السلطان كيجاب يكتب : العولمة ومدى تأثيرها الاقتصادي والثقافي على العالم
منذ زمن بعيد، ظللنا نسمع ونقرأ عن العولمة كنظام جديد يهدف إلى بزوغ فجر جديد خلافًا ما كان سائداً في الماضي في قلب موازين الحياة البشرية. والعولمة تردد صداها في كل أجهزة الإعلام كقرع الطبل ليؤدي أن العالم على أعتاب عصر حراك سريع غير مسبوق من حيث النتائج ونحو ثقتهم في الإنسان الجديد لهذه المنظومة التي تمثل اتجاهاً طاغياً من شأنها أن تمثل جوهرياً في جميع الاتجاهات في العالم وأن البشرية موعودة بميلاد نجم جديد جاوز حدود الخيال وأصبحت العولمة الأمل والمعين لا خيار عنه بحكم الأمر الواقع.
وبدأت العولمة بشيراً لأصحاب السيادة العلمية والتكنولوجيا، وبشيراً أيضا لجمعيات دولية قبلت التحدي والسير في ركب العولمة والامتثال للنجم الذي يتستر به علماء العصر الحديث، وارتبطت العولمة بأنها صناعة أمريكية يجمع العلماء والخبراء على أن النظام العالمي الجديد يعيش تجولاً جذرياً، وأن العالم منذ نشوء التحالف الغربي عام 1949م لم يشهد حالة سيولة مرنة في فهم القضايا العالمية وإيجاد الحلول المناسبة لها وجدت محاولات وسيديهات مختلفة تتنبأ بالمستقبل المشرق، تؤكد جميعها أن أمريكا ستواجه تحديات دولية كبيرة تختلف عما تواجهه الآن مثل وباء الكورونا الذي هز الاقتصاد الأمريكي وتوقفت الحياة. ويؤكد خبراء الاقتصاد أن غالبية البلدان ستستفيد من الاقتصاد العالمي الجديد، لكن بشرط أن تملك مكانة في عالم التكنولوجيا إبداعاً وتطويراً لتأييد تبعات العصر الحديث إلى جانب تطوير وتعزيز رأس المال البشري، أي النهوض بالإنسان وثقافته ليكون على مستوى التحدي المنشود من حيث التعليم العصري والقدرة على مواكبة التحدي في العصرية والحياة السياسية، وإبداء الرأي وأن يكون لديه أكبر عدد من المؤسسات الإنتاجية لأهم الصناعات، وبذلك تستطيع أن تتخطى المراحل التي عبرتها البلدان المتقدمة، وهنا ظهرت البلدان التي يعول عليها مثل الصين والهند فهما يملكان رصيداً عالمياً متقدما في مجال العلم والتكنولوجيا يؤهلهما أن يصبحا من الدول الرائدة في مواجهة العولمة، وكذلك اندونيسيا والبرازيل انضمتا إلى قائمة الدول المستوعبة للعولمة كمعلم حضاري أساسه العلم والتكنولوجيا، بينما العالم الثالث ودول الشرق الأوسط خارج نطاق الشبكة لا زال ساستهم في غمرة الأوهام والاعتماد على الآخرين، أما دول شرق آسيا وجنوبها فتصدت للعولمة وعمدت إلى زيادة ميزانياتها للبحث والتطوير في المجال العالمي، وبذلك تمتلك آسيا أسرع أسواق الاستهلاك نمواً وبذلك ستكون محور الاقتصاد العالمي وأن معظم الشركات متعددة الأغراض ستتجه إلى البلدان الصاعدة الصين والهند
لرخص الأيدي العاملة، وفي البرازيل وهنا تأخذ العولمة طابعاً غير عدلي وبفنون العولمة في الذهن بقوة آسيا الصاعدة في تغذية الأسواق العالمية وستتراجع أوروبا إلى الخلف وتبقى أمريكا في القيادة في مواجهة المنافسة وحدها ولم يقف التنافس في مجال التكنولوجيا بل واجهته الهيمنة الثقافية الأمريكية منافسة مع قدرات ثقافة جديدة نطاقها في إطار العولمة، وبدأت تظهر الهوية الثقافية لا سيما أعمق الأثر بفضل التداخل والتفاعل بين البلدان، وبدأت بعض بلدان آسيا تقليل عدد بعثات طلابها إلى أوروبا وأمريكا وإرسالهم إلى اليابان والصين، وظهرت هويات ثقافية جديدة بدأت تمثل ثقافات جديدة مثل مفتي البوب الكوريين والرسوم المتحركة اليابانية وسينما الكونج فو الصينية وملاحم بولي وود للرقص والأغاني الهندية التي تتأثر بها هولي وود عاصمة السينما الأمريكية، ويؤكد الخبراء أن العولمة ظاهرة متحركة وليست ثابتة شأنها شأن أي منظومة لها بداية ونهاية وتحكم حدتها عوامل فعالة داخل حركتها من الدول والمنظمات الحكومية، أما دول العالم الثالث فهي دول متلقية لما هو جدير وليس لها تكنولوجيا ولا ثقافة تنافس بها وظلت مكتوفة الأيدي منذ أن نالت استقلالها، ولم تقدم الحكومات لشعوبها أبسط مقومات الحياة، ولا زال إنسان العالم الثالث يعيش في جهل وفقر وحروب أهلية، والغرب ينظر للعالم الثالث نظرة تعجب بدل أن تقوم الحكومات بإنشاء البنية التحتية وإنشاء المعاهد العلمية للاستفادة من العلم الحديث وتسخير إمكانيات الدول لرفاهية المواطنين، أصبحت هذه الحكومات سماتها الفساد والسرقة ونهب ثروات البلاد وتجارة المخدرات والانقلابات العسكرية إحدى أكبر الكوارث في العالم الثالث.