:: ما يحدث للقادمين عبر مطار الخرطوم ليس ببدعة.. فالشاهد أن سرقة أمتعة المسافرين ظاهرة عالمية، وتعاني منها كل مطارات العالم، بما فيها مطارات الدول العظمى.. وعلى سبيل المثال، قبل عام، قدّر السلطات البريطانية عدد قطع الأمتعة التي تُسرق سنوياً في مطاراتها بأكثر من (ألف قطعة).. وقالت الشرطة البريطانية إنها تلقت بلاغات لأكثر من (5000 سرقة)، حدثت بالمطارات في السنوات الخمس الماضية..!!
:: ومن الطرائف، في إحدى القضايا، تم ضبط شخصين سرقا (44 حقيبة)، من منطقة استعادة الأمتعة في مطار إدنبره على مدار شهرين في عام 2016، وقالت الشرطة إن بعض السرقات تديرها عصابات تشتري تذاكر سفر رخيصة لبعض أفرادها، ليتجولوا بين مدن أوروبية، لا لشئ إلا لسرقة المسافرين.. وبالدول العربية أيضاً، بما فيها مطار تونس وبعض مطارات السعودية، تعاني من هذه الظاهرة..!!
:: والجدير بالانتباه في مطار الخرطوم، وكانت صحيفتنا هذه أجرت تحقيقاً حول هذه الظاهرة (20 سبتمبر)، أن أكثر القادمين – إلى الخرطوم – عرضة لسرقة أمتعتهم هم القادمون من إثيوبيا، أو القادمون عبر مطارها (كونكشن).. وكان مدير جمارك مطار الخرطوم الدولي العميد شرطة الفاتح دهب، قد تحدث أكثر من مرة عن شركات طيران بعينها، وأن (99%) من السرقات تتم قبل وصولها السودان، واتهم ثلاث شركات..!!
:: وكل هذا لا يعني أن مطار الخرطوم بخير، وأن نسبة السلامة والأمان فيه (100%).. فالأمر ليس كذلك، بل مطار الخرطوم أيضاً – مثل المطارات الأخرى – من لصوص الأمتعة، ويجب رصدهم وملاحقتهم وردعهم.. فالمطار واجهة البلد، ومن المُعيب أن تكون الواجهة بكل هذا القبح أمام القادم، سودانياً كان أو أجنبياً.. ولن يكون عصيّاً على السلطات رصد هؤلاء اللصوص وردعهم، علماً بأنهم ليسوا بغرباء على المطار، بل هم بعض ذوي القربى..!!
:: وكما تعلمون فإن أسوأ أنواع اللصوص وأشدّهم غموضاً هو (حرامي البيت).. هذا يكون بعيداً عن الشبهات، رغم أنه يعيش معك، ويقاسم معك طعام المائدة وشرابها، ثم يسرقك دون أن يبذل أي جهد، لأن أمتعتك في متناول يده.. وهذا ما يحدث في مطار الخرطوم، ويبدو مؤسفاً حال العاملين بالمطار هذه الأيام، فالكل متهم – في نظر الرأي العام – حتى يتم القبض على اللصوص..!!
:: وعليه، فإن القبض على اللصوص مسؤولية جميع العاملين بالمطار حتى يبرئوا أنفسهم أمام الرأي العام.. نعم، فاللص في هذا المكان – لحين القبض عليه – لا يسيئ إلى نفسه فحسب، بل يسيئ لكل العاملين.. ولذلك يجب أن يكون العامل بالمطار أكثر حرصاً من رجل الشرطة في كشف اللصوص للرأي العام.. والحماية خير من القبض، ويبدو أن مستوى حماية أمتعة المسافرين أو القادمين بمطار الخرطوم ليس بالحجم المطلوب..!!
:: فالكاميرات، وإن كانت تغطي مساحات حركة المسافر وأمتعته، إلا أنها – حسب تجارب سابقة – ليست ذات جودة عالية، وكثيرة الأعطال.. ثم أن المطار لا يختلف كثيراً عن السوق العربي من حيث الفوضى.. وفي كل مطارات العالم، لكل عامل مساحة محدودة للحركة، لا يتجاوزها إلى مساحات العامل الآخر، ولكن بمطار الخرطوم ليس بمدهش أن تجد الخفير في المدرج وموظف الاستقبال تحت الطائرة و… و… (بلا ضوابط)، لكل عامل مساحة حركة بلا حدود..!!