الطاهر ساتي يكتب : كانت تُباع بالدولار..!!
:: وفي الذاكرة، في مايو 2019، أصدر الفريق شرطة حقوقي عادل محمد أحمد بشائر المدير العام السابق للشرطة، قراراً بتشكيل لجنة مراجعة للجنسيات السودانية بالتجنس والممنوحة – بموجب المادة (9) من قانون الجنسية – للأجانب.. وكانت من مهام اللجنة مراجعة الجنسيات الصادرة خلال الفترة (1989 – 2019)، ومدى استيفائها للشروط والضوابط القانونية.. وكان القصد، حسب القرار، حفاظاً للهوية السودانية وصوناً لوثائقها..!!
:: ويبدو أنّ تلك اللجنة، وأُخريات، تجتهد في المُراجعة.. وبالأمس، بناءّ على توصية وزير الداخلية الفريق أول شرطة حقوقي الطريفي إدريس دفع الله، أصدر رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قراراً آخر بسحب الجنسية السودانية عن (3.000 أجنبي)، كانوا قد نالوها في عهد النظام المخلوع.. وكان هناك قرار سابق، في مارس 2020، بسحب الجنسية السودانية عن (13.000 أجنبي)..!!
:: لقد أحسنت الحكومة عملاً بهذا السحب، ونأمل أن تكشف للرأي العام (ما خُفي).. فالشاهد أن النظام المخلوع لم يكن حريصاً على الهوية السودانية ولا على صون وحماية وثائقها.. وكثيراً ما ناشدنا واستنكرنا وشجبنا بيع جنسيتنا لكل من (هبّ ودبّ)، ولكن لم تجد صرختنا آذاناً صاغية ولا عقولاً مسؤولة ولا ضمائر وطنية في النظام المخلوع، ربما لأن باعة جنسيتنا – وسماسرتها – كانوا من آل بيت الرئيس المخلوع..!!
:: وفي الخاطر، كان هناك توجيهٌ لمؤسسات الدولة بمعاملة اللاجئين كـ(سودانيين)، ورغم بؤس حالنا الاقتصادي، رحّب مجتمعنا بالملاذين به.. ولكن ناشدنا النظام المخلوع بأن يكون الترحاب بالملاذين بالتأشيرة، وبعد التزامهم بنظم وقوانين البلد.. وكان لسان حال المجتمع: (مرحباً بهم في ضل الدليب)، أي الوطن الذي تطرد سياسات ساسته، شعبه إلى منافي اللجوء والاغتراب والهجرة، ثم يستقبل الآخرين بكل الترحاب لحد المساواة في المسماة بحقوق المواطنة.!!
:: ولكن تحت وطأة الفساد والمفسدين، غاب على النظام المخلوع بأن الإنسانية (شئ) والعبث بسيادة الأوطان وسلامة المجتمعات (شئ آخر).. وكثيراً نبّهناه بأنّ بعض أهل الدول المنكوبة بالحرب يقيمون في دول الخليج بكثافة عالية، وفيهم من يرتكب الجرائم ويخالف القانون.. وليس من العدل أو العقل أن يتم إبعادهم إلى السودان بحجة أن السودان يستقبل اللاجئين (بلا شروط)..!!
:: وهذا ما حدث كثيراً.. نعم، لقد أبعدت دول الخليج بعض الوافدين إليها لمخالفتهم القانون، واختاروا بلادنا لأنها تستقبل اللاجئين (بلا شروط).. هكذا ظل نظام المخلوع يعبث بسيادة بلادنا بحيث يختارها كل مخالف للقانون – كدولة منفى – حين تحكم عليه محاكم تلك الدول بالنفي والإبعاد.. وأشرنا أكثر من مرة بأن هذه الثغرة قد تُعرِّض أمن المجتمعات إلى مخاطر، وناشدناهم بإعادة النظر في قرار (إلغاء التأشيرة)، ولكن لا حياة لمن نناشد و(لا حياء)..!!
:: ولهؤلاء الوافدين بلا تأشيرات وزع النظام المخلوع جنسيتنا بواسطة (السماسرة)، وأشقاء المخلوع.. وليس في أمرهم عجب، فالدنئ لا يشبع من السحت أبداً.. والمؤسف، بعد أن يتجنسوا بجنسيتنا، كان فيهم من يُعلن – على مواقع التواصل – بأن الحكومة السودانية لا تمانع التجنيس (مقابل المال)، ثم يدعو بني جلدته إلى التوافد للتجنس.. وعليه، مع سحبها، عاقبوا الأنذال الذين حوّلوا جنسية بلادنا إلى مجرد سلعة تُباع بالدولار..!!