الخرطوم: سارة إبراهيم
نقص في الغاز وارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف في حصص الدقيق وغيرها من التحديات التي أدت إلى خروج عدد كبير من المخابز من دائرة الإنتاج، وسط صمت حكومي تام، ومزيد من المعاناة التي يدفع فاتورتها المواطن.
وفي جولة ميدانية لـ (الصحيفة) بمختلف مناطق ولاية الخرطوم كشفت توقّف مئات المخابز عن العمل بسبب أزمة خانقة في الغاز، وعادت الصفوف مُجدّداً بعد أن اختفت خلال الأيام الماضية، وأكد عُمّال وأصحاب أفران للصحيفة، أنّ التوقُّف بسبب نُدرة وشُح الغاز.
وطوال العامين الأخيرين لم تغب أزمة الخبز والمخابز عن الأذهان كلياً، فما أن تخبو حتى تظهر للسطح مجدداً وبصورة أوسع من سابقتها، بالرغم من المجهودات التي تبذل واتباع السلطات إجراءات للسيطرة على سوق إمداد الدقيق والغاز في البلاد، إلا أن الأزمة ما زالت مستمرة بخروج أكثر من 50% من المخابز من دائرة الإنتاج بسبب ارتفاع مدخلات الإنتاج وغيرها من المشكلات المتمثلة في عدم توفر الغاز.
من جانبه، أَكّدَ الأمين العام للجنة التسييرية لشُعبة أصحاب المخابز الباقر عبد الرحمن، فشل قرارات الوالي في السّيطرة على غاز المخابز وأسعاره، وقال إنّ أزمة وفرة الغاز زادت سُوءاً وتسبّبت في توقُّف العديد من المخابز، وحمّل الباقر، حكومة الولاية مسؤولية خروج المخابز عن العمل لعدم استجابتها للمُتغيرات التي طرأت على صناعة الخُبز، وأوضح أنَّ إعلان تحرير أسعار الوقود ألحق أضراراً بالغةً بصناعة الخبز، نسبةً للزيادات الكبيرة التي طرأت على أسعار مُدخلات الإنتاج، وأشار إلى الفراغ الإداري بوزارتي الصناعة والتجارة الاتحادية والولائية ممّا أسهم في مشاكل أزمة الخُبز.
ومن جهته أكد عضو تجمع أصحاب المخابز بولاية الخرطوم عصام الدين عكاشة لـ (الصيحة)، عدم توفر الغاز، متهماً الشركات العاملة في مجال توزيع الغاز بعدم الالتزام بالتوزيع العادل، وقال: طلبنا الغاز للمخبز من شهر وإلى الآن لم نتحصل عليه إلى الآن، لافتاً إلى تسعيرة جديدة للغاز، حيث حُدّد سعر الألف لتر بواقع ٤ آلاف جنيه بدلاً من (1150) جنيهاً، وبلغ سعر طن الغاز (8) آلاف جنيه بدلاً من (2300) جنيه في السابق، لافتًا إلى أنهم يبيعون الطن للمطاعم بواقع (7) آلاف جنيه وللمخابز بواقع (8) آلاف جنيه، مشيراً لعدم استجابة وزارة الطاقة والتعدين وحكومة ولاية الخرطوم لمطالب المخابز وضع تسعيرة واضحة تواكب ما يحدث في القطاع، وعاب على الحكومة عدم تمليك الحقائق للرأي العام عندما قررت زيادة نسبة التخليص بنسبة ٨٥٪ مما أثر على الوزن والجودة، وأكد أن مدخلات الإنتاج والمقدرة ٧٠٪ من السوق بيد الحكومة، ويمكن أن تتدخل وتحدد السعر، وكشف عن خروج أكثر من 50% من المخابز من دائرة الإنتاج وتحويل نشاط أصحاب المخابز إلى مهن أخرى، لأن المهنة أصبحت طاردة، وأن أكثر من 20% منهم في السجون، وقال إن الواقع الحالي والوضع الاقتصادي غير مطمئن، وأضاف أن (البلد الآن تأكل من سنامها) لعدم توفر الخدمات، ولفت لضرورة معالجة الوضع خاصة وأن ذلك سيؤدي إلى تراكم المشاكل وسيكون الوضع أكثر تعقيدًا وعندها ستكون المشكلة أكبر، وأضاف: نهيب بالحكومة أن تراعي مصلحة المواطن أولاً وأخيراً.
وكشفت عفاف الماحي سليمان رئيس لجنة حصر وتأمين طاقة المخابز، عن توزيع 220 طناً لولاية الخرطوم من جملة الغاز، وأكدت أن الدولة تدعم الغاز بحوالي 6400 مشيرة إلى الاتجاه لوضع سياسات خاصة بالطاقة قبل انتهاء العام، مؤكدة أن الخط الساخن سيساعد على حل مشكلة البلاغات بالنسبة للمخابز، وأكدت على تأمين الجازولين تأميناً شاملاً من حصة الشركات، وقالت إن بطء وصول العربات من المستودعات إلى المخابز أحياناً يؤدي إلى تعطيل عمل الأفران.
ويقلل المحلل الاقتصادي، قاسم صديق، من قدرة الحكومة علي سد الفجوة، موضحاً أن الوقود بات محرراً تماماً ويخضع لاستيراد القطاع الخاص، وبالتالي ــ حسب رأيه ــ ليس من المنطقي أن تشهد البلاد نقصاً في المشتقات البترولية، وتوقع تزايد الأزمة أكثر من ذي قبل أو بقاءها على حالها في أحسن الأحوال.
وفي سياق متصل، قال المستشار الاقتصادي عبد الله الرمادي، إن تحقيق نهضة اقتصادية مهمة ليست عسيره، وإنها تحتاج فقط إلى قرارات صحيحة، مشيراً إلى أن السودان لديه من الإمكانات “ما يكفي لقارة كاملة”، وإن كل المشكلات التي عانى منها الاقتصاد السوداني طوال الفترة السابقة ناجمة عن قرارات خاطئة، ولفت إلى أن معالجة الحكومة لهذه الاختلالات يعتبر مدخلاً مناسباً لمعالجة مشكلات الاقتصاد السوداني ككل وليس القمح وحده.