الطاهر ساتي يكتب : (الموجة الثانية)
:: انتبهوا، لقد عاد “وباء كوفيد – 19” أشرس مما كان.. لا توجد أرقام دقيقة، ولكن كما تعكس غزارة النعي بوسائل التواصل، فإن ارتفاع معدل الوفيات، وخاصة كبار السن، بات ملحوظاً.. وبالمناسبة، ليس فقط أرقام الوفيات والإصابات الصادرة عن وزارة الصحة، بل كل الأرقام والإحصائيات الصادرة عن أجهزة الدولة الأخرى في قطاعات أخرى، مجرد (كلام ساكت)، أي غير دقيقة ولا أقرب إلى الدقة.. وهذا حال كل الدول العشوائية التي أجهزتها ومؤسساتها لا تتقن الرصد والرقابة والإحصاء..!!
:: قد تلجأ السلطات إلى وسيلة الحظر الكامل – أو الجزئي – كما فعلت في مارس والأشهر التالية، وقد تُرجئ بداية العام الدراسي المقرر لها 21 نوفمبر الجاري، ولكن لن يكون هذا الحظر سهلاً.. فالناس يتزاحمون في صُفُوف الوقود والرغيف والغاز.. وتراهُم سُكارى في الأسواق وما هم بسُكارى، ولكنهم يترنّحون من هَول الغلاء.. وما لم يجد الدعم، فإنّ مُواطناً بهذا الحال البائس لن يلتزم بالحظر أسبوعاً، ناهيك عن أسابيع..!!
:: والمؤسف، يعود الوباء والبلاد تشهد فجوة دوائية هي الأكبر خلال العقود الأخيرة.. وما بين مطرقة عدم توفر الأدوية وسندان غلاء أسعارها يتعذب المريض أو يموت، ولا نسمع للمسؤولين (حساً)، ولا نرى لهم (حراكاً)، وكأن الأمر لا يعنيهم.. وفي هذه الظروف، لا خيار غير توفير الأدوية، بحيث تكون في متناول يد الجميع، وخاصة الفقراء.. رفع الدعم عن الدواء، مع توالي ارتفاع سعر الدولار، وفي ظل هذا الوباء، مَسألة (غير أخلاقية)..!!
:: فالأدوية ليست أثاثات منزلية بحيث ترفع عنها الحكومة الدعم (نهائياً).. وقضية الساعة، يا من نلقبهم بالمسؤولين، يجب أن تكون أسعار الأدوية.. ولا فرق بين مخاطر كورونا ومخاطر غلاء الأدوية، إذ كل المخاطر تؤدي إلى الموت.. وبعد التوكّل على الله، علينا الرّهان على الوقاية.. نعم، فالرهان الأكبر لمكافحة (الموجة الثانية) في الوقاية، وليس في العلاج.. وبما أن الوقاية بيد المُواطن، يجب أن يكون يقظاً لحين تجاوُز هذه المَرحلة أيضاً..!!
:: صحيح، بفضل الله، في (الموجة الأولى)، فإنّ بلادنا كانت أفضل حالاً من دول كثيرة.. ولكن هذا لا يعني أن يتجوّل الشعب مُطمئناً في (الموجة الثانية).. فالبلاد بحاجةٍ إلى وقت لتجاوُز مَخاطر الوباء، وخلال أشهر الشتاء يجب أن يَكُون المُواطن أكثر حِرصَاً على حماية نفسه وعزلها عن مصادر الوباء.. مصادر الوباء معروفة، والازدحام إحداها، وكذلك عدم غسل اليدين بعد لمس الأسطح، والمُصافحة.. كُن نظيفاً، فالوقاية المُثلى في النظافة..!!
:: والمحزن، لم تتعلم السلطات من درس (الموجة الأولى)، بحيث تعمل على تحسين المرافق الصحية، لترصد وترعى ذوى الأمراض المزمنة، وهم الأكثر عرضة للوفاة بداء كورونا.. لتحسين الرعاية، وتسهيل المُتابعة، تحرص النظم الصحية في الدول ذات الأنظمة الراشدة، على إعداد سِجِلات مرضى الأمراض المُزمنة ثُمّ تحديثها دورياً.. ولأنّ حال النظام الصحي في بلادنا (مُنهَارٌ)، لا يُوجد سِجِلٌ رسميٌّ لمرضى الأمراض المُزمنة..!!
:: نعم، مرضى السرطان، السُّكّري، القلب والفشل الكلوي.. و.. و.. كل مرضى الأمراض المزمنة، لا تُوجد لهم سِجِلات في المراكز الصحية بحيث تتم مُتابعتهم، وخَاصّةً هُم الأكثر عُرضةً لفيروس “كورونا”.. وكثيرة هي النواقص في هذا القطاع المُتردِي.. ولكن الوقت حالياً لوقاية الشعب من هذا القاتل الغَامض “كورونا”.. على الأُسر أن تكون مسؤولة عن وقاية أفرادها حتى تعبر البلاد هذا الشتاء..!!