محجوب شريف ووردي وعربيتك المرسيدس!!
(1)
تبقى العلامة البارزة في تاريخ وردي الغنائي علاقته بالشاعر محجوب شريف.. حيث ارتبطا مع بعض، وبصورة حميمة لأكثر من عشرين عاماً، وبالرغم من فارق السن الذي بينهما وهو الرباط الذي عبر عن نفسه بصورة خاصة في مجال الأغنية الوطنية ولدرجة أن وردي صار يضن بألحانه على شعراء آخرين، ومحجوب شريف يقول إنه يسمع صوت وردي أثناء تأليفه القصائد، كما تم سجنهما سوياً في كوبر أيام نميري.
(2)
ولمحجوب خصاله الشخصية فهو لا يشرب الخمر أبداً، ويدخن قليلاً، هو لا يكذب، ولا يخلف وعداً، ولديه مقدرة عظيمة على رفع الكلفة والتواصل ببساطة مع الأطفال، إلى جانب احتقار عظيم للفلوس والأكل والشرب، وعلى استعداد أن يمشي على رجليه من الخرطوم حتى نهاية أم درمان إلى منزله في الثورة الحارة (11)، ويرفض أن يركب مع وردي قائلاً بتهكم: (ياخي عربيتك المرسيدس دي عاملة زي المرة العزباء.. أحسن أمشي علي رجلي)، وكل ذلك بتلقائية ودون افتعال.
(3)
التقى وردي بمحجوب شريف لأول مرة في مدينة مدني عام 1968م، وذلك بحكم أنه مدرس ووردي مدرس سابق، وقيل لوردي إنه يكتب الشعر، وشعر وردي من البداية أنهما يعرفان بعضهما منذ زمن طويل، وفي مطلع عهد نميري بدآ بنشيد (من حكاياتنا مايو)، ثم (فارسنا وحارسنا)، والثالث (حنقدم ونتقدم في وجه الريح ونتقدم) التي رفضت سياسياً… ومن التجارب التي يذكر أنهما أثناء سجنهما في كوبر في حوش الطوارئ وهو أحد أقسام السجن ، قال وردي: ضروري تعمل حاجة للمشاركة في الاحتفالات بثورة أكتوبر، فأمن على كلامه بقوله: (نعمل).. أضاف وردي (طيب ما تكتب لينا قصيدة!؟).
(4)
قال: (عملتها يا أخي)، وأثناء سيرهما بدأ محجوب يلقي القصيدة: (أكتوبر ديناميتنا) .. وفي غضون ساعة كانت القصيدة قد تم تلحينها وغناؤها ، ولدى حلول عيد استقلال السودان في يناير 1972م كتب محجوب شريف قصيدة وكانا ما زالا في حوش الطوارئ بسجن كوبر بعنوان (أهلاً أهلاً بالأعيا)، وتم تلحين القصيدة التي رددها المعتقلون.
(5)
ويذكر مرة في عام 1982م كان وردي مقيماً في فندق الصداقة في الخرطوم بحري كنوع من التغيير من جو المنزل عندما زاره محجوب شريف ومعه عائلته. وأثناء حديثهما قال له وردي: (يا محجوب أنا عايز نميري دا عندما ينتهي نقول للشعب السوداني حمداً لله علي السلامة).. فكانت بلا وانجلى.. حمد لله ألف علي السلامة.