حمد الريح
الخرطوم : أمير أحمد حمد
مسيرة من العطاء الفني الإبداعي امتدت منذ النصف الثاني من الخمسينات (1957) بدأت بترديد الأناشيد بالمدرسة، ومازالت تتبختر في بهو الغناء السوداني بأعذب الشدو كشدو البلابل في أغصانها.
كان لحمد صوت كأنما اكتسبه من طبيعة توتي الساحرة التي شهدت مولده في عام 1940.
بدأ حمد التغني بين أترابه وأنداده بجزيرة توتي فوجد منهم الإشادة والاستحسان.
فذاع صيته في الجزيرة وما حولها، ومن الأغنيات التي بدأ في ترديدها منذ صباه الباكر أغنية (انتي كلك زينه) لشاعر توتي بر محمد نور، وأغنية التراث (عجبوني الليلة جو ترسو البحر صددوا) التي كانت تغنى في أيام الفيضان، تغني حمد في بداية حياته لعدد من الفنانين الذين سبقوه وتأثر بهم على رأسهم الفنان خضر بشير فغنى له أغنية (خدعوك وجرحو سمعتك)، للشاعر حسين محمد حسن، وأغنيه (قوم يا ملاك والدنيا ليل) للشاعر إدريس جماع،كما تأثر أيضًا بالفنان حسن سليمان الهاوي وغنى له الأغنية الشهيرة (ما شقيتك انت الشفيتني)، كما غنى للكروان عبد الدافع عثمان أغنية (مرت الأيام) وأاغنية (يا ملاكي) للشاعر مبارك المغربي.
كانت البداية الحقيقية والرسمية لحمد الريح عبر البرنامج الجهير السيرة برنامج (أشكال وألوان) الذي كان يقدمه الأستاذ أحمد الزبير، وذلك في عام 1962وقد ظهر معه في نفس العام في ذات البرنامج عدد من المطربين على رأسهم الطيب عبد الله، وعلي اللحو.
بدأ حمد تلحين أغنياته بنفسه، ولكن عندما وصل إليى الأغنية الـ(12) في مسبرته الفنية توقف عن التلحين وذلك حتى لا يكرر نفسه في الألحان، فلحّن له عبد اللطيف خضر، وبرعي محمد دفع الله، وناجي القدسي وعمر الشاعر، ومحمد سراج الدين، ويوسف السماني، وصلاح إدريس، وأنس العاقب، كما لحن لحمد بعض زملائه المطربين منهم العاقب محمد حسن فلحن له أغنية (دي الظروف يا حلوة دائماً لعيون خلوة بتجيبنا)، وصلاح ابن البادية حيث لحن له (طير الرهو).
تغنى حمد لعدد وافر من الشعراء من السودان وخارجه، ولعله اول فنان عربي أفريقي تغنى من كلمات الشاعر العربي الشهير (نزار قباني) بأغنية (حبيبتي)، وغنى كذلك لشاعر يمني أغنية (عندما كنت صبيا).. هذا الاختيار لهذه الكلمات ساعدته فيه ثقافته، حيث كان يعمل في جامعة الخرطوم معقل الثقافة والمثقفين في وظيفة أمين مكتبة، فمعظم أغنياته الأولى كان ميلادها جامعة الخرطوم كأغنية (مريا) للشاعر صلاح أحمد إبراهيم.
ومن الشعراء الذين غنى لهم حمد الشاعر عمر الدوش (الساقية)، وعبد المنعم عبد الحي (بين اليقظة والأحلام)، وسليمان عبد الجليل (الرحيل) و(وامساخة الحلة)، (ونحنا راجعين في المغيرب) ومحجوب الحاج (نسمة العز ) و(عم الزين)، والشاعر عبد الرحمن مكاوي الذي غنى له أكثر من عشر أغنيات على رأسها (خليتني ليه عشت الشقا)، الشاعر عزمي أحمد خليل (رجيتك في انتظار عينيك وكملت الصبر كلو)، وإسحاق الحلنقي الذي منحه خمس أغنيات منها حمام الوادي وشالو الكلام وانتو في وادي وشهر شهرين والتالت مر، ومحجوب شريف أغنية أغنيلك وأناديلك بقدر خيوط مناديلك ولما أعود من الغربه قبال ناس بيتنا بمشيلك، كما غنى من كلمات عز الدين هلالي أغنية (علي وين)، هولاء الشعراء على سبيل المثال لا الحصر.
حمد الريح كان يمتلك ناصية الكلام وحسن المحاورة فليس غريبًا عليه أن يكون على قيادة اتحاد الفنانين لعدة دورات سابقة، وكذلك تم اختياره من قبل الدولة عضوًا بالمجلس الوطني ممثلا للفن وأهل الفن ومعه الشاعر مصطفى سند.
وها هو الناعي ينعى لنا مع الساعات الأولى لفجر أمس الثلاثاء الأول من ديسمبر ٢٠٢٠رحيله بعد عمر ناهز الثمانين عاماً، ولكن سيظل إبداعه حاضراً بيننا كلما احتاجت أسماعنا أن تستمع إلى حلو الكلام وجميل الأنغام.
نسال الله أن يرحمه رحمة واسعة ويدخله فسيح جناته لا بما قدّم، ولكن بواسع رحمته التي وسعت كل شيء (إنا لله وإنا إليه راجعون)