وزير الشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح لـ (الصيحة) (1-2)
منهج مجمع الفقه الإسلامي وسطي ويحاربون معنا الغلو والتطرف
فتحنا باب الحريات الدينية ونعمل على تغيير نمطية الخطاب الديني
تجاوز تعدي الوزراء والولاة بالعهد البائد على ريع الأوقاف إلى أصل الوقف
نظام الإنقاذ هدم عدداً من الكنائس وصادر بعضها وغالبية كنائس الخرطوم غير مقننة
منهج الإخوان المسلمين الذين نتعامل معهم معتدل
حوار ــ أمل أبو القاسم
رغم أن تصريحات السيد وزير الشؤون الدينية والأوقاف الأستاذ ” نصر الدين مفرح” وإفاداته خلال اللقاءات الصحفية كثيراً ما تأتي صارخة أو صريحة تخلف لغطاً كثيفاً حولها، إلا أنه وخلال حواره مع (الصيحة) بدا مختلفاً أكثر وسطية ومنطقية لا تخلو من مصدافية وشفافية معهودة فيه، فتطرقنا معه لعدد من المحاور ذات الصلة بوزارته، فكان حاضراً يجاوب بثقة مستنداً إلى وقائع وموروثات شهدها خلال سنته هذه. أفضنا عليه من ما يلي الحكومة السابقة في عدد من المحاور فبدا عادلا في قوله، وأعطى كل ذي حق حقه. ثم طوفنا معه على عدد من قضايا الراهن التطبيع، العمرة والحج، رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، التمكين وغيره كثير من المحاور تطالعونها خلال هذا اللقاء.
*ما هي التحديات التي واجهتك أو أمور كنت تضع لها تصوّراً فوجدت خلاف ما تتصور؟
تحديات كبيرة وكثيرة، التحدي الأول تغيير نمطية الخطاب الديني الذي كان موجوداً، وقد كان مؤدلجاً لتنظيم محدد، وهو تنظيم النظام البائد، زائد التحدي الكبير في الخطاب الديني الموجود على مستوي المساجد وما كان عنده علاقة بالدولة والحكومة كان خطاباً متأخراً جدًا يغلب عليه الخطاب التأريخي القصصي لا يواكب المرحلة ولا متطلبات الحياة.
*كيف خطاب قصصي وتأريخي؟
بمعنى أنه يتحدث عن السيرة القديمة للتابعين والسلف غير مواكب للواقع، يعني لا يتحدثون عن البيئة ولا عن السلام ولا عن العلاقات الاجتماعية ولا علاقة الدين بالدولة، ولا الاهتمام بتكوين مؤسسات المجتمع وهكذا، أو يتحدث عن قضايا الخطاب وقضايا المرأة. يعني خطاباً متخلفاً، وهذه هي القضايا الحية التي من المفترض أن يتحدث عنها الإمام أو القسيس.
التحدي الثاني وهو تحدٍّ مهم يتعلق بالأوقاف الإسلامية والفساد الذي كان ظاهراً بها قبل أن نأتي للوزارة، وكان واضحاً جداً أن أغلب الأوقاف تم الاعتداء عليها وبكل أسف التعدي من الرؤساء والوزراء والولاة، وهو ليس تعدياً على الريع فقط بل حتى على وقف الأصل بكل أسف.
والتحدي الثالث كيف نستطيع أن نعمل إدارة حج وعمرة رشيقة وخفيفة تعتمد على العولمة والرقمنة في كل مراحلها، لأن المملكة العربية السعودية اتجهت لهذا الأمر، بعيداً عن الورق وبعيداً عن الشللية وبعيداً عن (أخوي واخوك) والتي تتعلق بالتمكين وغيره.
التحدي الرابع هو كثرة المنظومات والمؤسسات والاتحادات الدينية الموجودة على مستوى البلد، يعني تعدد المؤسسات الدينية خارج كابينة الوزارة كانت تشكل لي هاجساً، لذلك حديثي الآن مع رئيس الوزراء أن كل المؤسسات ذات الصبغة الدينية ينبغي أن تخرج من مؤسسة الشئون الدينية والأوقاف أو تكون منضوية تحت وزارة الشئون الدينية وليس تحت رئيس الجمهورية أو مجلس السيادة أو مفوضية العون الإنساني وغيرها.
بالتالي حرصت على معالجة ذلك، وحتى هذه اللحظة أفلحنا في أشياء كثيرة منها، لكن ما زال هناك الكثير، محتاجون نمشي فيه حتى نؤسس لدولة مجتمع مدني حقيقي.
*كثيرًا ما تتحدث عن سلبيات وجدتها في الوزارة، ألم تكن هنالك إيجابيات البتة؟
مؤكد، أن هنالك إيجابيات كثيرة جداً نحن وجدناها حتى لا نظلم السابقين، لأنه في النهاية هذه وزارة للشؤون الدينية، كان هناك كثير من العمل بالذات في مجمع الفقه الإسلامي وجدنا فيه كل الفتاوى التي كانت تطلع، رصدت في كتب لكن بكل أسف لم تجد حظها من النشر. كذلك من الإيجابيات وجدنا ان هنالك ورش تدريب كثيرة جداً انعقدت، لكن للأسف لم تتنزل لأرض الواقع، وجدنا تدريباً للعاملين والموظفين داخلياً وخارجياً، لكن أيضاً لم يجد حظه من التمكين في موسسات المجتمع ولم يجد حظه من التطبيق، لكن هم في النهاية كانوا شغالين (عبد المأمور).
كذلك قاموا بعمل منظمات دينية كثيرة، لكن بكل أسف كانت تشتغل لمصالح خاصة وهي كثيرة جداً مجالس واتحادات ومنظمات ومبادرات، لكن المجتمع لم يجد منها ما هو بحجم المؤسسات.
*كيف تمكنت من توظيف هذه الإيجابيات بعد أن وجدت أنها لم تجد وضعها الطبيعي؟
أولاً، قضينا على أي مؤسسة كانت ذات صبغة سياسية كل المجالس والمبادرات والاتحادات التي كانت تعمل لصالح التنظيم عملنا إلغاء لكل منشأة بقانون ألغينا قانونها والتي كانت منشأة بقرارات ألغينا القرارات وتركنا المؤسسات التي كانت تتفاعل وحية وليس لها تضارب مع أي مؤسسة دينية أخرى، وخليناها تمشي بذات الأهداف التي وضعت لها وأجرينا تغييراً على مستوى السياسات وعلى مستوى مؤسساتها في الناس الفوق بالذات فيما يتعلق بالإدارات التي تٌعيّن تعييناً سياسياً، وهذه أيضاً جعلناها تمشي في إطار التنوع الحاصل في مؤسساتنا الدينية سواء أكانت أنصار سنة أو إخوان مسلمين، كل شخص يجد نفسه في مؤسسته الدينية.
*هل تم عمل على إزالة التمكين؟
طبعاً، الوزير ما عنده دخل في الحاجة هذه، لكن وكيل الوزارة بوصفه الرجل التنفيذي الأول..
ــ مقاطعة.. ل الوكيل تعيين جديد؟
غيّرنا كل الإدارات الفوق الذي وظف توظيفاً سياسياً، والوكيل هو رجل خدمة مدنية أبعده النظام السابق في التسعينات بسبب التمكين.
عمل هؤلاء لجنة لإزالة التمكين بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف مع اللجنة، وبدأت عملها. وقد حرصنا أن تكون اللجنة من الخبراء في الخدمة المدنية في المحاسبة والإدارة والشؤون القانونية بعدها رفعوا كشوفاتهم، ومن بينها طلع قرار لمجمع الفقه ومن طلع فيهم قرار سواء في الحج والعمرة أو سواء كان في مجمع الفقه الإسلامي أود أن يعلم الناس أنهم مخالفون لنظام الخدمة المدنية للتوظيف وليس بسبب أنهم مؤتمر وطني، بل أي شخص مؤتمر وطني جاء عن طريق الخدمة المدنية قاعدين معي، وأنا أؤكد لك الآن معي ناس مؤتمر وطني وحركة إسلامية أتوا عن طريق الخدمة المدنية وهم أكفأ الناس.
بوصفنا وزارة قيم كنا حريصين أن هذه الأشياء تمشي بالعدالة زي ما قالت الثورة.
وهنالك قرار سيصدر على كابينة الوزارة لأنهم داخلين بسبب التوصيات وسبب التمكين بينهم من دخل بالخامسة وآخرون بالثالثة.
*الملاحظ أنه في عدد من الوزارات لما يبعدوا مجموعة بموجب إزالة التمكين يستعيضون عنهم بآخرين أقصتهم الحكومة الفائتة، هل هي ترضية لهم وجبر ضرر؟ أم ترون أنهم أناس قد يكونوا فاعلين؟
أساساً صدر قرار من مجلس الوزراء بإعادة الذين تم فصلهم تعسفياً وهم حوالي 200 شخص بسبب إزالة التمكين.
ــ مقاطعة.. بالمقابل أنت ستُشرّد آخرين؟
هؤلاء الذين تتم إعادتهم أصلا دخلوا بالخدمة المدنية حصل ليهم عملية تطهير من المؤسسات، والآن الذين ينتوي إبعادهم لأنهم دخلوا بسبب التمكين، وأغلب من أبعد نزل المعاش، وهؤلاء جبر ضرر بالنسبة لهم وجبر لخواطرهم. أما الذين أعيدوا وهم ما زالوا في سن الخدمة بعدهم رجع والبعض الآخر وجد أنه يعمل في وظيفة أحسن وكثير منهم ترك حقوقه للدولة والبقية بدأت البحث عن حقوقها.
كذلك أود أن يعلم أن أي شحص يعاد إلا بقرار سياسي في المؤسسات السيادية فقط، فهناك أماكن بمراسيم جمهورية هؤلاء يكون فاضلوا بينهم يعني أنت ما بتجيب زولك في الحرية والتغيير أو المؤسسات ولجنة الوزارة المعنية بتخديم الناس بكون عندهم ثلاثة خيارات بالسيدهات يسلم لرئيس الوزراء وبدوره يختار من بين السيدهات الثلاث أكفأهم ثم يعين.
وفيما يلي وزارتي الشخص الوحيد الذي كان أبعده نظام التمكين وإعاده نظام التطهير وأعيد للخدمة في 2010م تقريباً مشى وزارة المالية في جنوب دارفور ونحن انتدبناه من هناك، لكن هو سنين عدة كان خارج الخدمة لأنهم شالوه بسبب التمكين لكن حتى الآن ما أحضرنا شخصاً من خارج وزارتنا.
*هنالك حديث يتردد بأن الحكومة الانتقالية تمارس نفس تمكين النظام السابق ومحاصصته أو أشد. يمكنك أن تدافع عن وزارتك أو تتحدث بصورة عامة؟
دعيني أتحدث عن وزارتنا وعن الحكومة ككل، أنا افتكر أنه ما عندهم الحق في أنهم يعينوا، لأن التعيين أصلاً واقف بقرار من رئيس الوزراء، والانتداب والفصل التعسفي والمسائل هذه كلها بقرار من مجلس الوزراء، كل التعيينات التي تمت افتكر اتبعت فيها المنهجية التي يفترض أن تكون موضوعة، وهي الكفاءة والسيدهات وغيرها، وترفع لرئيس الوزراء فقط في الوظائف السيادية التي يتعين فيها بمراسيم، أما الوظائف الشخصية سواقك، سكرتيرك، مدير مكتبك، هؤلاء من حقك أن تأتي بهم بحرية تامة، لأن هذا ليس تعييناً بالخدمة المدنية المعروفة. كل أحد يكون عنده الناس الذين يثق فيهم، فهذه مؤسسات دولة لا آتي لها بأي شخص لابد تتوفر فيه الأمانة، لذا سميت بالوظائف الشخصية، لكن مؤسسات الخدمة المدنية لا يفترض أن يحضر أي شخص آخر ليعينه وحتى اللحظة الدولة لم تفتح باب الخدمة المدنية.
*خلفت الحكومة أو الوزارة نظاماً عُرف بالواجهة الإسلامية إلى أي مدى ساهمت في تغيير هذه الصورة؟
أولاً، نحن كدولة وجدنا أنفسنا ضمن الدول المدرجة في قائمة الإرهاب نحن نمثل جزءاً أساسياً في هذا العمق، وفيما يتعلق بالحريات الدينية والخطاب المتطرف، وما يتعلق بحقوق الإنسان، وفي هذا المجال عملنا اختراقات كبيرة، وأول أعمالنا فتحنا باب الحريات الدينية كل أحد عنده دين يمارس الشعائر التعبدية بحرية تامة. أيضاً نحن كل ما يصادم وكل خطاب يصادم العرف العام أو الشرع العام لأدب الأختلاف والتعايش نحن قدرنا نسيطر عليه باللوائح الداخلية والقوانين العامة، لذلك أي خطاب عنصري أو خطاب إرهاب يجرم صاحبه، وذلك وفق التعديل الذي أجريناه على القانون الجنائي مع مولانا “نصر الدين” في وزارة العدل أن أي إنسان يمارس خطاب عنصرية أو فتنة أو خطاب إرهاب أو يكفر أو يفسق الناس يحاكم بعشر سنوات سجن. لكن من حقك ممارسة شعائرك التعبدية على أن تنتهي حريتك عند حرية الآخرين. ليس هناك النقد البناء وتلاقح الفكر وهذه المسائل مبثوثة وموجودة والنقد البناء موجود بين الناس لكن أي حاجة غير هذا لا تقبل لأنها تعمل فتنة كبيرة.
زائد الحريات الدينية لإخواننا المسيحيين والمنابر مفتوحة بالنسبة للناس والتنوع الديني في البلاد. من جانبنا أفلحنا في هذه الناحية ودونك القرارات من الإدارة الأمريكية ممثلة في وزارة الخارجية أن هنالك أكثر من قرار بخصوصنا وأن الصورة الذهنية وضحت لديهم وخرجنا من الدول ذات القلق الـ( 25) وبقينا في برج المراقبة وهذه كنا فيها لخمس وعشرين سنة وبذا استطعنا في أقل من سنة أن نخرج من هذه القائمة.
*برأيك ألم تكن هنالك حريات دينية في النظام السابق؟
لم تكن هناك حريات دينية، أول حاجة النظام هدم الكنائس وصادر أخرى، هذا إلى جانب أن أغلب الكنائس في ولاية الخرطوم غير مقننة وليست لها شهادات بحث بعكس المساجد ودور العبادة والخلاوى التي لديها شهادات بحث، “مش كدا وبس” بخلاف المسيحيين حتى أي زول كان بعمل خطاب تضاد ضد الحكومة كان يعذب ويهان ويذل ويجلد ويعتقل سنين عددا، فضلاً عن العنف الذي كان يمارس على الأئمة والدعاة والذين كانوا يصدعون بالحق للحكومة ويناصحونها من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أغلبهم جُلدوا وعذبوا وسجنوا.
*اتفقنا أم اختلفنا مع الحركة الإسلامية أعتقد أنها كانت معتدلة إلى حد بعكس واجهات دينية أخرى متطرفة. ما رأيك ؟
لابد أن نفرق بين مؤسسات الجماعات الإسلامية التي بها الإخوان المسلمون والحركة الإسلامية (المؤتمر الشعبي) والحركة الإسلامية (المؤتمر الوطني)، الإخوان المسلمون الذين نحن نتعامل معهم في هذه الدولة منهجهم معتدل جداً وهادئون جداً، ثم وعلى مستوى السودان والدين ممثلين في مجمع الفقه الإسلامي منتهجين النهج الوسطي المعتدل يحاربون معنا الغلو والتطرف.
أما الحركات الإسلامية الكثيرة التي كانت تحكم البلد بكل تفاصيلها سواء أكانت السنوات العشر الأولى أو العشرون سنة الثانية. فحقبة الثلاثين سنة هذه شهدت خطاباً غير معتدل، كما شهدت حروباً بتحويلها من حرب أهلية مطلبية إلى حرب دينية ما بين كفار ومسلمين ودونك جنوب السودان، ودونك الخطاب العنصري الذي كان في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، وفي هذه الحرب كانوا يعبئون الناس تعبئة كبيرة جداً للخارجين عن الملة والخارجين على القانون وأن ناس جنوب السودان كفار ومن يقتلهم يدخل الجنة ويتزوج من الحور العين.
*أيعقل أن هناك حديثاً مثل هذا الحديث؟
وساحات الفداء دي كان شغالة شنو. ألم تسمعي أن الشهداء كان يعملوا ليهم عرس الشهيد.