بستان الحلنقي
الخرطوم : اسحق الحلنقي
زيارة مصطفى محمود:
أثناء زيارة قام بها الدكتور مصطفى محمود لجنوب السودان قبل أعوام عديدة قال إنه أثناء جلوسه في فناء الاستراحة التي يقيم بها شهد سحابة مشعة من اليرقات المضيئة تتجه إليه.. وأضاف أنه انبهر بالفعل بالهجرة النورية وسط ذلك الليل كفيف العيون.. وأشار إلى أنه شهد جزر الكناري بإشراقها الأسطوري، كما أنه وجد فرصة النظر إلى الزهرة السوداء التي تتفتح مرةً في كل عام.. إلا أنه لم ير إبهاراً مثل الذي رآه في تلك الأمسية في الجنوب.. ترى ماذا لو شهد هذا الدكتور المياه المتدفقة منذ مئات السنين من قلب صخرة في التاكا.. أو نظر إلى الأسماك تكشف عن ألوانها الأبيض منها والأصفر على ضفة بحرنا الأحمر، أو تأمل سمسم القضارف يغطي مساحة بين الأرض والسماء، أعتقد أنه شهد جمالاً لم ير مثله طوال حياته.
عبد الكريم الكابلي:
لم أكن أتردد وأنا أقرأ شعري أمام كثير من عمالقة الغناء إلا أمام الفنان عبد الكريم الكابلي ترددت أمامه كثيراً، حيث كنت أعلم جيداً مدى معرفته بالفرق بين الأغنية اللؤلؤة والأغنية التي من رمال، كما كنت أعلم جيداً أنه قد يجامل بنور عينيه ولكنه لا يجامل في تحمله مسؤولية أغنية يغنيها غير جديرة بالاحترام، قد يتعرض معها تاريخه الغنائي الى شيء من الضباب، أذكر أني قرأت عليه أغنيتي (شربات الفرح) وأنا أتمنى أن تجد قبولاً لديه، وفجأة قال لي باسماً أعتقد أنني سأعمل على تقسيم أغنيتك (شربات الفرح) لتكون شراباً يوزع على كل الأحباب من السودانيين وقد فعل ذلك.
عقارب سامة:
قال أحد علماء الحشرات إن أكثر العقارب سماً هي العقرب الخضراء اللون.. وقال إن لدغتها قد تعرض الإنسان إلى رحيل مؤكد.. توقفت كثيراً عند هذه المعلومة فالخضرة هي السيدة الأولى لكل الألوان دون منازع، الخضرة هي ابتسامة الطفلة.. وهي الضوء للشمعة.. وهي الحياة لأرض صخرية الملمس.. من جانب آخر قيل إن (كيلوباترا) وهي تحتضر أوصت أن توضع على نعشٍ أخضر.. أيضاً الممثلة المعروفة (اليزابيث تايلور) ظلت طوال حياتها تضع حول جيدها شالاً من اللون الأخضر، ترى من أين أتى عالم الحشرات هذا ليقول لنا هذه المقولة التي حكمت على الخضرة من حولنا بهذا الظلم.
أحمد شوقى:
كان ابن أمير الشعراء «أحمد شوقى» الذي طبقت شهرته الآفاق لا يحفظ قصيدة واحدة من شعر والده العظيم ويروى أن هذا الابن لم يكتب في حياته إلا أغنية واحدة كلما تم بثها من خلال إذاعة القاهرة كانت تُنسب لأبيه، أما توفيق الحكيم فقد كان ابنه عازفاً للجيتار كان اهتمامه بالموسيقى أكبر بكثير من اهتمامه بما يكتبه الحكيم من مؤلفات خلدها التاريخ.
من ناحية أخرى، فإنه بالرغم من الفارق الكبير بيني وبين هؤلاء العملاقين إلا أنك لو سألت أحد أبنائي عن شاعر أغنية «بتتعلم من الأيام» فإنك لن تجد إجابة لهذا السؤال حتى ان ابني المهندس مجاهد وجدته مرة يدندن بأغنيتي «المشكلة» فقلت أسأله عن اسم شاعرها فقال لا أعلم من هو يا أبي ولكن أن الأغنية «دمها خفيف».
حسين عثمان منصور:
قام الشاعر المعروف «حسين عثمان منصور» باتهام الشاعر حسين بازرعة بأنه قام بسرقة فكرة أغنية «ليالي القمر» من شاعر لبناني وكعادته دائماً لم يرد عليه قيصر الأغنية السودانية بكلمة، بل أكد لاصدقائه أن الأيام كفيلة بالرد على من ظلمه جوراً وقد تم ذلك بالفعل حيث أكدت الأيام أن بازرعة كتب أغنية «ليالي القمر» قبل أن يكتبها الشاعر اللبناني بسنوات، وجد الشاعر حسين عثمان منصور نفسه مطالباً بالاعتذار بعد أن تبين له الحق في أنه كان ظالماً لبازرعة، إلا أن القيصر رفض أن يقبل منه اعتذاراً، ذات مساء تعرض حسين عثمان منصور إلى وعكة مرضية دخل بعدها المستشفى، إلا أنه لم يصدق عينيه وهو يرى القيصر أمامه جاء ليطمئن على صحته بعد خروجه من المستشفى أخذ يقول لكل من يقابله لم يكن شفائي من أدوية تناولتها، ولكنه كان بزيارة أكرمني بها أجمل الشعراء.