الجنرال تشرشل يقول إن هناك فرقاً كبيراً بين شخصية رجل الدولة والرجل السياسي، رجل الدولة يفكر في مستقبل الأجيال القادمة والسياسي يفكر في الانتخابات المقبلة، رجل الدولة يفكر بعقلية القائد الملهم الذي يحيط بكافة القضايا بطريقة عميقة وينظر لها بتفحص حتى عندما يتخذ القرار يكون سليماً في مكانه وزمانه، ورجل الدولة يضع الخطط المستقبلية الموجهة لواقع البلد، وعندما يقع في الخطأ لا يتحرج في تقويمه وتصحيحه ويتحمل في سبيل ذلك النقد البناء وغير البناء، هكذا هو حال القائد الفريق أول محمد حمدان حميدتي، فهو رجل دولة من طراز فريد ونستطيع القول إنه رجل نزيه ويتحدث عن الحقائق بكل شفافية ووضوح.
في لقائه بمدعية المحكمة الجنائية الدولية بانسودا بمكتبه بالقصر الجمهوري تجلت هذه الحقائق، حيث أكد القائد حميدتي فيما يخص محاكمة المطلوبين لدى محكمة الجنايات الدولية أن القضاء السوداني يتمتع بالاستقلالية التامة والمهنية والنزاهة بلا تدخل من أي جهة سياسية دولية أو محلية، وهذا يؤكد إيمانه القاطع باحترام القانون وتحقيق العدالة، وأن يتم ذلك عبر القضاء السوداني الطبيعي، وبهذا يكون قد حسم الجدل حول إمكانية محاكمة المطلوبين داخلياً وليس خارجياً كما ينادي بذلك بعض خصوم أعضاء النظام السابق.
القائد حميدتي أكد علي جاهزية واستعداد الحكومة للتعاون مع محكمة الجنايات الدولية خاصة المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان بمناطق النزاع بما يحقق الأمن الدولي.
المواقف الكثيرة للقائد الذي يحفظها له الشعب السوداني منذ انحياز قواته للثورة المجيدة ودعمه وإصراره على محاورة حاملي السلاح وتوقيع السلام والالتزام التام بتنفيذ الاتفاق “حرف حرف”، ومناداته بضرورة أن يعمل الجميع حكومة وحركات كفاح مسلح وقوى سياسية على التعاون من أجل سودان آمن ومستقر، وبذلك يكون قد وضع منهجاً جديداً في عالم السياسة، بحيث أنه وضع أمن واستقرار ووحدة السودان الهم الأوحد والشغل الشاغل له، وقد وضع بذلك قيادات الحرية والتغيير والحكومة وحركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاقية السلام أمام تحدٍّ كبير، وهو ضرورة الاحتكام للقانون واحترام مؤسسات الدولة خاصة القضائية وأن تكون السلمية والحوار في معالجة المشكلات ديدن الجميع.
أعتقد أن محاكمة مجرمي الحرب داخلياً يعطي استقلالية وثقة للأجهزة العدلية في تطبيق القانون على الجميع، بهذه المواقف للقائد حميدتي يكون قد عمل على تنزيل مقولة رجل الدولة من يضع نفسه وإمكاناته في خدمة الشعب وليس وضع الشعب في خدمة رجل الدولة.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل