عضو اللجنة وجدي صالح إن جهاز الأمن آنذاك لا يملك الحق أو السلطة التي تخول له إجراء تسويات، كما أعلن وجدي استرداد كافة أمواله وأصوله وومتلكاته وعقاراته ومنقولاته لصالح وزارة المالية.
*حسناً.. وقصة فضل بدأت في نوفمبر المنصرم، حيث كانت لجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو قد استلمت ملفات رجل الأعمال المحسوب على النظام السابق، وحوى الملف ستاً من القضايا أبرزها عائد حصائل الصادر ببنك الخرطوم الذي كان يشغل الرجل فيه منصب نائب مجلس الإدارة، بالإضافة إلى ملف الأراضي وهيئة المياه بولاية الخرطوم وقضية كبري الدباسين.
* ومن المعروف أن فضل محمد خير يمتلك أسهماً في بنك الخرطوم.
كما يمتلك مطاحن (بيتا) أكبر مطحن غلال في السودان بطاقة إنتاجية 2500 طن في اليوم مع ملحق ضخم به أكبر مخبز في البلاد ينتج 10 ملايين قطعة خبز يومياً، وكان من المتوقع افتتاحه هذا العام بتقنية ألمانية وتوقف بسبب جائحة كورونا، هذا بخلاف الكثير من المصانع والأراضي والأموال التي يمتلكها.
وقدر مصدر مصرفي رفيع الممتلكات بما فيها أسهم بنك الخرطوم ومطاحن بيتا بما يقارب الـ 900 مليون دولار.
*والسؤال الذي يتبادر الى إذهان الكثيرين الآن بعد مصادرة ممتلكات فضل محمد خير هو كم من رجال الأعمال الذين يجب مصادرة أموالهم لتعود للشعب السوداني خاصة تلك التي خرجت من مال الشعب دون وجه حق، أما السؤال الأهم هو فيما يتم توظيف هذه الأموال التي تمت مصادرتها حتى يشعر المواطن بأن أمواله عادت إليه؟
*المواطن العادي لا يريد الظلم لشخص كما أنه لا يقبل أن يوظف البعض أمواله “مال الشعب” للفائدة الشخصية، ومن خلال مؤتمر الخميس تأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن محاربة القطط السمان قد بدأت فعلياً وعلى أرض الواقع وليس كما كان في السابق حيث يتم الإعلان عن محاربة الفساد والقطط السمان والحال كما هو عليه.
*نسأل الله العلي القدير أن نري سوداناً به قدر كبير من الشفافية وانعدام للفساد حتى نستفيد من موارده الطبيعية لمصلحة الشعب السوداني وليس لأشخاص بعينهم.