نادي النيابة العامة: أكثر من (40) لجنة لم تُفلح في تقديم مُتّهم للعدالة
تشكيل لجنة جديدة لوكلاء النيابة العامين على خلفية مذكرة احتجاجية
مطالبة لمجلس السيادة بإقالة النائب العام استناداً لأحكام المادة (57)
لم تمر على الدولة السودانية والقانون السوداني سابقة كتلك التي مرت عليه بعد سقوط النظام البائد ويعيشها فيما يختص بالنيابة العامة والتي يقع على عاتقها بسط هيبة الدولة وإرساء دعائم حكم القانون وإعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب فقد قام النائب العام خلال العام الماضي بتشكيل أكثر من (40) لجنة تحقيق في قضايا مختلفة منها نزاعات قبلية وأخرى متعلقة بالفساد وتبديد المال العام لم تفلح منها لجنة واحدة التوصل لحكم نهائي يؤكد ويعزز تعافي هذا الجهاز ذو الحساسية العالية من التبعية، وعليه مر عام ونيف لم تقدم أي من اللجان الأربعين متهمين لمحاكمات واضحة وعلنية تؤكد بأن القانون هو سيد الموقف دون غيره من السلطات والوساطات وما دون ذلك، مما يعد اغتيالاً للعدالة وروح القانون.
تحقيق: النذير دفع الله
فض الاعتصام..
خلال الثالث من يونيو من العام الماضي، قتل أكثر من (61) شخصًا خلال عملية فض الاعتصام بحسب وزارة الصحة، بينما قدرت قوى التغيير (التي قادت الاحتجاجات) أن القتلى عددهم بـ128 شخصاً، وهو ما أربك المشهد السياسي وما زال وإحدث مساحة تباعد بين المكونين العسكري والمدني، مما دعا السيد رئيس مجلس الوزراء لتكوين لجنة للتحقيق في الأمر، حيث أصدر قرارًا خلال سبتمبر الماضي بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في فض الاعتصام بموجب نصوص الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية للعام 2019.
بحسب القرار تكمل اللجنة أعمالها خلال 3 أشهر، ويحق لها التمديد لمدة مماثلة إذا اقتضت الضرورة، فقد انتهت مهلة الثلاثة أشهر الأولى وتلتها ثلاثة ثانية وثالثة وأربعة قادمة، فيما أوضح رئيس اللجنة المحامي نبيل أديب خلال تصريحات صحافية سابقة أن اللجنة كانت تواجه عدة مصاعب وما زالت، خاصة فيما يتعلق بالدعم الفني لفحص المقاطع والفيديوهات، ولكن خلال أغسطس الماضي كشف أديب أن اللجنة تسلمت عدداً من الفيديوهات من عدة شهود، وسيخضع مصورو الفيديوهات لاستجواب على اليمين بأنهم من قاموا بتصويرها أثناء فض الاعتصام، بينما لم تكشف اللجنة أسماء الذين تم استجوابهم من المجلس العسكري، سيما وأن اللجنة التزمت بعدم كشف أسماء أعضاء المجلس العسكري والشهود لجهة حمايتهم وعدم التأثير على مجريات التحقيق.
وأشارت اللجنة في تقريرها المرحلي إلى مصاعب تواجه التحقيقات بسبب جائحة كورونا، ولكن ما زال الرأي العام وأسر الضحايا في انتظار ما ستسفر عنه لجنة التحقيق ولمن توجه اتهاماتها ومتى يكون ذلك.
لجنة عسكرية
المجلس العسكري عقب السقوط مباشرة، أعلن تشكيل لجنته الخاصة للتحقيق في أحداث فض الاعتصام، مؤكداً أن خطة المجلس كانت تتمثل في تطهير منطقة كولومبيا باعتبارها بؤرة إجرامية، وأكد المجلس أن المسؤولين عن فض الاعتصام قد تم تحديدهم، متعهدًا بمحاسبتهم، ولكن لم تظهر أي محاسبات تمت بعد مرور أكثر من عام.
لجنة بورتسودان
شهدت مدينة بورتسودان مطلع العام الجاري، صراعاً قبلياً دموياً بين قبيلتَي النوبة والبني عامر، بلغت حصيلته 25 قتيلاً، و87 جريحاً من الجانبين، وكانت الاشتباكات القبلية قد اندلعت في مدينة بورتسودان، بعد أن فشلت القوى الأمنية في احتوائه مما دفع رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، إلى إرسال تعزيزات عسكرية إلى المدينة، وأقرّ حمدوك حظر التجوال الذي فرضه الوالي وأدى لأن يتم تشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث، وأدت اللجنة القَسَم أمام رئيس النيابة العامة ببورتسودان محمد عبد العظيم محمد صالح منذ نوفمبر، وكذلك أكدت اللجان أيضاً التّحقيق في أحداث زيارة رئيس الجبهة الشعبية المتحدة الأمين داؤود. وأعلن رئيس النيابة العامة ببورتسودان، رئيس لجنتي التحقيق في أحداث زيارة الأمين داؤود والخطوط البحرية والموانئ، أن اللجان ستبدأ مهامها مُباشرة وفق ما هو مطلوب وفي الوقت الذي حدّده قرار النائب العام، ودعا كل الذين تضرروا من أحداث زيارة الأمين داؤود لتقديم إفاداتهم وما زالت اللجان حتى اللحظة لم تصل إلى أي محاكمات واضحة.
لجنة المخابرات
وعلى خلفية تمرد عناصر من جهاز المخابرات العامة خلال يناير الماضي والتي كان سببها رفضهم خطة إعادة هيكلة الجهاز والتي أدت لسقوط خمسة قتلى بينهم جنديان، وأدت لارتباك وهلع وسط المواطنين الساكنيين حول المنطقة خلال تصدي الجيش لحركة التمرد أعلن مجلس السيادة الانتقالي تكوين لجنة تحقيق ومنحت صلاحيات واسعة. كونت اللجنة بموجب مرسوم سيادي لتقصي الحقائق في الأحداث.
أوكلت للجنة مهام إلقاء القبض وتفتيش أي شخص يشتبه بمشاركته في الأحداث المعنية. واستدعاء أي شخص للمثول أمامها وحصر الخسائر البشرية والمادية، لتحديد المسؤولين عن الأحداث، وأن ترفع اللجنة تقريرها النهائي بذلك من تحقيقاتها.
وتعهد رئيس مجلس السيادة، بالتحقيق في الأحداث ومحاسبة أفراد هيئة العمليات المتورطين في استخدام السلاح، وكل من يثبت تورطه بجهاز المخابرات. وحمل نائب رئيس المجلس، محمد حمدان دلقو، قيادة إدارة المخابرات العامة مسؤولية التقصير في تمرد قواتها. وإلى اليوم لم تتحدث اللجنة عن أي محاكمات تمت في هذه القضية التي تمس هيبة وسيادة الدولة، وظلت كغيرها من لجان التحقيق تنتهي بانتهاء الحادثة.
لجنة هيثرو والنهري
شكّل النائب العام تاج السر الحبر (23) لجنة تحقيق جديدة في عدد من القضايا، ومن أبرز اللجان، لجنة تحقيق في معاملات شركة عارف الكويتية فيما يتعلق بـخط هيثرو والنقل النهري، وتختص اللجنة التي يرأسها وكيل أعلى نيابة بالتحري والتحقيق في كافة المعاملات التي أجرتها شركة عارف الكويتية وشركات أخرى فيما يتعلق بـخط هيثرو والنقل النهري أو أي معاملات أخرى تتعلق بذلك. وكانت لجان التحقيقات التي شكلها الرئيس المخلوع عمر البشير قد فشلت في الوصول إلى المتورطين في بيع الخط الجوي “خط هيثرو”، وكان وزير النقل والطرق والجسور الأسبق أحمد بابكر نهار قال إن بيع خط هيثرو تم بمبلغ أربعين مليون جنيه إسترليني. وكشف تقرير لجنة التحقيق التي تم تكوينها أنّ رئيس مجلس إدارة شركة الخطوط الجوية السودانية سابقاً هو من اتخذ قرار بيع الخط دون علم أعضاء مجلس الإدارة، لكن لم تتخذ أي إجراءات قانونية ضده، ولكن تبقى المشكلة الكبيرة في قضية خط هيثرو أن مسؤولين رفضوا التعاون في القضية حينما قررت الحكومة استعادة الخط من الشركة البريطانية وحتى بعد أن وجه رئيس الجمهورية بإعادة خط هيثرو حصل تماطل من إدارة سودانير، وتم إخفاء المستندات الخاصة بخط هيثرو، وما زالت قضية خط هيثرو حتى اليوم معلقة دون جدوى من لجنة التحقيق التي تم تشكيلها.
لجنة منزل كشة
أصدر والي الخرطوم السابق دكتور يوسف آدم الضي خلال يونيو الماضي بياناً على خلفية الأحداث التي شهدتها ولاية الخرطوم بقيام مجموعة من عناصر النظام البائد بالاعتداء على أسرة الشهيد كشة بمنزلهم وسط الخرطوم. وجزم الوالي أن هذا الحادث لن يمر بدون عقاب، ووجه الوالي المكلف وقتها بصفته رئيس لجنة أمن الولاية بالتحقيق الفوري في هذا الحادث ومعاقبة مرتكبيه وفقًا للقانون وتكوين لجنة للتحقيق في الواقعة.
لجنة (30) يونيو
في الوقت الذي كان فيه الثوار أمام مجلس الوزراء لتسليم مذكرة لرئيس الوزراء كان والي الخرطوم والنائب العام وقيادات من الشرطة يتابعون المسارات في كاميرات المراقبة،وبعد تأكيدهم على أن السلطات لن تواجه حراك الشعب بالقمع، إلا أن ذلك لم يثنِ بعض منتسبي الأجهزة الأمنية تلك من استخدام القوة التي راح ضحيتها أحد الثوار وإطلاق الغاز المسيل للدموع بكثافة شديدة، وطالب الثوار لاحقاً بإقالة وزير الداخلية ومدير عام الشرطة وضرورة تحديد من أطلق الرصاص وتقديمه للمحاكمة العاجلة. وسرعان ما أعلن رئيس الوزراء حمدوك في اليوم التالي عن تشكيل لجنة للتحقيق في القمع الذي واجهت به الشرطة السودانية المتظاهرين خلال مليونية رد الجميل والمطالبة بهيكلة القوات المسلحة وتضامناً مع الضباط المفصولين من الجيش الذين انحازوا للثورة، فيما أبدى عدد من المتهمين استياءهم من تلك اللجنة مؤكدين بأنها لن تأتي بجديد كغيرها من اللجان.
لجنة التفكيك
لجنة تفكيك نظام الإنقاذ ومهمتها تتلخص في إنهاء تمكين الإسلاميين، ومحاربة الفساد، واسترداد الأموال، وبدورها كونت لجاناً فرعية عددها 48 لجنة فرعية، وقال خبير قانوني ــ فضل حجب اسمه ــ إنه الوضع الطبيعي ألا تخرج هذه اللجان بنتائج، فالهدف ليس نتيجة ومعرفة الآثار المترتبة أو تحقيق لظلم، وإنما الهدف ليس العدالة ولا تمثيل آثاره ظاهرة للمواطنين، وأن هذه اللجان هي محاولة لتحقيق الأهداف، منها ذر الرماد على العيون، الاعتداء على قضية العدالة واختصاصات آخرين، قتل للمواضيع، وتجاوز للأحداث.
اللجنة الاقتصادية
وخلال أبريل الماضي، تم تكوين لجنة الطوارئ الاقتصادية العليا برئاسة الفريق أول محمد حمدان حميدتي ودكتور عبد الله حمدوك نائباً وعضوية آخرين، وأكد رئيس اللجنة حميدتي أن هدف اللجنة رفع الضائقة والمعاناة المعيشية الراهنة، وأوضح رئيس الوزراء حمدوك أن اللجنة تأتي تجسيداً لوحدة الإرادة والمصير لمواجهة تحديات المرحلة، موكداً على أهمية وجود قوانين رادعة معولاً على دور الشرطة الرقابي. حيث تم التوافق على تشكيل لجان متفرقة كفرق عمل لمجابهة التحديات الماثلة منها لجنة صادرات الذهب والمحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية ولجنة السلع الاستراتيجية وتخفيف أعباء المعيشة، لجنة استقطاب الدعم الخارجي والداخلي وصندوق الإعمار، لجنة التشريع والقانون، لجنة النقل والترحيل والموانئ، لجنة إعادة هيكلة المصارف والاتصالات والشركات العامة والنظامية، لجنة ولاية المالية على المال العام والايرادات، لجنة التهريب وتجارة العملة، فيما لا زالت المعضلة الاقتصادية باقية كما هي مع وجود هذه اللجان.
لجنة كسلا
بدأت منذ منتصف اكتوبر الجاري عمليات التحقيق في أحداث كسلا وفرض حالة الطوارئ في أعقاب سقوط 8 قتلى جراء احتجاجات غاضبة على إقالة الوالي. وقال وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة، فيصل محمد صالح، في تصريح صحفي إن النيابة بدأت التحقيق في أحداث كسلا، وكان النائب العام في كسلا أمر بتشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث، ولكنها لم تفلح حتى اللحظة في الوصول الى نتائج مُرضية تتعلق بالقبض على الجناة ومحاكمتهم حسب مصادر مقربة.
لجنة فتابرنو
أدت أيضاً الأحداث التي نشبت في ولاية شمال دارفور في فتابرنو إلى مقتل وحرج العشرات، الأمر الذي دعا والي شمال دارفور المكلف سابقاً اللواء الركن مالك الطيب خوجلي وتعهده بإلقاء القبض ومحاكمة المتورطين في أحداث العنف الدموي بوحدة فتابرنو الإدارية بمحلية كتم والتي أدت لمقتل وجرح عدد من النازحين. وأكد الوالي تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الحادثة من مختصين في الشأن القانوني وأهل المنطقة لإجراء تحقيق شفاف حول الحادثة ولتحديد الجناة والخسائر توطئةً لإيجاد معالجات قانونية حاسمة تعيد للمنطقة الأمن والاستقرار. وطالب خوجلي بدعم أعمال لجنة التحقيق وتوفير المعلومات التي تمكنها من إنهاء أعمالها في أقرب وقت والتعاون معها، وألا يكون هنالك بلاغ ضد مجهول حتى يتسنى القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة، وأيضًا لم تظهر أي محاكمات حتى اللحظة حسب اللجنة.
لجنة الجنينة
خلال فبراير من العام الجاري، وبعد الأحداث التي شهدتها مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، تم تشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث برئاسة النائب العام والتي بتوجيه من نائب رئيس مجلس السيادة حميدتي، وقيدت النيابة العامة 37 دعوى جنائية ضد 69 متهماً، بالتورط في أعمال العنف، وتوصلت لجنة شُكلت للتحقيق إلى ضلوع نافذين في الحكومة ونظاميين في الأحداث التي أودت بحياة 54 شخصاً وإصابة 60 آخرين .وتسلم النائب العام تقرير لجنة التحقيق في أحداث الجنينة ومعسكر كريندق من أعضاء اللجنة المكلفة بالتحقيق مجدداً في الأحداث الدامية. وأضاف التقرير طبقاً لتصريح صادر عن النيابة بصدور أوامر قبض في مواجهة 69 متهمًا أوقف 32 منهم ولا يزال البحث جارياً عن البقية. وقال البيان إن اللجنة رفعت عدداً من التوصيات التي من شأنها أن تؤدي إلى بسط سيادة حكم القانون في ولاية غرب دارفور. وأكدت اللجنة أن هناك متهمين لم يتم القبض عليهم منهم نافذون بل تم القبض على أشخاص بسطاء لا علاقة لهم بالأحداث .
نادي النيابة العامة
وأوضح نادي أعضاء النيابة العامة، أن النيابة العامة هي واحدة من أهم مؤسسات الدولة والتي تقع على عاتقها واجبات متعاظمة خاصة بمرحلة ما قبل المحاكمة والمتعلقة بالتحري والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم المال العام والفساد والنزاعات القبلية المستجدة التي عمت بعض ولايات السودان، فضلاً عن توليها الادعاء العام أمام المحاكم، وأشار نادي النيابة ضمن بيان له، إلى أن منصب النائب العام يمثل هرم الدولة في الشأن الجنائي، ويقع على عاتقه بسط هيبة الدولة وإرساء دعائم حكم القانون وإعمال مبدا عدم الإفلات من العقاب.
وأكد البيان أن النائب العام قام بتشكيل أكثر من (40) لجنة تحقيق وتشتيت أذهان أعضائها بأعمال تلك اللجان ولم تستطع لجنة واحدة منها أن تقدم متهماً أو مبدداً للمال العام أو متجاوزا للسلطة إلى ساحات القضاء، فالغاية من هذه اللجان استجلاء الحقيقة وجمع الأدلة وملاحقة المتهمين وإحالتهم للقضاء، إلا أن ذلك لم يتحقق بعد مرور أكثر من عام على تكوين هذه اللجان، وشدد البيان على أنه بسبب تدخلات النائب العام في أعمال هذه اللجان وتقييدها بالمادة (47) من قانون الإجراءات الجنائية حتى لا تتمكن هذه اللجان من القيام بعملها كما هو مطلوب، بل هناك لجان تلكأت وغاب أعضاؤها تاركين العمل لفرد أو فردين فأصابهم الملل والعجز واستسهال المهمة .
لجنة وكلاء النيابة
وكشف مصدر قانوني لـ (الصيحة)، أن النائب العام عندما لم يجد طريقة أو سبيلاً للرد على انتقادات وكلاء النيابة العامين ورفضهم لعمل تلك اللجان وتدخله في صلاحياتها، قام بتكوين لجنة تحقيق لوكلاء النيابة العامين، وهي آخر لجنة تم تكوينها لتضاف للجان السابقة، وهو أمر ربما يؤدي لتشكيك البعض في مؤسسة من شأنها واختصاصاتها تحقيق العدالة.