الخرطوم: واشنطون: الغالي شقيفات
بعد عدة أيام حبس فيها العالم أنفاسه ترقباً لما ستسفر عنه نتائج الانتخابات الأمريكية التي يتنافس فيها المرشح الجمهوري دونالد جي ترامب الرئيس المنتهية ولايته، والمرشح الديمقراطي جوزيف ربينيت بايدين، وما أن أعلنت المحطات التلفزيونية فوز المرشح الديمقراطي جون بايدين حتى أشعل مؤيدوه الألعاب النارية وأطلقوا العنان لأبواق السيارات وخرج سكان حي دوبونت سيركل المجاور للبيت الأبيض في موكب وهم يعزفون الموسيقى مع الغناء والرقص والطبول.. كما شهدت شوارع ديلور حيث يقيم الرئيس المنتخب جو بايدين صيحات وعناق وخروج للشوارع وفرحة النساء السود في فلادلفيا بفوز أول امرأة من أصول مهاجرة نائبة للرئيس..
(الصيحة) تابعت ردود الفعل لفوز بايدين وهزيمة دونالد ترامب والإصلاحات المنتظرة في السياسات الخارجية لأمريكا ومعالجة وباء كورونا ووضع الأقليات من السود والمسلمين في أمريكا ما بعد ترامب وآراء المحللين الأمريكان من أصول مهاجرة مع وصول أول سيدة إلى منصب نائب الرئيس..
التصدي لكورونا وكوفيد C.19
أكد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدين ونائبته مولانا الدكتورة كاميلا هاريس أنهما بصدد تحريك استجابة البلاد لجائحة كوفيد – 19 في اتجاه مختلف تماماً وكان بايدين قد شكل لجنة للتصدي للوباء وقال أن أمريكا تحتاج إلى عمل قوي من أجل تطويق الوباء في ظل ارتفاع الإصابات والوفيات اليومية الناجمة عنه، وكان الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب قد انتقد الديمقراطيين لفرضهم التباعد الاجتماعي، وحذر من أن بايدن يمنع المواطنين من الاحتفال بعيد الشكر وعطلات عيد الميلاد والمناسبات الأخرى، وتعهد ترامب بتوفير لقاح للتصدي لجائحة كورونا التي أثقلت كاهل المستشفيات وحصدت الآلاف من الأرواح كما وجه انتقادات لاذعة للعاملين في الحقل الطبي وللدكتور انتوني فاوتشي كبير خبراء الأمراض المعدية في أمريكا، وترامب المتهم من قبل الرئيس بايدين بالاستسلام في معركة التصدي لكورونا التي أدت لموت 230 ألف أمريكي وإصابة نحو 3% من سكان الولايات المتحدة قال للصحفيين إنه لا يشعر بالقلق من احتمال إصابة مؤيديه بفيروس كورونا، والملاحظ أنه لا يرتدي الكمامة هو وأنصاره الجمهوريون رغم وصول الإصابات إلى البيت الأبيض.
وتشير متابعات (الصيحة) أن من أبرز الخبراء الذين تم اعتمادهم في المجلس الاستشاري لفريق بايدين هم الدكتور يرفي كيسلر المفوض السابق في إدارة الغذاء، والدكتور فيفيك مورش الجراح العام والدكتورة مارسيلا سميث، ومن ضمن الخطط المقبلة لمكافحة كورونا هي مجابهة الفحص والعلاج وتوفير التأمين الصحي ودعم المؤسسات الصحية ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة..
السياسة الخارجية
السياسة الخارجية للولايات المتحدة وفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية هي خلق عالم أكثر أمناً وديمقراطية ورخاء لصالح الشعب الأمريكي والمجتمع العالمي، إضافة إلى مواضيع أخرى تضعها لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس الأمريكي كالتصدير والانتشار النووي والإرهاب الدولي وانتشار التكنولوجيا والاتفاقيات الدولية وحماية المواطنين الأمريكان في الخارج.. وتمتاز الولايات المتحدة بقاعدة واسعة من العلاقات الدبلوماسية الدولية ولكل حزب في أمريكا سياسته الخارجية، ولكن هنالك ثوابت يتفق عليها الأمريكان، فالرئيس بايدين الذي يتحدث دائماً عن تراجع وتأثير أمريكا الخارجي نتيجة لسياسات ترامب يريد أن يستعيد زعامة أمريكا للعالم وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع الدول الكبرى..
ويعتقد بايدين أن دور أمريكا تراجع منذ أن غادر هو والرئيس الأسبق باراك أوباما السلطة، فهو وعد أنه سيعود إلى اتفاق باريس حول المناخ الذي انسحب منه ترامب الرئيس الجمهوري، ويعيد العلاقات مع منظمة الصحة العالمية، كما سيراجع القوات في أفغانستان والعلاقات مع الصين والاتفاقيات النووية مع إيران وكوريا الشمالية..
ويقول يعقوب تبن المحلل السياسي من ولاية بنسلفانيا الأمريكية إن الولايات المتحدة قوة عظمى وتدعم الاقتصاد العالمي بأكثر من 13 ترليون دولار، فلذا لها تأثيرها في السياسة الخارجية، ومعلوم أن بايدين وعد قبل فوزه باستعادة الريادة للولايات المتحدة الأمريكية والانضمام مجدداً الى اتفاق باريس حول المناخ الذي انسحب منه الرئيس ترامب، وكذلك سيعملون على إعادة بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي مع مراعاة السلام في إيرلندا الشمالية.
صعود نجم الأقليات واحترام الإسلام، أكد الرئيس المنتخب جو بايدين وقوفه ودعمه للأقليات واحترام الأديان، وقد تعهد بايدين برفع الحظر المفروض على دخول المسلمين من بعض الدول إلى الولايات المتحدة، وكان ترامب قد فرض حظراً على دخول مواطني سبع دول من بينها السودان وسوريا وإيران، وكان ترامب قد تحدث عن ترحيل المهاجرين وبناء الحائط أو الجدار العازل مع المكسيك إضافة إلى التصريحات العنصرية المفعمة بالكراهية وتحقير السود، غير أن الديمقراطيين أنصار جوزيف بايدين يعلمون أن الاعتماد على أصوات السود غير كافٍ للوصول إلى البيت الأبيض، وكان ترامب في أحد المناظرات أشاد بجماعة براود بويز (الفتيان الفخورون) في مجموعة من البيض تصنف بأنها تحرض على الكراهية ضد المسلمين واليهود والعرب والسود وذوي الأصول اللاتينية والمهاجرين، وتؤمن بالعنف والتفوق العرقي للبيض الأوربيين، وترامب لعب على عواطف البيض وأنصار إسرائيل الأشد تطرفاً، بينما بايدين اختار نائبته سيدة لضمان أصوات النساء ومهاجرة وسوداء لأنها تحظى بأصوات الأفارقة والمهاجرين وأصوات العرب الذين يدعمون بايدين لأنه سيدعم القضية الفلسطينية ويعيد تمويل وكالة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وإيقاف التطبيع..
ويقول عمر آدم عمر الناخب في ولاية نيويورك لـ(الصيحة)، أولاً فوز بايدين وجد تفاعلاً كبيراً وارتياحاً عاماً في شوارع نيويورك والشارع طبق خطة بايدين في مكافحة الكورونا ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي وهذا تحول كبير من الطريقة التي كان يتعامل بها البيت الأبيض ويقلل ترامب من خطورته، والآن بعد اختيار بايدين لامرأة سوداء نائبة له تكون الأقليات قد صعدت لأول مرة وأن أصواتها أصبحت مهمة في المعادلة الانتخابية. وندعو الأقليات للتمسك بحقوقهم والإدلاء بأصواتهم في الانتخابات والتشكيك في الانتخابات واستخدام روية التزوير هي ذاتها التي استخدمت خلال عصر الإعمار بعد الحرب الأهلية الأمريكية للتشكيك في أصوات السود آنذاك وقمعها.
ويقول الأستاذ الجامعي دكتور صديق أحمد الغالي الحاصل على دكتوراه المالية العامة وأمن الطاقة والاستثمار بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودكتوراه في المحاسبة المتقدمة وإدارة الجرائم الاقتصادية
معلوم أن سياسة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته قام بمنح دعم مالي قوي لقطاع الطاقة وبالأخص البترول الصخري والفحم الحجري حتى أصبحت الولايات المتحدة مكتفية ذاتيًا من إنتاج النفط بل وصارت تصدر النفط. إن تعهد الرئيس المنتخب جو بايدن وتبنيه سياسة الطاقة النظيفة بزيادة الاستثمار وتخفيض الدعم الحكومي لقطاع البترول الصخري تمثل تغييراً كبيرًا على النشاط الاقتصادي. أما سياسات الرئيس المنتخب بخصوص الأقليات سيعتمد على نتيجة الانتخابات المعادة لعدم اكتمال نصاب٥٠% من الأصوات لولاية جورجيا والتي يتنافس فيها الحزبان للفوز بمقعد عضوين بالكنغرس، فإذا فاز بهما الديمقراطيون سيمكنهم من السيطرة على مجلسي الكونغرس بشقيه وذلك سيمكن الديمقراطيين من السيطرة على إعادة توزيع الدوائر الجغرافية للسنوات العشر المقبلة بعد تعداد السكان ٢٠٢٠.
إن مطالب الأقليات تتمثل فى العدالة الاجتماعية وهذه تتطلب تشريعات لا يمكن تحققها إلا بالسيطرة على البيت الأبيض ومجلسي النواب والشيوخ.
تتمثل مطالب الأقليات فى ثلاثة محاور:
المحور الأول: حياة السود مهمة وهذه الشريحة تطالب بتخفيض تمويل الشرطة والعدالة الاجتماعية وهذه تمثل التحدي الأكبر للديمقراطيين.
محور اللاتينيين ويتمثل فى إصلاح نظام الهجرة والذي تعهد فيه الرئيس المنتخب بإلغاء سياسة سلفه ترمب من اليوم الأول وفتح الباب لتقنيين ملايين منهم يعيشون بالولايات بطريقة غير قانونية.
محور المسلمين: فقد تعهد الرئيس المنتخب العمل على إلغاء الحظر الذى فرضه ترمب ومحاربة الإسلاموفوبيا وحماية ومنح المسلمين الحماية اللازمة أسوة ببقية الأديان وهذه يتمثل جلياً في ترشيح عدد من المسلمين بقوائمه سواء على المستوى الفيدرالي أو الولائي.
ويضيف عمر آدم من نيويورك. من خلال متابعتنا لحملة الانتخابات الأمريكية، نلاحظ أن الرئيس المنتخب جو بايدن كان يتحدث عن سياسة خارجية مختلفة عن دونالد ترمب خاصة فى الشرق الأوسط.
فدول التحالف العربى بقيادة السعودية والإمارات ومصر بالإضافة للسودان سوف تشهد تغيرات متسارعة، خاصة وأن سياسة الديمقراطيين قد تميل إلى انتهاج سياسة متوازنة تجاه إيران فى ملف الاتفاق النووي الذى أوقفه دونالد ترامب، والحرب في اليمن وليبيا وسوريا.
أما في شأن السودان ستظل تداعيات جرائم دارفور ماثلة وضرورة تسليم المطلوبين إلى المحكمة الدولية، خاصة ما رشح من أنباء لتعيين إدارة بايدن بعض الديمقراطيين المؤثرين فى قضايا السودان، أمثال سوزان رايس وهيلارى كلينتون، وقد يكون لوزير الخارجية المكلف عمر قمر الدين ذي العلاقة الواسعة ببعض الديمقراطيين الذين كانوا ممسكين بملف السودان بالخارجية الأمريكية مثل جان برندرجاست مدير منظمة كفاية، والممثل المشهور جورج كلونى وغيرهم ممن عمل معهم، فمن التوقع أن يفتح قناة اتصال مع حكومة بايدن الجديدة.