السلام وإنعاش الاقتصاد.. تطلّعات وتحديات
الخرطوم: جمعة عبد الله
تزايدت الآمال بأن يؤدي وصول قادة سلام جوبا للخرطوم، وبدء تنفيذ الاتفاقية إلى انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المتدهور وإنعاشه وتحسين معاش الناس خاصة وأن الحروب أثرت سلبًا، كما تضرر الاقتصاد السوداني، مع مخاوف من التكلفة الباهظة لتنفيذ السلام وسط ظروف اقتصادية صعبة محلياً وعالمياً.
الاقتصاد يكسب
وأكد رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك أن توقيع السلام ينعكس إيجاباً على الاقتصاد.
7.5 مليار دولار تكلفة تنفيذ السلام وأقرت وزيرة المالية المكلفة د. هبة محمد علي، بأن الإنفاق على تنفيذ اتفاق جوبا للسلام واحد من ضروريات استكمال مرحلة البناء وإعمار ما دمرته الحرب، والذي أكدت عليه وزارة المالية بأن تنفيذ الاتفاق يكلف حوالي 7.5 مليار دولار، باعتبار أنها مسؤولية تضامنية وله متطلبات سياسية وأمنية ومجتمعية واقتصادية تحتاج إلى موارد ضخمة يجب توفيرها خلال العشر سنوات المقبلة.
ويرى خبراء الاقتصاد أهمية توجيه الإنفاق وتوظيفه في المشاريع الخدمية التي افتقرت لها مناطق النزاعات التي تضررت من الحرب والبعض يشير إلى أن الدعم الحكومي وحده غير كاف يجب مساهمة القطاع الخاص بجانب الدعم الإقليمي والدولي، وأكد مراقبون أن الضائقة الاقتصادية التي تمر بها البلاد ربما تكون حجرة عثرة تواجه تنفيذ الاتفاق.
تكلفة باهظة
ونبه الخبير الاقتصادي د. عزالدين إبراهيم، في حديثه لـ “الصيحة” إلى أن تكلفة الحرب أعلى من الإنفاق على السلام، لذا أكد أهمية توظيف أموال دعم الاتفاقية، مع تعزيز الطاقة الاستيعابية لتنمية المناطق المتأثرة بالحروب، وأن تستغل هذه الموارد في مشاريع التنمية، وقال إن على الحركات المسلحة والقطاع الخاص أن يسهموا في عملية الإنفاق لأن الحرب يتضرر منها السودان كله، مشيرًا إلى أن 7.5 مليار دولار المقررة لإعادة الإعمار ربما لن تكفي.
التعاون الدولي لتحقيق التحول
وفي ذات السياق، أكد الخبير الاقتصادي د. محمد الناير، أن المبلغ المذكور لدعم قضية السلام كبير جداً مقارنة بالوضع الاقتصادي للسودان، وأردف: الحكومة ستعجز عن الإيفاء به، مؤكداً أن تجاوب المجتمع الدولي ضعيف ولم تحصد الحكومة منه إلا القليل حتى الآن، لذا من الضروري إيجاد معالجات، وأضاف: السلام منقوص لأنه لم يشمل جميع حملة السلاح.
وأكد الناير لـ “الصيحة” أهمية التعاون الدولي لتحقيق التحول من الحرب إلى السلام، موضحاً أن ضعف التعاون الدولي ينبه إلى عدة تساؤلات، رغم أنها حكومة انتقالية تؤسس لمرحلة ديمقراطية، منوهاً أن الإنفاق على السلام سيلقي أعباء وصرفاً على الموازنة العامة للدولة، خاصة أن الحكومة تنتهج سياسات كثيرة ترهق المواطن. وأضاف: الحكومة تنتهج نفس سياسات النظام السابق، مثلاً زيادة عدد الوزارات، وصناعة وظائف للقادمين من الحركات المسلحة، وهذه مسألة ستكلف خزينة الدولة.
ونصت اتفاقية جوبا للسلام على دعم مالي باهظ لتنفيذ بنودها.
تحديات تثبيت السلام
غير أن الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي، يرى أن هنالك صعوبة في تثبت السلام على أرض الواقع، وبرر ذلك لتأثر الاقتصاد العالمي وضعف فرص الحصول على تمويلات جيدة، بالإضافة إلى تراجع الاقتصاد الوطني بسبب توقف الإنتاج في الفترة السابقة، لظروف خارج نطاق الإرادة، من جائحة كورونا واجتياح السيول والفيضانات معظم مناطق الإنتاج، وبالتالي تعطلت العملية الإنتاجية.
ويضيف: الآن صوت المدفع توقف، ولكن ما زالت هناك بؤر ومناوشات من حركات في “جبل مرة” لتحطيم اتفاق السلام، موضحاً أن الاقتصاد تدهور كثيرًا.
ووصف الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي، السلام النهائي بأنه مطلب أساسي لتهيئة مناخ استثماري ملائم تنمو وتزدهر فيه منشآت قطاع الأعمال أكثر، مؤكداً أنه بدون الأمن لا توجد تنمية، وبدون التنمية لا توجد الدولة القوية ذات الأسس السليمة، فانعدام الأمن الاقتصادي آثاره سلبية ومتعددة تتجاوز الحدود الدولية حيث تمتد آثاره إلى دول الجوار، مما ينعكس على الكثير من المتغيرات الاقتصادية مثل التضخم، البطالة، الاستثمار، سعر الصرف، الأسواق المالية، الميزانية العامة، التأمين، والسياحة.
ولفت فتحي إلى أن الاستقرار السياسي يؤثر على الحالة الاقتصادية للبلاد، لما له من أثر كبير على القرارات الاستثمارية، سواء للمستثمر المحلي أو الأجنبي، وكذلك إنتاجية وأداء الأفراد داخل المنظومة الاقتصادية.
ووفقاً لذلك، فإن عملية السلام الموقعة تساعد على قيام أجهزة الدولة بأداء دورها وتحقيق مستهدفاتها، مشيراً إلى أن القطاع المصرفي يعد من أهم هذه الأجهزة، لما له من أدوات مؤثرة على أداء المشروعات، إلا أنه رهن تحقيق الاستقرار السياسي والأمني بتحقيق السلام الشامل .
تهيئة بيئة الأعمال
ووصف اتحاد أصحاب العمل السلام بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية ، بـ “نقطة التحول المحورية” للبناء.
وقال رئيس الاتحاد هاشم مطر، في تصريح صحفي إن التوقيع له أبعاد إيجابية على مستوى علاقات السودان الخارجية، ودفع جهود تنمية وترقية الاقتصاد الوطني، وتهيئة بيئة الأعمال والاستثمار والترويج للاستثمار خارجياً، وجذب رؤوس الأموال، وتسهيل التعامل مع مؤسسات وصناديق التمويل الخارجية، مؤكداً استعداد القطاع الخاص للمساهمة في إعمار تلك المناطق ورفع معاناة المجتمعات .
ويقول تجار سلع يقيمون في جوبا، إن اتفاق السلام سيضمن تعايش المواطنين بسلام ويسهم في التنمية الاقتصادية لبلديهما.
وأضافوا “مع السلام ستفتح الآن الحدود بين جنوب السودان والسودان ونعمل بسهولة حيث سيتم نقل المسافرين والبضائع من الخرطوم إلى جوبا”.