الخرطوم تتجمّل بالسلام وترحيب حار بالحركات.. احتفال السلام.. “مبروك شايل الاسم”
لافتتات كثيرة تحمل: شكراً سلفاكير وشكراً دقلو
(وصل وصل) هتاف الجماهير لحظة صعود قادة الحركات المنصة
عقار يخطف الأضوء ومناوي حضور وانشراح
لم تعش الخرطوم ليلة كهذه، إلا كالتي عاشتها حين احتضنت وفود السلام الذين قدموا إليها عقب اتفاق نيفاشا الشهير، الاستقبال الذي شبهه وقتها رئيس الحركة الشعبية الراحل جون قرنق بأنه استفتاء شعبي يوضح رغبات الشعب السوداني تجاه السلام. هكذا خرجت الخرطوم بالأمس لاستقبال وفود الجبهة الثورية السودانية وقادة الحركات المسلحة صانعي السلام قادمين من جوبا للإسهام في إنزال ما تم التوقيع عليه في جوبا إلى أرض الواقع السوداني، لتكتمل أفراح الشعب. فكان الفرح وكان التعبير الصادق من الجماهير التي تدافعت فجر الأحد إلى ساحة الحريةومطار الخرطوم لحضور هذه اللحظات التاريخية وفق أجواء فرايحية لم تحجبها أشعة شمس يوم الأمس الحارقة.
(الصيحة) كانت حاضرة هناك ورصدت العديد من المواقف والمشاهد المعبرة عن هذه المناسبة عبر المساحة التالية:
الخرطوم ــ عوضية سليمان
مني.. وصولٌ مُبكِّر
رئيس جيش تحرير السودان مني أركو مناوي كان في مقدمة الوفود التي وصلت إلى مطار الخرطوم صبيحة الاحتفال، وكان في استقباله عضو مجلس السيادة الفريق أول ركن الكباشي بمعية التعايشي وعائشة موسى، وتم استقباله والوفد القادم بحفاوة حارة أثارت أنظار الحضور.. مناوي رافقته مجموعة كبيرة جداً من قيادات الحركات المسلحة ومن المجتمع الدارفوري.
جموع غفيرة
جموع غفيرة لم تشهدها ساحة الحرية (الساحة الخضراء) في الماضي، وقد جاءوا من كل بقاع السودان، من الداخل والخارج، شيباً وشباباً، عمداً، ونظارات أهلية، أطفالاً ونساء.
كل هذه الوفود كانت حضوراً لاستقبال حركات الكفاح المسلح، التي حشدت كافة قطاعاتها، قطاع الطلاب – قطاع الولايات- قطاع المحليات وقطاع الريف- قطاعات المسارات المختلفة بكل مسمياتها، كلهم كانوا حضوراً يحملون لافتتات في مجملها وغالبها الأعم تحمل عبارات الترحيب بالسلام والمطالبة بضرورة إنزاله لأرض الواقع..
حقيقة الفرحة كانت عارمة داخل ساحة الحرية رغم كثرة الازدحام الناتج عن حضور الجماهير الغفيرة التي أمّت المكان نتج عنه ضيق المكان وسخونة الجو، فكانت الزحمة والكثافة العددية المهيبة مما حدا بمنظمي الاحتفال التنويه عبر مكبرات الصوت من خلال المنصة إلى ضرورة التقيد بارتداء الكمامات مراعاة للتحذيرات الصحية للوقاية من وباء (كورونا) المنتشر عبر موجته الثانية.
تأمين كبير
قامت السلطات الأمنية بالامس بتأمين ساحة الاحتفال بصورة كبيرة جداً صاحبها انشار كثيف جداً من عناصر القوات المسلحة الحاضرة وجزء من حراسات الحركات المسلحة المصاحبة لقيادات الجبهة الثورية، وكان الحرص الحكومي والتأميني بدقة عالية جداً لتأمين المنطقة وتحديداً المنصة الرئيسة التي أبعدت عنها الجماهير الغفيرة، مسافة كبيرة لاحتضانها ضيوف البلاد وصناع السلام والمسؤولين الذي دفع البعض إلى القول إن هذا التأمين لم تشهده هذه الساحة في أي من المناسبات لسابقة.
جيش تحرير السودان جناح مناوي وجناح الطاهر حجر وجيش حركة العدل والمساواة، وجيش تحرير السودان جناح الهادي إدريس، جيش التحرير والحركة الشعبية قطاع الشمال مالك عقار، إلى جميع القوات العسكرية والشرطية والدعم السريع والقوات المسلحة جميعها كانت حضوراً في تأمين المناسبة بشكل كبير جعلها مساهمة في تأمين الحدث ومكملة له.
لافتات وأحاديث
لافتتات كثيرة تصدرت المواقع والحديث عنها كان لافتاً للأمر.. فاللافتات جاءت تحمل عبارات امتنان، كشكراً سلفاكير وشكراً دقلو، بالإضافة للرسومات المعبرة عن الاحتفائية زانتها زغاريد النسوة ورقص وغناء الفلكلور الأهلي والشعبي داخل الساحة لكل قبائل السودان. فكانت هناك لوحة جمالية معبرة باسم السودان الكبير وحضور هذه الجزئيات منه تؤكد الضمان الكبير لهذا الاتفاق. أضف لذلك هنالك ثياب رسم عليها القائد حميدتي كقائد وملهم وصانع للسلام.
المنصة الرئيسة
أعدت المنصة الرئيسة لمخاطبة الجمهور بطريقة جميلة ورائعة وكان أول من صعد إليها هو الفريق عمدة الطاهر حماد المستشار العسكري لحركة العدل والمساواة، يتبعه وفد أمني كبير جداً، ومن ثم القائد الطاهر حجر رئيس تجمع قوى تحرير السودان برفقة جيشه وحرسه الشخصي، وكان الدخول إلى المنصة مشدداً فيه جداً.
وصول بهدوء
في هدوء تام صعد إلى المنصة نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو فنهض الجميع وهللوا (وصل وصل دقلو وصل)، فحياهم تحية فخر وامتنان وثقة بالنفس وظل يؤكد لهم بصوته فقط دون مكبر الصوت وقتها “السلام وصل وقد أوفيت بوعدي إليكم”.
خلفه في الحضور والصعود لمنصة الكبار المستشار الجنوبي والوسيط الناجح توت قلواك رئيس الوساطة الجنوبية، فهتف أبناء الجنوب في الساحة بلغة الجنوب محيين الرجل. ثم من بعد صعد خالد شاويش من مسار الشرق ومن ثم مني أركو مناوي جيش تحرير السودان، ومسار الوسط التوم هجو، والهادي إدريس، وخلفه مالك عقار والدكتور جبريل وقفوا إلى جانب المنصة الرئيسة لإسداء التحية والسلام للجموع الغفيرة التي هتفت وزغردت لهم جميعاً، إلا أن الهتاف لعقار كان أقوى وأعلى صوتاً من قبل الجمهور الذي أرسل لهم التحية، وهذا دليل على حبه وانتمائه الصادق لأهله وعشيرته وأقاربه كان الأقوى عن سلامه لهم، ولكن الأكثر هدوءاً عن سلامه هو خالد شاويش ومن ثم صعدوا إلى الجلوس لمتابعة الاحتفالات.
صخب ورفض
حينما صعد إلى المنصة ممثل الحرية والتغيير إبراهيم الشيخ ليقول كلمته تعالى صراخ الجمهور في وجهه رافضاً لقوى الحرية والتغيير في ضجيج كان مخيباً للآمال وسط الحضور داخل المنصة والضيوف، إلا أن إبراهيم كان مصراً على كلمته رغم الهتافات (برة برة) بصوت عالٍ وصاخب جداً كاد أن يخرج الاحتفال من جوه الجميل.. فتحركت كل القوات الأمنية وهاج الحضور، إلا أن الحضور كان أكثر تمسكا برأيه وكلمته التي علا فيها الصوت رافضاً سماع كلمة ممثل الحرية والتغيير.. موقف كان صعباً ومخجلاً في نفس الوقت عندما قال أحد القيادات لمن في جواره وسمعته، “أقل حاجة كان يحترموه أمام الضيوف”، ولكن لا تزال الشعارات والعبارات تنادي بالرفض القاطع.
كلمة إبراهيم الشيخ حقيقة أخرجت المناسبة من جوها المفعم وكادت المراسم أن تندلق إلى فوضى كبيرة من خلال الارتباك الذي بدا واضحاً في الحضور.. الكثير من النساء تسلقن سور المنصة خوفاً من موجة الجماهير المتدفقة.
حراسة مناوي
أثارت حراسة رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي عند استقباله كثيراً من الجدل وسط المراقبين . ووصل مناوي وعدد من قياداته للاحتفال بالخرطوم بهيئة أكد مراقبون أن الرجل هذه المرة تظهر عليه علامات النصر، وأن السلام حقاً قدم من خلال هيئته وراحته النفسية التي انعكست على المشهد العام وسط قواته بأرض الاحتفال.