رئيس اتحاد أصحاب العمل المهندس هاشم مطر في حوار الراهن
هنالك حملة لتشويه صورة رجال الأعمال .
أسهمنا في تأجيل قانون الضرائب.. لكن الرسوم المتعددة (غلبتنا)
يجب تفعيل قانون المسح الصناعي للمناطق الصناعية
أهم أهدافنا إعادة الثقة بين اتحاد أصحاب العمل وجمعيته العمومية
مشروع “من التاجر إلى المستهلك” سيتواصل ليخفف غلاء الأسعار على المواطن
القطاع الخاص يحتاج إلى سياسات
حوار: طارق شريف
في يناير من العام 2017 حاورت المهندس هاشم مطر لمجلة (حواس) عن عمله كقنصل فخري لجمهورية سيشل ضمن سلسلة حوارات مع القناصل الفخريين، وبعد مضي ثلاث سنوات الآن أجري حواراً جديداً معه ، أحداث كبيرة مرت في المشهد السوداني ما بين الحوارين.. ثورة عظيمة مهرت بدماء الشهداء والأبطال، تغييرات اقتصادية واجتماعية وسقوط نظام وحكومة انتقالية جديدة.
المهندس هاشم مطر أصبح جزءاً من تاريخ الثورة وتاريخ السودان، قدم ابنه شهيداً في سبيل الوطن “محمد هاشم” الذي استشهد في ميدان الإعتصام وأصبح أيقونة للنضال والثورة.. المهندس هاشم مطر يقود الآن واحداً من أكبر وأهم الاتحادات في السودان، هو اتحاد عام أصحاب العمل السوداني، جيل جديد يقود التغيير في اتحاد أصحاب العمل بعد جيل الآباء المؤسسين، فتح الرحمن البشير وعز الدين السيد، جيل يجدد أوردة الأعمال ويحمل روح الثورة والأمل الأخضر في تقدم الوطن ونهضته.
المهندس هاشم مطر يفتح قلبه لـ(حواس) في حوار يتطرق إلى المشكلات ويناقش الحلول ويستصحب المستقبل.. أهلاً بالمهندس والد الشهيد، صاحب المهارات على صفحات مجلة (حواس) في حوار عميق.
_ هاشم مطر في سطور؟
هاشم صلاح حسن مطر.. بكالوريوس الهندسة- كلية الهندسة جامعة الخرطوم 1992.. ماجستير إدارة الأعمال– كلية إدارة الأعمال جامعة شيفليد هالام، المملكة المتحدة 1995.. نال زمالة الجمعية الملكية لتشجيع الفنون والصناعة والتجارة، لندن 1995.. الرئيس التنفيذي والمساهم الرئيس في مجموعة دار العمارة التي تمتلك شركة دار العمارة للهندسة والإنشاءات، وهي شركة رائدة في مجال البناء والتطوير العقاري في السودان ومجموعة من الأعمال والشركات الأخرى.
رئيس اتحاد أصحاب العمل السوداني.. رئيس مجلس أمناء منظمة أسر شهداء ثورة ديسمبر المجيدة.. رئيس اللجنة العليا للمنصة السودانية لمكافحة “كورونا”.. أمين عام الاتحاد السوداني للقناصل الفخريين.. عضو مجلس إدارة جامعة الأحفاد للبنات.. عضو فى دورات سابقة بمجلس إدارة نادي المريخ.
_ هل قبلت رئاسة اتحاد أصحاب العمل مباشرة أم فكرت كثيراً قبل الموافقة؟
فكرت كثيراً جداً، وعظم المسؤولية جعلني أتعامل مع هذا القرار باهتمام شديد، وبالحسابات العادية كان يمكن أن أعتذر عن قبول المنصب.. لكن التحدي العام جعلني أوافق أن أكون جزءاً من المسؤولية وأعمل مع الزملاء على إنجاح العمل، خاصة أننا أتينا بعد ثورة عظيمة.
وما شجعني على القبول أنني استشرت العديد من الأصدقاء ووجدت الوعود الصادقة بأنني سأجد التعاون منهم.. وحقيقة نحن الآن في اتحاد أصحاب العمل نعمل كفريق متجانس، وأسهم ذلك في تنظيم العمل.
_ ما هي أهم أهدافكم في اتحاد أصحاب العمل؟
من أهم أهدافنا إعادة الثقة بين اتحاد أصحاب العمل وتنظيماته المهنية والنقابية، لأن النظرة لاتحاد أصحاب العمل فيها عدم ثقة، وينظر لها في كثير من الأحيان على أنها أجسام فوقية لا تراعي مشكلاتهم ولا تعبر عنهم ولاتخدمهم فى شئ
_ هل تعتقد أن النظرة كانت صحيحة؟
نعم، كانت نظرة صحيحة، فاتحادات أصحاب العمل كان عطاؤها ضعيفاً تجاه حقوق العضوية، وأسهم في ذلك النظام البائد الذي ينظر لهذه الأجسام أو الاتحادات كواحدة من الأذرع التنفيذية لتنفيذ سياساته وإدارة تركيبة الحكم، بالإضافة إلى أن رؤيتهم كانت قاصرة ولا تلبي طموحات العضوية.
لذلك، هذا من الأهداف الرئيسة التي بدأنا بها العمل، إلى جانب الواجب الرئيس، وهو التحضير لجمعية عمومية وقيام انتخابات حرة ونزيهة تعبر عن مختلف القطاعات. والخطوة المهمة في هذا الجانب هي حصر العضوية وتنويرها بضرورة الوحدة وأن يكون هنالك من يمثلها ويدافع عن حقوقها، وأن تكون جزءاً أساسياً في البرامج الاقتصادية والتنموية التي تهدف إلى نهضة البلد وتقدمها.
_ وما هي الآليات التي تقومون من خلالها بالتواصل مع العضوية ولتوضيح خططكم وأهدافكم في الاتحاد؟
يتبادر إلى الذهن عدد من ورش العمل والندوات التي نظمناها، ومن خلالها نهدف إلى التواصل مع العضوية وتقديم رأي علمي والخروج بتوصيات للقضايا التي تدور في الساحة الاقتصادية، ومناقشة الأمور التي تصب في صالح أعضاء الاتحاد والعمل على تذليل المشاكل والخروج برؤية شاملة للحلول.. مثلاً في مشكلة الموانئ كان لنا إسهام كبير جداً من خلال ورشة العمل الخاصة بهذا الموضوع، وتقدمنا بتوصيات الورشة إلى رئيس الوزراء شخصيا .
أيضاً من الأمثلة الأخرى، نظمنا ورشة عمل كبيرة لمناقشة قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لإيماننا أن مثل هذه الشراكة يمكن أن تكون فيها حلول لمشاكل كثيرة، وكانت ورشة متفردة أسهمت في إجراء تعديلات مهمة في قانون الشراكة.
_ ماذا يحتاج القطاع الخاص حتى يحقق التطور المنشود؟
لا يحتاج إلا لسياسات.. المشاكل التي تواجه القطاع الخاص تحتاج إلى التعامل معها بمرونة وذكاء.. كنا نواجه القرارات الفوقية، وأيضاً كانت القوانين تكبل القطاع الخاص.. الآن الهاجس هو السياسات.. لا ننكر أننا وجدنا تعاوناً من الحكومة، لكن أعتقد أن دورنا أكبر وطموحنا كبير فى انجاز التحديات الماثلة أمامنا.
_ القطاع الصناعي يعاني من كثير من المشاكل.. ماذا يحتاج هذا القطاع من وجهة نظرك؟
لا بد من تفعيل قانون المسح الصناعي للمناطق الصناعية القديمة وتوفير الخدمات المطلوبة للمناطق الصناعية الجديدة (مياه، كهرباء، صرف صحي وشوارع مسفلتة) بمفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص . وإذا تكلمنا عن القيمة المضافة بتصدير منتجات مصنعة فإن القيمة المضافة تحتاج إلى البنية التحتية، إضافة إلى السياسات التي تدعم الصادرات الصناعية.
وحقيقة الصناعة تحتاج إلى وقفة جادة للنهوض، وإذا وجدت الاهتمام الكافي يمكن أن تكون رقماً لا يستهان به ضمن الإيرادات الحكومية سواء بالتصدير أو بتوفير فاتورة الاستيراد.
_ صورة رجل الأعمال بين الأمس واليوم؟
الأعباء الملقاة على أي رجل أعمال أو صاحب عمل بالتأكيد كبيرة، ورجال الأعمال إسهاماتهم ظلت منذ فترة بعيدة، دعنا نقول مائة عام، إسهامات كبيرة، فهم الذين بنوا المساجد وشيدوا المستشفيات والمدارس ، وهم الذين حفروا آبار المياه في ( الصعيد والسافل) .
كانت صورة رجال الأعمال ترتبط في الأذهان بهذه الأعمال الإنسانية الرفيعة، وكانت صورة رائعة.. لكن الصورة في السنوات الأخيرة بدأت تتغير.. صحيح أن الفساد أصاب كل مرافق الحياة، وصحيح أن البعض ونتيجة للجشع والطمع غرقوا في الفساد، لكن ما أريد أن أؤكد وأؤمن عليه أن صورة رجل الأعمال فى عموميتها يجب أن تكون هي الصورة المشرفة، ورجل الأعمال تلقى على عاتقه أعباء حقيقية، وهو الرجل الوطني، الصبور، المساهم والمبادر، ودائماً “يسد الفرقة”، ودائماً عطاؤه لمجتمعه ووطنه كبيراً وواضحاً.
أقول ذلك وأعلم أن هنالك حملة لتشويه صورة رجال الأعمال بالشكل القبيح.
_ ما هو أكثر ما يعجبك في رجل الأعمال؟
أن يكون مبادراً ووطنياً، وأن يكون همه البلد.
_ وما أكثر ما يزعجك فيه؟
محدودية التفكير والتقليدية السالبة .
_ ما هي إسهاماتكم فيما يتعلق بوباء “كورونا” الذي أثر على قطاع الأعمال؟
من خلال المنصة السودانية لمكافحة “كورونا” ساهمت اتحادات أصحاب العمل في توفير الدعم لمحاربة هذا الوباء الفتاك الذي حصد الأرواح وعطل مصالح الناس، وكانت المنصة السودانية لمكافحة “كورونا” التي تشرفت برئاستها هي الذراع الشعبية للجنة الطوارئ الصحية، ونجحنا في توفير مبلغ ترليون جنيه، وقمنا بأداء دوراً حقيقياً، وعملنا حتى في تنسيق مبادرات السودانيين بالخارج، بالإضافة إلى دعم قطاعات الأعمال والجهود الشعبية.
_ وما هي جهودكم فيما يتعلق بقطاع الأعمال والصناعات الذي أثر كورونا عليه كثيراً؟
لدينا جهد كبير في هذا الجانب، ونتيجة لجهودنا صدر منشور من البنك المركزي بتأجيل عائدات الصادر.. وفي موضوع التزامات المصانع للبنوك تدخلنا بشكل جاد وبطريقة تضمن أموال البنوك وتراعي ظروف بعض أصحاب المصانع، وقد أدرنا في هذا الجانب حواراً مع بنك السودان، لكن بصراحة (القصة صعبة ) وأصبح البعض يطالب بتأجيلات فوق طاقة البنوك، لكننا في النهاية وصلنا إلى حل وسط وهو ترك المسألة لتقديرات البنوك بالجلوس مع صاحب التمويل . والوصول إلى حلول مرضية.
_ ماذا عن الضرائب والرسوم المحلية المتعددة التي أصبحت ترهق أصحاب الأعمال؟
في الضرائب نجحنا في تجميد العمل بالقانون الجديد حتى 2022، وهو قانون يرهق أصحاب الأعمال، لكن الرسوم المتعددة (غلبتنا).
_ انفجار الأسعار أصبح يشكل هاجساً للمواطن البسيط.. ماذا يفعل اتحاد أصحاب العمل في هذا الجانب؟
بادرنا في عدد من المرات بالتعاون مع وزارة الصناعة في مشروع “من التاجر إلى المستهلك” ووفرنا (190) نقطة بيع بأسعار معقولة.. وإن شاء الله سنواصل هذا المشروع المهم لأن واحداً من أهم واجباتنا أن نساهم في تخفيف الأعباء عن كاهل المواطن.
_ مع المشكلات الاقتصادية الكبيرة التي أصبحت تحيط بالمشهد السوداني.. ألا يتسرب إليك الإحباط؟
في كثير من الأحيان أشعر بالإحباط، لكن أرجع وأتفاءل أن ربنا سبحانه وتعالى سيجعل لنا الخير في آخر الطريق.. ولو تجرد الناس وعملوا بصدق بعيدا عن الأنانية والأهواء الشخصية والخلافات وأعطوا الوطن ما يستحق سنحقق كثيراً من الإنجازات إن شاء الله.