الخرطوم/ عوضية سليمان
قبل نيفاشا
توت قلواك أو الجنرال كما يحلو لبعض محبيه مناداته، يعتبر أحد القيادات التي لعبت دوراً محورياً وفاعلاً في اتفاق السلام بمنبر جوبا، وقد تم منحه وساماً فخيماً من الرئيس سلفاكير لنجاحه في المهمة التي عهد بها إليه. توت من الشخصيات الذين يسبقهم وقعهم الطيب على النفوس فيلاقي القبول كما وجده في مهمته العسيرة في منبر جوبا، ولكنه اجتازها بنشاطه وهمته العريضة. فمن هو توت قلواك..
أصوله وشخصيته
توت قلواك ينحدر من قبيلة النوير فرع البل ولاية الوحدة، مسلم الديانة جاء إلى العاصمة الخرطوم قبل الانفصال مع الرئيس المخلوع قادماً من منطقة بانتيو بعد الانقلاب في العام 1989 وأصبح أحد قيادات الجنوب بالداخل كحركة شعبية.. اهتم بالملف الأمني داخل القصر والقيادة، وبعد الانفصال ذهب إلى سلفاكير ليصبح رئيس الشوون الأمنية لحكومة الجنوب، وهذا الأمر جعله متوازناً سياسياً. ويعتبر البعض أن مكانة قلواك وتقربه من الرئيس سلفا يأتي لكونه أحد الذين استقوى بهم سلفاكير إبان الأزمة بجنوب السودان، وهي التي مكنته من أن يكون أو يصبح رجلاً مهماً في حكومة جوبا وأحد أهم المقربين من الرئيس سلفا، الذي بدأ يعهد إليه بكل الملفات والتحركات المهمة خاصة تلك التي تتعلق بحل الإشكاليات وفي استقبال الوفود، وهو شخص وفي جداً في العمل السياسي وهذا ما قاده للنجاح في عمله.
حياته العملية
عمل مع القائد فاولينو في كادقلي ومنها إلى المجلد، ومن بعد أم درمان إلى أن استقر بهم المقام في ضاحية الكلاكلة. مكث معه عشر سنوات في العمل وتم ترفيعه لرتبة ملازم مع قوات فاولينو، حيث ترقى إلى أن وصل رتبة عميد، ومن ثم تم ترشيحه من قبل فاولينو كعضو في البرلمان المجلس الوطني ممثلاً لمنطقة (ميم) قبل الانفصال ونيفاشا. وفي عام 2004 تم استعياب كل القوات الجنوبية واستوعب توت في القوات المسلحة السودانية وأصبح ضابطاً في الجيش السوداني، وتقلد أيضاً منصب مستشار لوالي ولاية نهر النيل، وبعد الانفصال عمل مستشاراً للأمن في حكومة الجنوب عام 2011 واستلم الملفات في الجنوب في عام 2013 في السودان وجنوب السودان باعتبار أن لديه علاقة قوية جداً مع القوات المسلحة.
أدوار خفية
متخصص في الملف الأمني، وهذه من الأشياء التي وضعته في ملف الترتيبات الأمنية، إثر الخبرة التي اكتسبها في مراحل عمله وتوليه التنسيق بين قوات فاولينو ماتيب، والقوات المشتركة التي كانت موجودة وشاركت في السودان. توت لعب دوراً كبيراً جدًا في هذا النحو، الأمر رشحه ليكون وسيط الجنوب لعملية سلام السودان، وبعد ذلك، وفي الجنوب تم استيعابه ليكون ضابطاً برتبة العميد في الجيش الشعبي، ومنها تم ترفيعه إلى أن وصل مستشاراً للشؤون الأمنية. وفي العام السابق تم ترفيعه لرتبة الجنرال في الجيش الشعبي، وهذا يستحقه من أدواره السياسية التي قام بها.
اتفاقية سلفا ومشار
الأدوار التي قام بها حافلة، ورغم ذلك كان زاهداً في المناصب والسلطة، ذكي وهميم في عمله. الذين رافقوه قالوا عنه إنه ذو حنكة سياسية عالية، وكان دوره واضحاً في اتفاقية الجنوب في عام 2018 بين الفرقاء سلفاكير ورياك مشار، إلى أن تم توقيع اتفاق للصلح والسلام بينهما. ذاك الدور المهم أكسبه حنكة وشطارة مكنته من بعد في إنجاح مهمته كقائد لرسل السلام والمحبة ووسيط للفرقاء السودانيين من خلال المنبر (جوبا) بين الحكومة السودانية والجبهه الثورية، فنحج في قيادة الملف للتوقيع النهائي .
خلفية توت
في عهد النظام البائد كان قريباً جدا من المشاكل الخفية التي كانت بين البشير وسلفاكير، وتوت كان بمثابة القناة الخفية بينهما، فهو من يدير الحوار ودائماً ما يمتص الغضب عندما يكون رسولاً ويحمل رسائلهما المتبادلة. فاستطاع أن يقلل من حدة الخلافات حسب إفادات قيادات رفيعة بالدولتين. ونجح توت لأنه استخدم ذات الأسلوب في اتفاقية السلام عندما قام بلم الشمل وهذه الأدوار أكسبته خبرة كبيرة وعلاقات واسعة داخل الجيش السوداني، فكانت علاقاته ممتدة وسط الجيش السوداني وتحديداً وسط الذين يرابطون على مبنى القيادة العامة ومقر الرئيس.
أزمة هجليج
لم ينس قلواك السودان بلده الأول والذي صقل فيه شخصيته، فقد كان باراً به، وهو قيادي في دولة جنوب السودان التي اختارت الانفصال عقب انتخابات العام 2010م الشهيرة، وبالرغم من المشاكل بين البلدين والأزمات التي اعترت مسيرتهما، كان دائماً وسيطاً لتهدئة الخلاف مما دعا الرئيس سلفاكير أن يرفعه إلى رتبة مستشاره للشوون الأمنية بالجنوب، وقد ظهرت هذه الخبرة إبان أزمة هجليج بين البلدين والتي لعب فيها قلواك أدواراً قادت إلى الصلح وتهدئة الأحوال.
الحنكة السياسية
وخلال تواجده مع القائد فاولينو ماتيب استطاع توت أن يكتسب العمل السياسي والعمل العسكري، وفاولينو يعتبر أقدم ضابط في الجنوب، شارك في كل المعارك في جنوب السودان عبر مليشيات كبيرة قبل الانفصال، لذلك استطاع قلواك اكتساب الخبرة والمعرفة لملازمته المستمرة للقائد فاولينو، وفي الاتصال المباشر مع المسؤولين السياسيين والقيادات الكبيرة، فتعلم كيف يدير الحوارات واللقاءات المهمة وتحديداً العمل التفاوضي. وأصبح توت خبيراً في التفاوض بالرغم من أنه لم يكن موجوداً في نيفاشا في 2005 .
رعاية الملفات
استخدم توت سياسته في تفاوض جوبا الأخير برفقة ضيو مطوك الذي لم يكن أقل من توت شأناً، ويعتبر من الشخصيات المهمة جداً، إذ أنه أحد القيادات التي شملها اتفاق الخرطوم للسلام التي منها استمد تلك الطاقة والخبرة والمعرفة بعد أن أصبح أحد القيادات المهمة التي خدمت في مجال استشارية السلام قبل الانفصال، ولكن توت ذاع صيته لأن معرفته بالترتيبات الأمنية السابقة أهلته للتعامل مع القيادات المسلحة في الجبهة الثورية وطرف الحكومة الانتقالية عبر وفدها المفاوض، وهنا تجلت خبرة “فاولينو” التفاوضية، بيد أن توت تعهد برعاية الملفات خلال الفترة الانتقالية التي تقدر بأربع سنوات.
وأكد مراقبون أنها حقاً تحتاج إلى خبرات الرجل باعتبار أنه كان الوسيط، وشيء آخر لمعرفته ودرايته بأمر الترتيبات وأدق تفاصيل الوقائع بين الطرفين.
بعيداً عن السياسة
لتوت ميول غير سياسية فهو يعشق الترفيه جداً كما يعشق الأغاني السودانية ويجيد ترديدها وتربطه علاقة مع الفنان جمال فرفور من عهد بداياته في الفن كما تربطه علاقة مع مشاهير السودانيين في السياسة والرياضة أمثال ابراهومة والرياضي الجنوبي جميس ورجال الأعمال السودانيين في العاصمة والموجودين في الجنوب.
حياته الأسرية
له اثنان من النساء الأولى قريبته من دولة الجنوب وهي انجلينا، رُزق منها ثلاثة أولاد وبنت، والزوجة الثانية أشول عكاشة ابنة رجل الأعمال السوداني المقيم في الجنوب وهي سودانية جنوبية، وكان زواجهما قبل أعوام قريبة، بفندق السلام روتانا، وقد كان حدثاً اجتماعياً مهماً.