:: بالقانون، انتصرت مدارس خاصة على وزارة التربية والتعليم بالخرطوم، وكسبت القضية.. إذ يقول الخبر، بعد قبول الطعن المقدم منها ضد وزارة التربية والتعليم بالخرطوم، أصدرت محكمة الاستئناف حُكماً قضائياً بإعادة فتح (4) مدارس خاصة أمام الطلاب، وكانت الوزارة قد أغلقتها وألغت تصاديقها، لمحض خلاف بين هذه المدارس وبعض أولياء الأمور حول الرسوم.. وكنت قد كتبت عن إغلاق هذه المدارس، وقد وصفت قرار الإغلاق بالحل الساذج.. وها هي المحكمة تؤكد بأن قرار الإغلاق لم يكن عادلاً أيضاً..!!
:: وبغض النظر عن موقف طرفي القضية (المدارس والوزارة)، فالمحاكم ليست هي المكان المناسب لمثل هذه القضايا، ولكن جبروت الوزارة أجبر المدارس على طرق أبواب المحاكم.. لو تحلّت الوزارة بالحكمة والمسؤولية، لنجحت في احتواء الأزمة وإيجاد حل يرضي المدارس وأولياء الأمور، ولكن يبدو أن عبقرية الوزارة لا تملك من الحلول غير إغلاق المدارس وإلغاء تصاديقها وتشريد طلابها.. نعم، فالاحتكام للمحاكم سلوك حضاري، ولكن قد يخلق (آثاراً سالبة)، تتأثر بها العلاقة بين المدارس والوزارة..!!
:: وكما ذكرت في زاوية سابقة، فالسِّجال حول رسوم المدارس الخاصّة ليس بدعة، بل سنوياً يشتعل هذا السِّجال بين وزارة التعليم وأولياء الأمور والمدارس الخاصّة.. وسنوياً كان يتم الوصول إلى حُلُول تُرضي كل الأطراف، بما فيها أولياء الأمور، فلماذا يكون إغلاق المدارس هو حل هذا العام؟ ولماذا الصراع لحد دخول قاعات المحاكم.. هل عقمت عبقرية السادة بوزارة التعليم من الحلول، بحيث لا تملك حلاً غير إغلاق المدارس وتشريد طلابها؟ ثم فتحها بأمر المحاكم..؟!
:: فالحلول كثيرة، وعلى سبيل المثال، كان يمكن تشكيل لجنة مُشتركة من مُمثلين لإدارة المدرسة ومجلس الآباء، وتفويضها بمُناقشة قضية الرسوم.. ثم وضع لوائح لتنظيم عمل هذه اللجنة المشتركة، بحيث يصبح ما يتم الاتفاق عليها – كقيمة رسوم – مُلزمة لإدارة المدرسة وكل أولياء الأمور.. فما يحدث حالياً، حتى لو وَافَقَ كل أولياء الأمور على قيمة رسوم، فإنّ ولي أمر تلميذ واحد قد يرفض هذه القيمة ثُمّ يُقدِّم شكوى لإدارة التعليم الخاص، ليتم إغلاق المدرسة، وهذا ما حدث..!!
:: نعم، قد يتسبّب والد تلميذ في إغلاق مدرسة، رغم أنف المئات من الآباء وأبنائهم.. وعليه، بما أنّ وزارة التعليم عَاجزة عن وضع قوانين ولوائح تحفظ لطرفي قضية الرسوم – المدرسة وولي الأمر – حقوقهما بالعدل، وكذلك عَاجزة عن إيجاد حلول كُلية وشاملة لأزمة زيادة الرسوم، فبدلاً من الاحتكام بأحكام قراقوش، فعليها الخروج من هذه القضية وترفع يدها عنها، بحيث تكون قضية الرسوم خَاصّة ما بين المدارس وأولياء الأمور..!!
:: ثم السؤال المُهم، هل للحكومة سُلطة تحديد رسوم المدارس الخاصّة؟.. بالمنطق (لا).. فالمدارس الخاصّة ما هي إلا بعض نشاط القطاع الخاص، والرقابة الحكومية عليها يجب ألا تتجاوز (المناهج).. فالحكومة لا تُموِّل المدارس الخاصة، ولا تدعمها – كالرغيف والأدوية – لتُراقب رسومها، بل هي مدارس يقصدها – طوعاً واختياراً – مَن استطاع إليها سبيلاً، أي القادرين على دفع رسومها.. عفواً، ربما مجّانية التعليم التي وعدت بها حكومة الثورة، شعبها هي إجبار المدارس الخاصة على قبول أبناء الأثرياء (مجاناً)..!!