أكثر من 360 منزلاً منذ أغسطس ما زالت تعوم في مياه الخريف
تجاهُل تام للسلطات للمحلية والولاية للكارثة
ما يزيد عن 99% من المزارعين خرجوا من الموسم بسبب الفيضانات
كارثة حقيقية تعيشها قرية السيسبانة (كتكو) التي تبعد بنحو 25 كم عن رئاسة محلية الرهد تقريباً، ويزيد تعدادها عن 15 ألف نسمة، يشتغل سكانها بالزراعة بنسبة 100%، وتشتهر القرية بالزراعة البستانية.
تمر القرية بأوضاع إنسانية كارثية منذ منتصف أغسطس الماضي، وإلى اليوم جراء السيول التي اجتاحت القرية في خريف هذا العام، ما خلف غرق وانهيار تام 150 منزلاً وغرق ما يزيد عن 600 منزل، وما زال 360 منزلاً حتى اليوم يصعب دخولها وتحولت القرية في بعض أطرافها إلى برك ومستنقعات، وتمت استضافة ما يقارب 600 أسرة داخل القرية، ولم تفلح مناشدة أهالي القرية للسلطات المحلية والولائية بمد يد العون والاستغاثة وتشهد القرية إهمالاً واضحاً في محور التنمية والخدمات كغيرها من قرى الأطراف المنسية بمحليات الولاية المختلفة، ما يلقي بظلال سالبة على الغلابة بجميع المستويات التعليمية والصحية والاقتصادية، إضافة للأوضاع الاجتماعية والإنسانية، وكثيراً ما تقود لكارثة تواجه بالصمت المخجل من السلطات المحلية والولائية على السواء. (الصيحة) كانت هناك في أرض الكارثة بالسيسبانة، ونقلت الكاميرا صورًا حية جسّدت معنى المعاناة والعنت في 12 من نوفمبر الجاري.. فإلى التفاصيل.
تحقيق: أنس عبد الرحمن
ما قبل الكارثة
يعيش أهالي السيسبانة (كتكو) حياة بسيطة، حياة الريف في جو معافى من زخم المدن يأكلون مما يزرعون بطبيعة الحال، فإن أهالي القرية يشتغلون بالزراعة، وهنالك أعداد مقدرة منهم تنخرط في الزراعة البستانية وزارعة الفاكهة والموالح، وكانت القرية في حركة دؤوبة ونشاط مستمر وتدعم الخزينة المحلية بما تجود به خيرات الأرض والسماء من المحصولات الزراعية والإنتاج الوفير مما تنبت الأرض بسواعد أبنائها.
رداءة الطريق ومناشدة السلطات
25 كم يقطعها أهالي المنطقة راجلين يومياً للذهاب لمباني رئاسة المحلية لإيصال صوتهم وإخبار السلطة المحلية ما ألمّ بهم من سوء دون جدوى ولا تحرك المحلية ساكناً لنجدة المنطقة منذ أغسطس الماضي في صمت مخجل يكشف مدى الإهمال الذي يطبق على الهامش المنسي من القرى والفرقان بمحليات الولاية المختلفة، فالسيسبانة مثال حي لما يحاك ضد الأطراف من إهمال في الخدمات والتنمية وتجاهل لأبسط مطالب الأهالي الضرورية والحقوق واجبة السداد وفق الدساتير والأعراف.
استجابة نص (كم)
قال الأهالي إن الجهة الوحيدة بالمحلية التي استجابت لاستغاثة أهل السيسبانة فقط ديوان الزكاة بمحلية الرهد، وصف أحد المواطنين ــ فضل حجب اسمه ــ دعم الزكاة (بنص كم)، موضحاً أن جملة المتضررين من الفيضان لا تقل عن 1700 أو 1800 شخص لـ 360 أسرة وفق إحصائية الحصر الأولية التي قام بها شباب بالقرية، وتابع قائلاً. عندما قدم ديوان الزكاة بالمحلية الدعم والمساعدة للمتضررين جاء دعمه بـ 265 جوال ذرة لـ 360 أسرة متضررة منها من فقد المأوى تماماً ومنهم يعول زوجتين ووالديه فكان نصيب بعض الأسر الكبيرة من دعم الزكاة نصف جوال ذرة يقتات منه من شهر أغسطس إلى نوفمبر الجاري، فهل من مدكر بحسب ما ذهب إليه محدثي.
خروج 99% من المزارعين من الموسم
فرضت الفيضانات التي اجتاحت القرية أمراً واقعاً للمزارعين الذين غمرت المياه (بلداتهم) الزراعية تماماً فقط 1% منهم استطاع هذا العام ممارسة الزراعة وأن الكارثة حلت بمن فقد منازلهم وغمرت المياه مزارعهم، فأصبحوا بلا مأوى ولا عمل يقتاتون منه ويعولون به أسرهم الصغيرة والكبيرة، وفشلت مجهودات الشباب لطرق الأبواب المغلقة للسلطات المحلية والولائية لتوفير الدعم اللازم للأسر الضعيفة والأكثر تضرراً من أهالي منطقة السيسبانة المنكوبة منذ عيد الأضحى الماضي وما زالت الأسر تنتظر من ينظر إليهم بعين الرحمة لتقديم المساعدات.
استضافة الأهالي
وذكر ناصر أحد مواطنين القرية، أن الأسر المتضررة تمت استضافتهم من الأهالي منذ الساعات الأولى من الكارثة إلى اليوم، ونبه إلى أن بعض البيوت لا يستطيع ذووها السكنى فيها إلى شهر فبراير من العام التالي بسبب الأمطار، وأشار ناصر أن 50% من جملة الـ 360 أسرة من المتضررين فقراء يعملون بالأجرة لا يملكون ما يبنون بيوتهم بعد أن دمرها الفيضان، وذهب بالقول وبسبب غمر المياه للمزارع الآن معظم الأسر المتضررة عاطلة عن العمل، داعياً جهات الاختصاص والخيرين من أهل الولاية بتقديم الدعم لضحايا الفيضانات بقرية السيسبانة المنكوبة.
كارثة محتملة
إن لم تتدارك السلطات الصحية الموقف والوضع الصحي بالقرية، فإن نذر كارثية صحية محتمل حدوثها فإن 25% الآن من مساحة القرية عبارة عن برك ومستنقعات مائية داخل وخارج البيوت فبمجهودات فردية من الأهالي استطاعوا وعلى امتداد شهر عبر العمل المتواصل للنفير الشعبي من تفريغ كميات كبيرة من المياه داخل القرية بواسطة الطلمبات والمضخات الخاصة دون أي دور رسمي غير أن انعدام الوقود حال دون إتمام المهمة وتخوف الأهالي من المياه الراكدة والمتبقية من أن تتحول لبرك لتوالد نواقل الأمراض وطالبوا السلطات الصحية بالمحلية بتحمل مسؤوليتها كاملة غير منقوصة وتدارك الموقف قبل أن يصبح كارثة يصعب التعامل معها أو تؤدي لخسائر مادية فادحة.
مناشدة
ناشد محيي الدين عثمان أحد مواطني قرية السيسبانة، الجهات الرسمية بتوفير الخدمات للقرية من طرق ومياه وتعليم وصحة وكهرباء، وقال إن القرية من حيث الكثافة والتعداد السكاني لا تنافسها سوى قرية أم الخير (بازورا) على الإطلاق لجميع قرى محلية الرهد، ودعا السلطات بالجهازين التنفيذي للمحلية ورئاسة الولاية بضرورة مساعدة المنكوبين والمتضررين من الفيضانات والسيول لهذا العام، وتابع محيي الدين أن القرية ظلت مهمشة ومنسية لا تتذكرنا المحلية إلا في الجبايات. وأضاف: قرية بها ما يزيد عن 15 ألف نسمة بها مدرسة أساس مختلطة وغير مكتملة الفصول من أربعة فصول زنك والمتبقي (رواكيب)، مطالباً بإنهاء معاناة الطريق وإنشاء المؤسسات الخدمية الجيدة والاهتمام بالمدارس بمواصفات تلبي طموح أهل القرية وبما يحفظ لهم حقوقهم بعيداً عن المزايدات.
سوء ورداءة الاتصالات
(الصيحة) اتصلت بالمدير التنفيذي لمحلية الرهد توفيق محمد علي هاتفياً، ونقلت إليه اتهامات أهالي القرية بعدم اهتمام المحلية بالقرية لمواجهة كارثة الفيضان، وأن ما قدم من دعم لم يكن بحجم الكارثة، وتساءلت الصحيفة عن دور المحلية في مساعدات المتضررين من المستضعفين من النساء والولدان والأرامل بجانب بسط التنمية والخدمات للأطراف من طرق وكهرباء ومؤسسات صحية وتعليمية للقرية ورصيفاتها من قرى المحلية، إلا أن رداءة وسوء شبكات الاتصالات بمحليات الولاية حال بيننا وبين الرجل الذي رحب بالصحيفة، وأبدى الاستعداد للرد علي التساؤلات المطروحة.