صلاح الدين عووضة يكتب : المشير!!
من كوبر وإليها..
أو من حي كوبر إلى سجن كوبر… حسب عنوان المؤلَّف الذي بين يدي..
ومؤلفه هو زميلنا الكاتب الصحفي – والموثق – صديق البادي..
وفي أعلى العنوان هذا عبارة (في محكمة التاريخ)..
ولا أدري لم أغفل الكاتب تتمة لها – تلائم شعارات المُشير – وهي (في محكمة السماء)..
فهو استلم السُّلطة باسم الدين..
وتشبّث بها ثلاثين عاماً باسم الدين… وسجن وعذَّب وقتل وفسد وتجبّر باسم الدين هذا..
وبقدر ما امتعضت من رؤية صورة بطل الكتاب سعدت بالإهداء..
ففي إهداء الكاتب العزيز إشارة إلى (أنيس منصور السودان)… وهو شرفٌ أتمنى أن أبلغه..
وقد سبقه إلى التشبيه هذا زميل عزيزٌ آخر… هو محمد عبد الماجد..
وكذلك كان الذي شُبّهت به يكره الطغاة من الحكام الذين يسترخصون أرواح شعوبهم..
والمشير ما كان يعبأ – أبداً – بروح مواطن… أو حقوقه… أو كرامته..
وفي معرض دفاعه عن مجازر دارفور، قال بفم ملآن – وفرحان – إنه ما قتل سوى 10 آلاف..
وكأن الضحايا هؤلاء محض حيوانات… أو حشرات… أو طيور..
في حين إن الدين الذي حكم البشير هذا – وجماعته – باسمه (يبشر) قاتل النفس بأشد العذاب..
بل ويقول إن زوال الدنيا – والكعبة – أهون عند الله من ذلك..
ولكن مَن مِنَ الطغاة لم يسترخص القتل؛ من لدن فرعون – ومن قبله – وإلى البشير؟..
كلهم كذلك؛ قساة… دمويون… متوحشون… فرحون بالدنيا..
ويستعرض الكاتب مسيرة المشير هذا من مهد كوبر وليداً… وحتى سجن كوبر حبيساً..
وهو السجن ذاته الذي لطالما حبس فيه مُعارضيه..
بل حتى شيخه الذي أتى به إلى السُّلطة رئيساً لم يتورّع عن رميه بسجن كوبر هذا مراراً..
والآن – ويا سبحان الله – يشتكي من أجواء كوبر..
وخلال سنواتٍ من مسيرة المشير هذا – في الحكم – حذّرناه من مثل هذا المصير تلميحاً..
وما كان بمقدورنا سوى أن نُلمِّح… تحاشياً للحجب..
وقلنا عسى أن يفهم بالإشارة إن كان لبيباً… ولكن متى كان الطُّغاة يقرأون التاريخ؟..
فلو قرأ كل طاغية مبتدأ أمثاله – ومنتهاهم – لما طغى..
والآن مبتدأ البشير كان بحي كوبر؛ ومنتهاه هو الحي ذاته ولكنه – هذه المرة – سجنه..
بدأ من الحي هذا فقيراً… وانتهى إليه فقيراً أيضاً..
فقد ضاع – في لحظة – المالُ… والجاه… والعز… والكرسي… والرقص… وحي كافوري..
فهل من بعد هذا من يطمع في أن يكون مشيراً جديداً؟..
إذن فقد تعبنا من الذين لا يقرأون التاريخ… ولا ينظرون إلى كوبر الآن من باب العظة..
حيث المشير !!.