ترجمة: إنصاف العوض
أكدت “صحيفة واشنطن بوست” مضي إدارة ترامب في إنهاء رفع اسم السودان عن قائمة الإرهاب كونه إضافة حقيقية لخطة السلام في الشرق الوسط وفوز دبلوماسي إضافي لإدارة ترامب واستنساخ لنموذج التحول الدويمقراطي السلمي في منطقة القرن الأفريقي، وقالت الصحيفة إن الأهم من ذلك سيكون القرار خروجاً صارخًا عن نهج الإدارة القائم على اللامبالاة في دعم الديمقراطية ودحض الرواية القائلة بأنها تفضل الاستقرار على الديمقراطية.
إغاثة سياسية
وأضافت الصحيفة، لا يزال التحول الديمقراطي الذي يحاول السياسيون المدنيون مثل حمدوك توجيهه محفوفًا بالمخاطر، لأسباب ليس أقلها سلسلة من الأزمات الجديدة التي ابتليت بها دولة مزقتها الحرب بالفعل، يأتي الشطب في لحظة حاسمة من الضعف الاقتصادي للسودان في وقت ارتفع فيه معدل التضخم إلى أكثر من 200 في المائة، وهناك نقص في المواد الأساسية بما في ذلك القمح والغاز. في بعض الحالات، تمتد الطوابير في متاجر المواد الغذائية ومحطات الوقود لأميال. وفي الوقت نفسه، أدت أسوأ فيضانات منذ قرن إلى تشريد أكثر من نصف مليون شخص وتدمير موسم الحصاد، وأدت عمليات إغلاق الحدود المرتبطة بالأوبئة إلى انخفاض الصادرات بشكل كبير وزيادة البطالة .
ويتحسر الخبراء في واشنطن على عدم اهتمام إدارة ترامب بالتحول الديمقراطي الأعمق في السودان، وفقًا لروبي جرامر من مجلة فورين بوليسي، فقد تم استبعاد الدبلوماسيين والمسؤولين المحترفين في مكتب إفريقيا التابع لوزارة الخارجية من المفاوضات، حيث ضغط البيت الأبيض وحلفاؤه على السودانيين المترددين بشأن إسرائيل.
وقال زاك فيرتين، الزميل غير المقيم في معهد بروكينغز للصحيفة: كان ينبغي على واشنطن أن تقدم بالفعل نوع الإغاثة السياسية والاقتصادية اللازمة لنجاح التحول الانتقالي في السودان. وبدلاً من ذلك عملت إدارة ترامب على ابتزاز ديمقراطية هشة لخدمة أهدافها السياسية الداخلية.
أمريكا أولاً
ووفقاً للصحيفة الأمريكية، يبدو الانفتاح الجديد للرئيس ترامب مع السودان وكأنه انتصار دبلوماسي. وأعلن أن إدارته ستزيل الدولة الأفريقية من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، حيث يعاني السودان منذ 27 عامًا. إن الرفع من القائمة يعد بلا شك أنباء سارة للسودان – فقد منع التصنيف حكومته من التعاملات الدولارية الدولية، وقيّد قدرتها على تدبير الاستثمار الأجنبي والمساعدات والقروض.
في غضون ذلك، حقق ترامب الآن انتصارًا آخر على طراز أمريكا أولاً الذي يروج له في المناظرة الرئاسية اليوم. وكجزء من اتفاق البيت الأبيض مع الخرطوم، سيدفع السودان حوالي 335 مليون دولار كتعويض لأسر الضحايا الأمريكيين للهجمات الإرهابية التي استهدفت سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998 والمدمرة الأمريكية كول عام 2000. السودان، في ذلك الوقت، لعبت دورًا في استضافة شبكات متشددة مرتبطة بالقاعدة. وأكد محافظ بنك السودان المركزي أن تلك الأموال قد تم تحويلها بالفعل وتنتظر الصرف.
سيناريوهات قضائية
رحب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بإلغاء التصنيف كجزء من انتقال البلاد نحو الديمقراطية والتخلص من الإرث الديكتاتوري للرئيس السوداني المخلوع عمر البشير. أدى انقلاب عسكري في أبريل2019 إلى خروج البشير من السلطة بعد شهور من الاحتجاجات الجماهيرية ضد نظامه.
خلال عطلة نهاية الأسبوع، استضافت السلطات السودانية وفداً من المحكمة الجنائية الدولية والمدعية العامة لها، فاتو بنسودة، حيث ناقشا السيناريوهات التي يمكن أن يحاكم فيها البشير بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. ومن المفارقات أن إدارة ترامب فرضت مؤخرًا عقوبات على بنسودة والمحكمة الجنائية الدولية – وهي نزاع آخر مع منظمة دولية.
جائزة أمريكية
لكن بالنسبة للبيت الأبيض، هناك جائزة مختلفة تمامًا في الاعتبار. يتوقع ترامب وحلفاؤه أن يؤدي تحسن العلاقات مع السودان بالخرطوم في النهاية إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وعلى مدى أشهر، تجادل الدبلوماسيون على انفراد بشأن متى وكيف يمكن للسودان الانضمام إلى حفنة من الدول العربية التي أقامت اتصالات رسمية مع الإسرائيليين. ولعبت إحدى تلك الدول، وهي دولة الإمارات العربية المتحدة، دورًا كبيرًا في المساعدة على التوسط في التقارب بين الخرطوم وواشنطن وفي اصطحاب السودانيين على طريق التطبيع.
إن رمزية مثل هذه الخطوة لا مفر منها. في عام 1967 ، استضافت الخرطوم كبار الشخصيات في جامعة الدول العربية الذين أعلنوا في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية، قرار اللاءات الثلاثة أي لا سلام مع إسرائيل، ولا اعتراف بإسرائيل ولا مفاوضات مع إسرائيل. تغير الوضع على مدى عقود، لكن السودان ظل معارضًا واضحًا وقدم الدعم للجماعات المسلحة التي تعمل ضدها.