محمد البحاري يكتب : مستمعة تغضب من عبد الوهاب وردي!!
- لم يتفق الشعب السوداني على شيء مثلما اتفق على أن اغنية الحقيبة هي أغنية رصينة وهادفة مكتملة الأركان إذا سلمنا تماماً أن أركان الأغنية الرصينة هي الكلمة واللحن والأداء الذي أعتقد جازماً السبب الأول في أن تظل أغنية الحقيبة صامدة برغم التطور الكبير في الحركة الفنية.
- لكن هنالك مسلمات عندنا كشعب أن أغنية الحقيبة تعتبر مقدسة فنياً لديه، أذكر كيف تلك السيدة هاجت وماجت في مهرجان الحقيبة الأخير عندما سمعت أغنية أحرموني ولا تحرموني وهي معدلة اللحن من أنامل الموسيقار عبد الوهابـ فتركت ساحة المتحف وهي غاضبة كأنها تملك حقوق الملكية كاملة لفت نظري غيرتها الصادقة على أغنية الحقيبة حسب تقديراتها لأنها جاءت لتسمع أغنية الحقيبة باللحن المعروف.
- وبالذات آثار غضبها تعديل لحن أغنية أحرموني ولا تحرموني التي تعارف عليها كل الشعب باللحن المعروف اللحن الدائري بكل تأكيد من حقها أن تثور وتغضب لأجل حقها السماعي وما شدني فعلاً غضبها الصادق لأجل أغنية الحقيبة هي ترى من منظورها أياً كان وصفه تريد أن تظل كما هي بذات الألحان والأداء وهذا يمثل اختلاف الأنظار الذي لولاه لبارت السلع.
- وفى الجانب الآخر من زاوية النظر نجد مستمعاً يبحث عن الجديد والتجديد، فهذا تطور مجتمعي سماعي لا غبار عليه، لكن يبقى الضابط لكل هذا هو الرصانة والمحافظة على القيم من خلال الكلمة وبكل تأكيد تتوفر هذه الصفات في أغنية الحقيبة، وإذا نظرنا لأغنية الحقيبة نجدها مفعمة بالتلقائية المحببة للمستمع.
- إذا رجعنا لموضوعنا الأول وهو تغيير اللحن أو نكون أكثر اعتدالاً ونقول المعالجة اللحنية للموسيقار عبد الوهاب وردي لأغنية أحرموني ولا تحرموني هل هو تدخل في اللحن الأساسي الدائري المتعارف عليه أم أنه وضع بعض اللمسات وإلى أي مدى مسموح بحد التدخل في اللحن من ناحية فنية، فهذا متروك للتوضيح من ذوي الشأن، هذا يقودني أيضاً إلى النظر بزاوية حادة إلى وجود من يغيرون على أغنية الحقيبة حتى على التدخل اللحني أجد من يستمع إلى (هيي دي مالا )، (والنبق النبق).
- فهناك هوة شاسعة جداً يصعب التقريب بينها وبين أنامل عبد الوهاب وردي، وغضب السيدة، هناك حقيقة راسخة أن أغنية الحقيبة ظلت صامدة أمام السيل الجارف من الزبد الذي يذهب جفاء، صمدت دون أن تحتاج إلى مساحيق سجاد ولا هزة أكتاف قبل المدنية وهزة جسد وبنطال وتشيرت بعد المدنية.
- لكن تبقى الأغنية الرصينة جسداً وروحاً، تبقى وتعيش بين كل الأجيال، أما غير ذلك فيبقى فقاعة صابون تهوي بها الريح إلى مكان سحيق وتعريها عوامل التعرية وتذهب عنها المساحيق في أول اختبار حقيقي بين الفنان الذي يتعب ويجتهد ويبحث عن الكلمة واللحن، وهو طريق محفوف بكثير من الصعاب والعقبات وبين الطريق الآخر المبتذل البعيد من القيم ويتخذ الإغراء وسيلة أولى للتكسب المادي والأضواء والشهرة..