عرض- أم بله النور
نزع الأراضي للصالح العام من الإجراءات المُتّبعة في السودان لصالح المنشآت الحكومية القومية الكبيرة، وتلجأ إليه الحكومات عند حوجتها لإنشاء سد أو طريق قومي أو مستشفى أو أيِّ مشروع حيوي واستراتيجي، وتتبع نظام التعويض العيني والمادي للمتضررين مع إنشاء مخططات سكنية لهم، مُشتملة كافة الخدمات الصحية والتعليمية، إلى جانب خدمات الكهرباء والمياه، إلا أنّ هناك إشكالات كبيرة تُواجه عمليات التعويض، متمثلة في إدخال فئات غير مستحقة أو عدم الرضاء بالتعويض الذي يُمنح للمتضررين، وفي أغلب الأحيان يُواجه أصحاب الأراضي تخاذل الحكومة وعدم الإيفاء بالتزامها تجاههم، وهذا ما حدث مع أصحاب الأراضي التي سيقام عليها مطار الخرطوم الجديد بأم درمان.
عقد رسمي
في العام 2007م، قرّرت حكومة السودان إنشاء مطار جديد بأم درمان، ووقع الاختيار على مناطق وقرى الجموعية جنوب أم درمان، وتم الجلوس مع أهالي تلك المنطقة والتي تحتوي على أكثر من (15) قرية، وتم إبرام عقد رسمي مع أصحاب الأراضي والذين توارثوها من أجدادهم وهي عبارة عن أراض زراعية “جروف” تُروى من النيل الأبيض عن طريق السواقي.
وتم الاتفاق على أن يُمنح أي صاحب أرض مبلغ (6) آلاف جنيه مقابل كل فدان يُقسّم على جزئين (50%) نقداً و(50%) عيناً في شكل قطعة سكنية مقابل كل فدان داخل مخطط سكني مع توفير كافة الخدمات، والمتمثلة في مساحة للمسجد قُدِّرت بـ(2300) متر مربع ومستشفى بمساحة (2400) متر مربع وسوق وموقف للسيارات، إلى جانب موقع لخدمات الكهرباء وأخرى للمياه، فضلاً عن مركز للشرطة والنيابة ومدارس أساسية وثانوية وملعب ونادٍ رياضي.
وقدّرت لجنة التعويضات أن المساحة المطلوبة عبارة عن (6856) قطعة سكنية تتراوح مساحتها ما بين (300) متر مربع و(750) متراً مربعاً، وأصدرت لجنة تنفيذ التعويضات قراراً بذلك مع إرفاق الخريطة للموقع بالرقم (166/ 2008م)، وتقع المنطقة جنوب شرق المطار وغرب قرية الحاجاب، وتم منح أصحاب الأراضي (كروتاً) للمتابعة والاستلام.
عدم الالتزام
وبعد أن استلم الأهالي، التعويض المادي وهو عبارة عن (50%) والبالغ قيمته (3) آلاف جنيه، وعند التعويض العيني، تماطلت مصلحة الأراضي وزارة التخطيط والتنمية العُمرانية في تنفيذ الشق الآخر من العقد، والقاضي بتسليم كل صاحب مِلك قطعة سكنية.
وقال المتحدث باسم المتضررين، مضوي إبراهيم، إنهم قاموا بمقابلة الجهات المسؤولة والمنوط بها تسليمهم الأراضي السكنية، إلا أن مصلحة الأراضي أفادتهم بأنها ليست طرفاً في العقد، كما أفادتهم وزارة التخطيط والتنمية العمرانية بضرورة تجديد قرار اللجنة القاضي بتسليمهم تلك الأراضي، وأضاف مضوي بأنّ القرار سارٍ ولا يحتاج إلى تجديد لأنهم قاموا بمقابلة كافة الجهات المحلية والولائية، وأكدت لهم ذلك، وكشف لـ(الصيحة)، عن بيع مُخطّطهم السكني للمُغتربين وبالعُملات الأجنبية، وقال إنّهم ظلُّوا يتابعون قضيتهم منذ أكثر من (12) عاماً دون أن يصلوا إلى أي حلول مع الوزارة أو الإدارة العامة للأراضي رغم سقوط النظام وتغيير الإدارات، وأضاف بأن الأراضي كانت زراعية ومصدر رزقهم، وإلى جانب خسارتهم لها أيضاً خسروا السواقي الزراعية التي غمرتها مياه النيل الأبيض، وأوضح أن الحكومة لم تشرع في تشييد المطار ولم تترك لهم الأراضي لإصلاحها ولا زراعتها!
تصعيد القضية
وهدّد المُتضرِّرون بتصعيد القضية وتنظيم وقفة احتجاجية أمام مكتب والي ولاية الخرطوم، وفي حالة عدم وجود حلٍّ سيلجأون إلى الاستيلاء على الأراضي مرة أخرى واعتبار المبلغ الممنوح لهم إيجاراً للسنوات التي مَضَت دون أن يتم إنشاء المطار وتعويضهم التعويض الكامل المُوضّح بالعقود التي يمتلكونها والممنوحة لهم من قِبل لجنة تنفيذ التعويضات والمُتمثلة في الجهات الرسمية وأصحاب الأراضي، إلى جانب رئيس اللجنة والذي أبدى استعداده لتمليك كافة المعلومات للجهات الحكومية حتى ينال أصحاب الحقوق حقهم.
وعبر (الصيحة)، يُناشدون، المجلس السيادي وولاية الخرطوم بحل قضيهم حقناً للدماء ومنعاً للنزاع.