رئيس المفوضية القومية للسلام سليمان الدبيلو لـ(الصيحة)
تنفيذ اتفاق السلام إذا اعتمد على الدعم الخارجي سيفشل
السلام سيُحدِث انفراجاً كبيراً للسودان وسيرفع اسمه من قائمة الإرهاب
المفوضية هي الجسم المعني بتنفيذ ما ورد في اتفاق جوبا
للشرق مشكلة حقيقية ولكن المؤتمر التشاوري سيحل الأزمة
سيتم إعلان الحكومة خلال أيام
حاورته: أمنية مكاوي
هو أحد القادمين بشدة لإنفاذ السلام خلال الفترة الأولى من حكومة المرحلة الانتقالية، وقد تم تكوين مفوضيته وفقاً للوثيقة الدستورية التي تحكم هذه الفترة، بروفيسور سليمان الدبيلو رئيس المفوضية القومية للسلام، التقته (الصيحة) عبر هذا الحوار والذي أكد من خلاله أن اتفاقية سلام السودان التي وقعت في جوبا جعلت من السلام أولوية قصوى للسودان وللمجتمع الدولي، لكنه قال إن السودان إذا ما اعتمد في تمويل إنفاذ هذه الاتفاقية على الدعم الخارجي لإنزالها لأرض الواقع سيفشل بلا شك، وقال إن السلام وقع من قبل أطراف سودانية خالصة وسينفذ أيضاً للسودان. هذا وغيره الكثير من المحاور والإفادات الجريئة، فإلى نص الحوار:
* أخيرا تم توقيع اتفاق السلام ودخل حيز التنفيذ، ما هو الأثر المتوقع على الساحتين الداخلية والخارجية؟
السلام أولوية قصوى بالنسبة للسودان وأيضا العالم، وهنالك اهتمام دولي كبير جداً بسلام السودان منذ بداية التفاوض إلى حيث التوقيع النهائي، وما زال هذا الاهتمام مستمراً حتى هذه اللحظة خاصة فيما يلي الشروع في تنفيذ الاتفاق والجداول الزمنية التي وضعت. ومن المتوقع ان يحدث السلام انفراجاً كبيراً على السودان رغم الظروف الموضوعية التي تواجه العالم نتيجة جائحة كورونا. وما نتوقعه أن يؤدي لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب ويفتح المجال للتجارة الدولية. أما على المستوى الداخلي، قطعاً السلام له ـثر كبير خاصة بعد تشكيل الحكومة ومشاركة الحركات مما سيحدث تحسناً في الاقتصاد، فبجانب وقف الحرب وإسكات صوت البندقية، سيسهم القادمون في الانتعاش الاقتصادي.
* ما هو دور مفوضية السلام في إنفاذ الاتفاق على أرض الواقع؟
فيما يلي دور المفوضية، فقد يعني لها تنفيذ اتفاق السلام الكثير فهي منوطة بمتابعة التنفيذ، وعندما أقول التنفيذ ليس هي نفسها التي تنفذ الاتفاق وإنما هي تراقب وتتابع وتضع المشروعات الخاصة بمطلوبات تنفيذ اتفاق السلام أياً كانت، الحكومة أو المنظمات الدولية أو الآلية الوطنية، فهي الجسم المعني بتنفيذ ما ورد في الاتفاق الموقع.
* هناك مخاوف بشأن دعم تطبيق اتفاق السلام، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية وجائحة كورونا، كيف يتم ضمان تمويل التنفيذ؟
في ظل الظروف الحالية المتوقع ليس كبيراً، وخاصة في اتفاقيات السلام إذا اعتمدت استراتيجية التنفيذ على الدعم الخارجي ستفشل، وتنفيذ هذا الاتفاق يقع على عاتق الأطراف التي وقعت عليه، فالجميع سيكون جزءاً أصيلاً في الحكم وفي جميع أجهزة الدولة أعضاء في مجلس السيادة والوزارات والمفوضيات، هذا الاتفاق “سوداني سوداني سينفذ سودانياً”.
* نفهم من ذلك أن المفوضية لا تعول على الدعم الخارجي؟
ما في ذلك شك، فصعوبة ظروفنا الاقتصادية وأيضاً ما يواجهه الاقتصاد العالمي من صعوبات، يجعل الأمر معقداً بعض الشيء، لكن نتعشم في دعم الأشقاء والجيران والمنظمات الأممية، لكن هذا لا يعني أن نعتمد ذلك كأساس لتنفيذ الاتفاق، وأن لا يكون الاعتماد على الدعم الخارجي الجهة الأساسية المنوط بها تنفيذ الاتفاق هي السودان. هنالك دول كثيرة أبدت دعمها للاتفاق، لكن الظروف الموضوعية التي أوجدتها جائحة كورونا أثرت على كل الدول اقتصادياً عندما نتحدث عن الدعم لا نتحدث عن الدعم المادي، ولكن هناك مطلوبات كثيرة تسهم في بناء السلام يمكن للمجتمع الدولي أن يقدم المساعدة في تنفيذها.
* بماذا تقصد من أنكم لا تعنون بالدعم الدعم المادي فقط؟
ليس الدعم المادي (الكاش)، وإنما الدعم الذي يكون في شكل مشروعات للسلام، لأن هنالك الكثير من المطلوبات لدعم اتفاق السلام مثل إعادة الإعمار ومطلوبات إعادة النازحين واللاجئين آخذين في الاعتبار أنه لا يمكن أن نخرجهم من المعسكرات دون ترتيب لأوضاعهم ونقول لهم (امشوا رتبوا حالكم) من غير توفير مأوى لهم، وتوفير الخدمات الأساسية، جميع ذلك يتطلب مشروعات تمكن من الإسهام في تنفيذ هذه المشروعات.
* هل للمفوضية رؤية حول مشروعات تدعم تنفيذ الاتفاق؟
نعم، لدينا رؤية كاملة سيتم التشاور حولها مع كافة الأطراف لتنفيذ ما نتفق عليه. حقيقة أن الاتفاقية نفسها وضحت تفاصيل الأشياء المطلوبة، كل المطلوب الآن تم وضعها في قالب مشروعات بالشراكة مع كافة أطراف العملية السلمية.
* إلى أي مدى المفوضية قادرة على مراقبة ومتابعة وتقويم التنفيذ الفعلي؟
قطعاً قادرة وبكفاءة عالية، لأن هذا هو دور المفوضية الحقيقي متابعة التنفيذ، وحتى الآن المفوضية قانونها لم يُجز ولا هيكلتها.
* ما هو سبب التأخير ومتى يتم؟
السبب الرئيس هو إشراك أطراف العملية السلمية والاتفاق على قانون يستوعب دور المفوضية وفق اتفاق السلام ومن المتوقع أن يتم ذلك خلال الأسبوعين القادمين.
* متى تنتهي مهمة المفوضية القومية للسلام؟
متى ما تم تنفيذ اتفاق السلام الذي وقع، إذا كان ذلك خلال شهرين أو سنه أو سنتين.. الخ.
* كيف يسهم حضور قادة الكفاح المسلح إلى داخل البلاد في دعم الفترة الانتقالية واستقرار الحكم؟
ما في شك في إسهامهم الكبير لاستقرار الحكومة وتوسيع الحاضنة السياسية وهم لديهم خبرات تراكمية خارج السودان الكبير، ومنهم الخبراء والعلماء والاقتصاديون، لذلك وجودهم إضافة حقيقية لاستقرار الحكم ودخولهم هو إعلان للاستقرار.
* هل ستكون هنالك لجان مساندة للمفوضية؟
نعم، ستكون هنالك لجان بالتأكيد، بعضها أورد في الاتفاق وبعد إجازة هيكلها سيشارك فيها عدد كبير من أصحاب الشأن.
* هل لديكم اتجاه لتكوين مكاتب بالولايات؟
نعم، هنالك اتجاه لعمل مكاتب إقليمية خمسة بدارفور وثلاثة في كردفان ومكتب بالنيل الأزرق ومكتب بكسلا وبورتسودان والقضارف، وكل هذه المكاتب تحت مسمى المفوضية القومية للسلام لمتابعة التنفيذ على أرض الواقع.
* ما هو أثر صراعات الشرق والشمالية على اتفاق جوبا وعلى المفوضية وما هي رؤيتكم للحل؟
حقيقة للشرق مشاكل حقيقية هنالك أجسام موقعة على اتفاق شرق السودان، وهنالك رفض من بعض مكونات الشرق حول هذا الاتفاق لذلك المسؤولية بجانب الدولة تقع على عاتق الإخوة في الجبهة الثورية والموقعين عليه، آخذين في الاعتبار أن اتفاق الشرق يمثل نسبة ٣٠٪ لمطلوبات الشرق وتركت الـ(٧٠٪ ) لأهل الشرق للمشاركة في النواقص في الاتفاق.
وبكل أسف أخذت القضية طابعاً آخر وأزهقت أرواح بريئة وتجذر الخلاف، نحن في المفوضية نرى أن لابد من إجراء عمل قاعدي وورش ولقاءات لتهيئ المناخ الملائم، ولبلوغ ذلك لابد من الإخوة الموقعين على اتفاق الشرق توجيه قواعدهم والانفتاح نحو الآخرين بحيث ينجح الحوار القاعدي، ويكون هنالك قبول من المجتمع أملاً في أن لا يتعمق الخلاف ويعرقل قيام المؤتمر التشاوري الخاص بأهل شرق السودان، لذلك السعي دؤوب للبدء في العمل القاعدي لامتصاص حالة السيولة بشرح الاتفاقية وما هو متاح لأهل الشرق فيها أملاً في حقن الدماء وحفاظاً على الأرواح.
* نفهم من ذلك أن مشكلة شرق السودان لا يمكن حلها قبل المؤتمر التشاوري؟
لا، هو لا بد من تهيئة المناخ الملائم لقيام المؤتمر.
* كيف يُهيّأ مواطن الشرق وهو يرفض الاتفاق تماماً؟
أولاً، ليس كل أهل الشرق، وثانياً لدينا في السودان قيادات حكيمة، وهنالك العديد من الجهات التي يمكن أن توضح المدلول الحقيقي الذي نتج من هذا الاتفاق، وأنا أعتقد أن المعارضة الخارجية لا تنفع، لابد أن يتواجه الناس، وفي نهاية المطاف سيتوصل أهل الشرق إلى صيغة وفاقية تخرجنا من المشكل.
* وكيف ترى أزمة الشمال هناك أيضاً احتجاجات؟
نعم، هنالك خلافات وسط أهل الشمال لكن في نهاية المطاف ستحل في إطار المطلوبات والأشياء التي تم الاتفاق عليها وأنا على ثقة من حلها لأن اتفاقية الشمال محكومة بإجراءات قانونية وإدارية تنموية. وتبقى المشكلة الحقيقية هي في الشرق، الأمل معقود على المؤتمر الذي ستحسم فيه ما يعادل٧٠٪ من قضايا شرق السودان.
هناك مؤتمرات أخرى، مؤتمر الخرطوم ليعالج قضاياها كعاصمة قومية، وأيضاً مؤتمر شمال كردفان ليعالج قضايا شمال كردفان، ومؤتمر الحكم ليعالج قضايا حكم السودان والذي سيعقد خلال ستة شهور من التوقيع سيعالج شكل الحكم، كل هذه الأشياء يمكن أن تفضي إلى فهم أفضل لهذا الاتفاق. هذا الاتفاق عالج الكثير من القضايا التي تؤرق أهل السودان، المطلوب الفهم العميق وصفاء النية للتعاون معاً لبلوغ غايات الاتفاق.
* ما هو دور المفوضية حول ذلك؟
الآن المفوضية تشرع في التحضير لورش تغطي كافة الولايات لتمليك الاتفاق، وقد سبق وأن أقمنا ورشة شركاء السلام، وكانت ناجحة جداً وقد شاركت فيها كل الولايات استمرت لأسبوع أوضحت زيف كل ما كان يشاع عن الاتفاقية، والآن ساعون في التحضير لورشة تجمع كل أطراف السلام للمشاركة في تمليك الاتفاقية لكافة أقاليم السودان تمليكهم تفاصيل الاتفاق.
* متى تتوقع تشكيل الحكومة؟
الآن تجري الاجتماعات مع قيادات أطراف السلام والحكومة نأمل في خلال أسبوعين أن يتم إعلان الحكومة.