تقرير: أحمد جبريل التجاني
ما ينقضي يوم أو اثنان إلا ويطرق باب والي النيل الأبيض طارق يخطره بنشوء اعتصام في مكان ما ،أشار إسماعيل وراق في خطابه الأول للصحفيين بالولاية عقب أدائه القسم أن حكومته ستكون حكومة (إطفاء حرائق) كأنما قرأ الرجل الأمر ومآلاته مسبقاً، فما أن جلس على الكرسي حتى اعتصمت لجان مقاومة الدويم متكئة على مطالب ركيزتها وزاويتها الخدمات، فرغ الرجل من (صبة) الدويم، فنهض اعتصام كنانة أو هو ناهض قبل اعتصام الدويم، لكن مطالبه لاعلاقة للولاية بها سوى مطلب وحيد هو إعادة فتح مكتب العمل بكنانة بعد تحويله إلى ربك رغم ذلك، شكل وراق الكرت الرابح في اتفاق الحل بإقناع أطراف كانت مترددة فى التوقيع، وهو ما قاله بعض المعتصمين إن الحلول جرت على يد الوالى وليس وزير الصناعة الذي سعى لحلول طيلة أشهر لكنه كان لاعباً غير محايد، لذلك لم ينجح في نزع فتيل الأزمة إلا بمساعدة والي النيل الأبيض الذي ينتظره الآن دور آخر بتوفيق أوضاع الإدارة والنقابة وتجسير المسافة بينهما لإعادة التواصل الاجتماعي سيما بين المكتب التنفيذي ونائب العضو المنتدب.
انفض اعتصام كوستي بعد مخاطبة الوالي والتزامه بتنفيذ المطالب، ثم اعتصام الجبلين الذي أغلق فيه المعتصمون المحلية ومنعوا الموظفين من أداء أعمالهم، وكانت مخاطبة أمين عام الحكومة لهم والتزام حكومته بحل الإشكالات التي قام بسببها الاعتصام، وهي انقطاع المياه والكهرباء والغاز والوقود.
آخر اعتصام وربما لا يكون الأخير هو اعتصام جودة الذي له ظلال سياسية دولية إذ منع المعتصمون محافظ أعالي النيل الجنوب سوداني من الدخول عبر الحدود الدولية ليشهد تدشين النقل النهري بين السودان وجنوبه ووضع حجر الأساس لبعض المناطق الحرة على رأسها منطقة الجبلين، معتصمو جودة رفعوا مطالب واضحة ومحددة لكن شوش على اعتصامهم تواجد بعض قيادات النظام السابق ضمن المعتصمين، قيادى بالاعتصام لم ينف ذلك لكنه برره بأنهم مواطنون عاديون لا يحملون صفة قيادية أو سياسية، يمسهم ما يمس مواطني جودة وتواجدهم بالاعتصام طبيعي.
إسماعيل وراق والي النيل الأبيض في زيارته للاعتصام أمس الأول، أشار إلى أن فتح المعابر مع دولة جنوب السودان لن يتم إلا بعد ترسيم الحدود، وقال إن مطالب المعتصمين المتعلقة بالخدمات الأساسية من تعليم وصحة ومياه وكهرباء وطرق مشروعة، وتم التأمين عليها من خلال الاجتماع الذي عقدته لجنة أمن الولاية مع لجنة المعتصمين، معرباً عن تقديره للوقفة الاحتجاجية التي تؤكد عظمة ثورة ديسمبر في التفاني لخدمة الشعب، وقال إن أي شخص لديه مظلمة أو مبادرة أبواب الحكومة مفتوحة.
هناك مطلب يتعلق بأحداث عنبر جودة، وأحداث جودة الفخار في العام ٢٠١٥م، قال الوالي إنه وجه المستشار القانوني بفتح تحقيق فوري مع الجهات المعنية من النيابة والجهاز القضائي في هذه الأحداث مؤكداً التزام حكومته بإنشاء كبري خور البعاشيم بالمنطقة، موجهاً بإجراء الدراسات الهندسية للكبرى لأهميته في خدمة إنسان المنطقة، وأضاف أن بعض مطالب المعتصمين حلها مرتبط بالمركز من ضمنها قضية المتضررين العائدين من دولة جنوب السودان، قاطعاً بتسمية وفد رفيع المستوى للذهاب للخرطوم لمقابلة رئيس المجلس السيادي ورئيس الوزراء لطرح هذه القضايا لإيجاد الحلول الجذرية لها.
وفيما يتعلق ببرنامج انسياب المواد الغذائية بدون تصاديق أمنية قال وراق إن هذه القضية تم إرجاؤها لحين انعقاد الاجتماع المشترك بين لجنة أمن الولاية ولجنة المعتصمين لاتخاذ القرار المناسب لمصلحة إنسان المنطقة، مبيناً أن حكومته وضعت قرارات حاسمة عبر لجنة الأمن واللجان المتخصصة لمعالجة قضية المسارات الرعوية والمخارف بصورة جذرية وفق الترتيبات الفنية وذلك بنزع أي مشروع زراعي تم تصديقه في مسار رعوي، وذلك للحد من المشاكل بين المزارعين والرعاة وبشر بالفوائد التي تجنيها محلية الجبلين من المناطق الحرة في إنعاش الاقتصاد وتوفير فرص العمل وأن حكومته تعول كثيراً على المناطق المتاخمة مع دولة جنوب السودان في خلق علاقات وطيدة عبر الدبلوماسية الشعبية وإرساء قيم التعايش السلمي والتبادل الاقتصادي بين البلدين.
محمد الحسن رئيس لجنة الاعتصام، قال إنهم توصلوا خلال اجتماعهم مع لجنة أمن الولاية برئاسة الوالي لتفاهمات لمعالجة كافة المطالب المقدمة من قبل ثوار الاعتصام، مشيرًا إلى أنه تم تكوين بعض اللجان المتخصصة لمتابعة الحلول وتوفير الدراسات التفصيلية المرحلية لخدمات التعليم والصحة
والمياه وتحديد أولويات التنفيذ في أسرع وقت.
جودة يونس ممثل الثوار، أشاد بوالي النيل الأبيض وسعة صدره في التفاوض وتقبّل النقد والنقاش بشفافية مؤكداً أن المطالب العادلة التي طرحها الثوار تؤكد حسن النوايا وشرعية الحقوق التي نادت بها ثورة ديسمبر والمتمثلة في الحرية والسلام والعدالة.